| سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:10 am | |
| اخواني اخواتي هذا كتاب للغايه جميل ومفيد لمن يود الأطلاع على سيرة سمو سيدي امير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح سبق وقرأته في جريدة الوطن الكويتيه وقد استمعت به كثيرا واستفدت مما يحتويه هذا الكتاب من سيره طيبه وجمالية النقل الصوره للقارئ ليجد المتعه الجمه اضع هذه التحفه بين ايديكم وارجو الاستفاده لكم ولي الكتاب
لمسة وفاء في حق صاحب الوفاء الحاكم «الوالد» الإنسان .. ومن منا لا يعرفه؟ الحاكم «الوالد» الانسان.. من منا لا يعرفه.. انه جابر الأحمد.. الذي مهما ملئت الصفحات حبراً لن توفيه حقه.. ومهما دارت المطابع لن تكفي لسرد تفاصيل انسانيته ومسيرة عمله في حب الكويت وأهلها والتفاني للصعود بالكويت إلى هامات العلا. وبمناسبة مرور خمسة وعشرين عاما على تولي سموه مقاليد الحكم في البلاد، صدر مؤخراً كتاب (الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح.. الحاكم «الوالد» الإنسان). وقال الشيخ ناصر محمد الأحمد الصباح وزيرشؤون الديوان الأميري ان هذا الكتاب عبارة عن موسوعة شاملة عن حياة حضرة صاحب السمو الأمير، وسجل حافل بالانجازات الكبيرة لسموه والعطاء المتواصل من أجل الكويت. ولقد تولى سمو أمير البلاد أمانة المسؤولية منذ العام 1949 عندما اختير رئيسا للأمن العام ونائباً للأمير في الأحمدي، فرئيسا لدائرة المالية ثم وزيرا للمالية والاقتصاد، ثم بويع سموه ولياً للعهد ورئيساً للوزراء، وبعد ذلك تولى حضرة صاحب السمو امارة البلاد في الحادي والثلاثين من ديسمبر .1977 أنها رحلة 55 عاماً من العطاء الرسمي المتواصل، وعمر مديد بإذن الله قضاه سموه في حب الكويت والعطاء المتفاني لها. وشمل الكتاب في فصله الأول «الطريق إلى الحكم» تطرقاً إلى سنوات الاعداد والتأهيل والبدايات في العمل الحكومي ثم مرحلة ولاية العهد ورئاسة الوزراء. وفي فصله الثاني، «الشيخ جابر الأحمد أميراً وحاكماً» تتطرق المباحث إلى المبايعة ركناً أساسياً في نظام الحكم ورسالة إلى الشعب والحكومة والمؤسسات والتقاء بالشعب وفعاليات المجتمع. وفي فصله الثالث «الاتجاهات الفكرية للشيخ جابر الأحمد» تناولت المباحث الثلاثة الفكر المجتمعي والاقتصادي والسياسي والديموقراطي والمنهج المؤسسي والمنهج الاداري. وأفرد الفصل الرابع لـ «الشيخ جابر في مواجهة العدوان والاحتلال العراقي»، وتناولت مباحث هذا الفصل دعم الجبهة الوطنية والجهود على الساحة العربية والاسلامية والتحركات الدولية. وعرض الكتاب لشجرة الأسرة الحاكمة من الذكور والمراسيم الأميرية وكلمات وشهادات وقوانين ومراسيم وصور تمثل رحلة الحاكم الوالد الانسان. وعود على بدء، فكما قلنا مهما بذلت الجهود لن توفي صاحب السمو حقه.. لكنها جهود يجب أن تبذل للتاريخ.. وللوفاء الذي هو سمة الكويت وأهلها حكاماً ومحكومين. ويستحق الشكر والتقدير كل من بذل جهداً في هذا الكتاب الموسوعة بدءاً من معّده عبدالله غلوم الصالح وبهاء عبدالقادر الابراهيم وللمشرف ابراهيم محمد الشطي وعن مراجعي الكتاب بدر خالد البدر ود.يعقوب يوسف الغنيم وعبدالعزيز أحمد البحر وحمزة عباس حسين وفيصل منصور المزيدي وخالد أبو السعود.
سمو الأمير.. رفض وضع صورته على ورق النقد وعزف عن الالقاب
تواصل «الوطن» نشر الكتاب الموسوعي «الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح.. الحاكم.. الوالد.. الإنسان» على حلقات حيث تضيء حلقة اليوم بداية تولي أسرة آل الصباح للحكم ثم تنتقل الى حياة سمو أمير البلاد فترصد نشأته منذ الصغر وحتى توليه الحكم، وذلك من خلال آراء مجايليه الذين كان لهم شرف مزاملة سموه في الدراسة وفي الوظائف التي شغلها بعد ذلك. وتعكس تلك الآراء الملامح الشخصية لسمو الأمير كما تعكس الصفات التي نشأ عليها، وبوادر السمات القيادية التي طبعت شخصية سموه منذ الصغر وصولا الى توليه سدة القيادة ومباشرته النهوض بالكويت على كل الصعد لتصبح منارة يشار لها بالبنان. وفيما يلي الحلقة الثانية من الكتاب:
الكويت دولة شابة فتية، يشكل عنصر الشباب بين سكانها حوالي 44%، نشأت عام 1613م، في الركن الشمالي الغربي للخليج العربي. وهي على هيئة مثلث، يتصل ضلعه الشمالي الغربي بالعراق، وضلعه الجنوبي بالمملكة العربية السعودية، وضلعه الشرقي متصل بشاطىء الخليج العربي، ومناخها بوجه عام صحراوي قاري، حار صيفا وبارد شتاء، وكان لهذا الموقع الاستراتيجي ـ بلا شك ـ دور أساسي في اتصال الكويتيين بالعالم الخارجي والاحتكاك بالحضارات الاخرى منذ القدم. وقد تمكنت اسرة آل الصباح منذ ان تولت الحكم في هذا البلد ان تقيم نظاما سياسيا مستقرا، مكّن الكويتيين ان ينعموا في ظله بالامان وينطلقوا في نشاطاتهم الاقتصادية والتجارية البحرية منها والبرية عبر بلاد فارس، وبلاد ما بين النهرين، وشرقي الجزيرة العربية ووسطها، وبلاد الشام وأوروبا . وكذا الوصول الى الهند وشرقي افريقيا، وذلك على ظهر سفن شراعية صنعتها سواعد كويتية، او قوافل تجارية يقودها كويتيون عبر الصحراء. لقد تعددت آراء المؤرخين حول بداية نزوح آل الصباح الى الكويت، لكن رسالة الشيخ مبارك الصباح الى المقيم السياسي البريطاني في الخليج، حول مسألة الحدود الكويتية، كانت واضحة، حيث جاء فيها بين امور اخرى: ... الكويت ارض قفراء نزلها جدنا صباح عام 1022هـ، هذا التاريخ يؤكد ان استقرار آل الصباح في الكويت يعود الى عام 1613م، وان الجد الاكبر للاسرة ومن أتى بعده من ابنائه كان لهم دور في الشأن الكويتي بعد هذا التاريخ حتى عام 1170هـ الموافق 1756م، حين وقع اختيار اهل الكويت على الشيخ صباح بن جابر (صباح الاول) المتوفى في عام 1176هـ الموافق 1763م، ليدير شؤون البلاد لرجاحة عقله وفكره، وشجاعته في قول كلمة الحق، وتميزه بصفات حميدة، ونزاهة وعدل متناهيين. ومنذ ذلك التاريخ البعيد والعلاقة بين الكويتيين وحكامهم تتسم دوما بالانفتاح والتشاور والتعاون وعلاقة الوجه للوجه. فالشيخ صباح بن جابر ومن أتى بعده من ابنائه واحفاده، كان حكمهم قائما على الشورى وتبادل الرأي في المهم والعاجل من امور الدولة والرعية. فلم يكن الشيخ عبدالله بن صباح (1177 هـ ـ 1228هـ) الموافق (1763م ـ 1813م) يبت في امر او يتخذ قرارا ما لم يقطع مرحلة من التشاور والحوار مع ابناء شعبه. وهذا ما سار عليه الشيخ جابر بن عبدالله (1228هـ ـ 1276هـ) الموافق (1813م ـ 1859م) والشيخ صباح بن جابر بن عبدالله (1276هـ ـ 1283هـ) الموافق (1859م ـ 1866م) والشيخ عبدالله بن صباح (1283هـ ـ 1311هـ) الموافق (1866م ـ 1893م) والشيخ محمد بن صباح (1311 هـ ـ 1314هـ) الموافق (1893م ـ 1896م). وهنا يجب الا تصيبنا الدهشة حين نقف على ماكتبه بعض الرحالة، ومن مروا بالكويت، او قاموا بزيارتها حيث سجلوا انطباعاتهم عنها مستخدمين اسم جمهورية الكويت للدلالة على طبيعة النظام السياسي الذي كان سائدا في ذلك العهد.، والذي تأصل وتجذر من خلال احكام دستور الكويت لعام 1962م. وتأكيدا لهذا فان ما دونه، وعبر عنه مدحت باشا والي بغداد الذي زار الكويت عام 1289هـ الموافق عام 1872م يؤكد هذه الحقيقة. فقد ذكر من بين امور عديدة، بان اهل الكويت تعودوا حياة الشورى وتبادل الرأي والمشاركة الشعبية للحاكم فيما يحقق مصلحتهم وهم بذلك شبه جمهورية. اما المقيم البريطاني في الخليج لويس بللي ج. الذي زار الكويت عام 1282هـ الموافق عام 1865م، فقد وصف حاكمها الشيخ صباح بن جابر بن عبدالله بانه يدير امور البلاد بروح الاب تجاه ابنائه، فهو يتولى الحكم والسلطة التنفيذية والى جواره القاضي يباشر مهامه باستقلالية وكان لا يأنف من النزول على حكم القاضي اذا خالفه فيما ذهب اليه. من جانب آخر، نجد هذه التسمية ايضا في الخريطة التي رسمها العالم الالماني كارل رايتر K.Writer للجزيرة العربية عام 1234 هـ الموافق عام 1818م، والخريطة التي رسمها العالم الانجليزي الكسندر جونستون E.Jonston في الاطلس الكبير الذي صدر في ادنبره عام 1291 هـ الموافق عام 1874م. وكان لتولي الشيخ مبارك الصباح (مبارك الكبير) الحكم (1314هـ ـ 1334 هـ) الموافق (1896 م ـ 1915م) نقطة تحول في تاريخ الكويت الحديث فقد استطاع بدرجة عالية من الذكاء ان يحمي الكويت من المطامع الاقليمية والدولية التي اشتدت في عهده، وان يحقق للكويت شخصية اقليمية ودولية مميزة ومتوازنة،. ففي الوقت الذي تمكن فيه من التصدي للاطماع الاجنبية، ومقاومة الضغوط العثمانية، والحفاظ على الكيان السياسي والجغرافي في الكويت، وخاصة على حدودها الشمالية، كانت مواقفه الداعمة للحق العربي، ومساعدته للاشقاء امام اية محنة دليلا اكبر على ان الكويت في عهده استطاعت ان تلعب دورا ملحوظا في السياسة الاقليمية والدولية. وقد يتساءل البعض: اذن، لماذا لجأ الشيخ مبارك الصباح الى ابرام معاهدة حماية مع الحكومة البريطانية في 23 يناير عام 1899م. ويأتي الجواب سريعا وصريحا، بان الشيخ مبارك الصباح والكويتيين جميعا لم يكونوا مطمئنين لتحركات الدولة العثمانية على حدودهم الشمالية وبالتالي فان الاطماع العثمانية في ابتلاع بلدهم كانت واضحة للعيان. هذه المخاوف اكدتها فيما بعد الممارسات العدائية للدولة العثمانية باثارة المشاكل والصراعات المسلحة المتكررة على الحدود الكويتية الشمالية والجنوبية حتى جاءت اتفاقية 1913م لتضع حدا لتلك الاطماع العثمانية الجامحة، هذه الاتفاقية كانت واحدة من الوثائق التي تم تداولها في مناقشات لجنة الامم المتحدة لترسيم الحدود الكويتية ـ العراقية، والتي شكلت مع غيرها من الاتفاقيات الحدودية التي أبرمت مع الحكومة العراقية قرار مجلس الامن الدولي رقم 687 الصادر في مطلع ابريل عام 1991م بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة. ان اهتمام الشيخ مبارك الصباح لم ينصب على الشؤون الخارجية للدولة فحسب، بل ان الشؤون الداخلية كان لها الصدارة في اولوياته، وعلى رأسها شؤون الحكم، حيث حصر رئاسة الدولة في ذريته (المادة الرابعة من دستور الكويت) وذلك حرصا منه على ان يظل رئيس الدولة ابا لابناء هذا الوطن جميعا. وعليه، فقد جاء من بعده الشيخ جابر المبارك الصباح (1334هـ ـ 1336 هـ) الموافق (1915م ـ 1917م)، فالشيخ سالم المبارك الصباح (1336هـ ـ 1340هـ) الموافق (1917م ـ 1921م)، ومن بعدهما الشيخ أحمد الجابر الصباح (1340هـ ـ 1370هـ) الموافق (1921م ـ 1950م) الذي كان له دور مميز في معالجة علاقات الجوار بحكمة متناهية من خلال مؤتمر «العقير» واهل البلاد للدخول في مرحلة دولة المؤسسات، ليأتي الشيخ عبدالله السالم الصباح (1370هـ ـ 1385 هـ) الموافق (1950 م ـ 1965م) فيقود المسيرة الديمقراطية باصدار دستور الكويت عام 1962م، وقيام حياة نيابية متمثلة في مجلس الامة الكويتي عام 1963م. هذه هي المسيرة الخيرة التي قادها فيما بعد الشيخ صباح السالم الصباح (1385هـ ـ 1397هـ) الموافق (1965م ـ 1977م) ليسلمها امانة وطنية للشيخ جابر الاحمد في 21 ذو الحجة 1397 هـ الموافق 31 ديسمبر عام 1977م. حتى وقتنا الحاضر. وهكذا تتواصل الجهود الطيبة التي قام بها حكام الكويت وشعب الكويت لتأصيل هذه التجربة الديمقراطية الشوروية. وما تلاحم الاسرة الكويتية الواحدة وتضامنها المنقطع النظير سوى شاهد على ذلك. فقد وقف الكويتيون جميعا ـ رجالا ونساء ـ وقفة رجل واحد ابان محنة الغزو والاحتلال العراقي للكويت.. رافضين الاحتلال.. معلنين المقاومة والعصيان المدني. واقفين خلف قيادتهم الشرعية وعلى رأسها الامير الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح، يساعده ويؤازره في حمل الامانة ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح. هذه الوقفة التي أذهلت العدو واثارت اعجاب الدنيا كلها.. وقفة كشفت عن اصالة معدن الشعب الكويتي وتلاحمه مع قيادته واصرارهما على تحرير الكويت مهما كان الثمن باهظا والطريق طويلا.. وكان لهما ما ارادا فحمدا لله على نعمة الحرية والتحرير، وشكرا لكل من آزر وساند الحق الكويتي ولو بكلمة طيبة. الطريق الى الحكم
«ان الايدي خلقت لتعمل. فان لم تجد في الطاعة عملا التمست في المعصية اعمالا، فاشغلها بالطاعة قبل ان تشغلك بالمعصية». عمر بن الخطاب
مهما اختلفت مراحل الزمن وتباينت انظمة الحكم في المجتمعات البشرية، فان الطريق الى الحكم ـ في جميع الاحوال ـ ليس مفروشا بالزهور لكن بصورة عامة نستطيع القول بان القادة والزعماء يلعبون دورا اساسيا في حياة شعوبهم وتقدم مجتمعاتهم، فالذكاء الشديد، ونفاذ البصيرة وحسن الادراك يجعل من هو مهيأ للحكم قائدا وزعيما قبل ان يتولى زمام السلطة والحكم، وحين يدركها تكون نتائج ابداعاته في تقنين القوانين والانظمة الاجتماعية والاقتصادية قد أتت بثمارها. وما عليه الا ان يتابع تنميتها وتطويرها نحو الافضل والاحسن. وفي هذا يقول بعض المفكرين المحدثين من علماء النفس والاجتماع امثال ماكدوجل Mac Dogal الانجليزي وتارد Tard الفرنسي ان سبب تطور المجتمعات يرجع الى اعمال القادة والزعماء في ابتداع نظام جديد، يهديهم اليها ذكاؤهم ونفاذ بصيرتهم، ومن ادراكه لما ينبغي ان تكون عليه مجتمعاتهم ويتفانون في العمل على نشر نظمهم فيحاكيهم جماعة من الشعب، ويحاكي هذه الجماعة جماعة اخرى هكذا دواليك حتى تصبح اراؤهم نظما مستقرة، وتختفي امامها النظم القديمة. من جهة اخرى، فإن سمات القيادة الصانعة للتاريخ تتجلى في اولئك النفر من الرجال القادرين على تنشيط القوى المنتجة في المجتمع من اجل الاسراع في تغيير الانظمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لتواكب الحداثة وقوى الانتاج، وتزيل العقبات التي قد تحدث فيما بينها، او تحول دونها. فالقائد الذكي النافذ البصيرة هو من يسعى دوماً الى وضع المصلحة العامة فوق المصالح الخاصة، فيتقمص روح الامة، ويعمل على تفجير الطاقات الكامنة في شعبه لغرض تحقيق درجة اسمى في التطور والرقي الحضاري. وهنا يقول فيلسوف التاريخ هيجل: «.... ان التجربة التاريخية هي تجربة الافراد الذين يرتفعون فوق مستوى المصلحة الخاصة، ولا تعيد اعمالهم الانماط القديمة، ولكنها تخلق اشكالاً جديدة للحياة، وهم صناع التاريخ، انبثقت اعمالهم من مصالحهم الخاصة، ولكنها تطابقت مع المصلحة العامة، لان المصلحة العامة تسمو وتتفوق على المصلحة الخاصة، وهكذا سيطروا ووجهوا الخط العام لمسيرة التاريخ...». ولم يكن الشيخ جابر الاحمد الا واحداً من اولئك الرجال الذين تميزوا بصفات انسانية جمة، وسمات وملامح قيادية مبكرة، وذكاء ونفاذ بصيرة وحسن دراية، وادراك لاستشراف المستقبل، ساهم ـ كما سنرى ـ في بناء الدولة والمجتمع الجديد في الكويت، وبالتالي هو واحد من رموز صناع تاريخ هذا الاقليم وهذه الامة، والذي استطاع بحركته الدؤوبة والمتواصلة تنشيط القوى المنتجة في المجتمع الكويتي، والدفع بالشباب الى الخارج للتزود بسلاح العلم والمعرفة، ليصبح هؤلاء جميعاً ـ وفي فترة زمنية قياسية ـ اداة تغيير اجتماعي واقتصادي وسياسي، نقلت المجتمع الكويتي من حالة البساطة الى الحداثة. لم يكتف الرجل بهذا القدر من الحركة والنشاط في اتجاه الخط العام لمسيرة تاريخ الكويت الحديث، بل انطلق من مصالحه الخاصة، وسخرها ادوات تساند وتدعم المصلحة العامة التي جند كل طاقاتها وامكاناتها من اجل البناء وخدمة الدولة والمجتمع الجديد، وهذا ما جعل مسيرة عمله وانجازاته منذ عام 1949 ركناً اساسياً في سجل الكويت، شكلت في مجملها منعطفاً تاريخياً، ونقلة نوعية في حياة الكويتيين، كما كانت الحال بالنسبة لعهد والده المغفور له الامير الراحل الشيخ احمد الجابر الصباح.
يتبع | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:10 am | |
| المبحث الأول سنوات الإعداد والتأهيل
«ان بناء كويت المستقبل هو التحدي الكبير الذي يجب على جيلنا ان ينهض لمواجهته وينذر نفسه لتحقيقه». جابر الأحمد
ان تسجيل السيرة الذاتية، او المسيرة التاريخية لحاكم خدم شعبه وامته باخلاص، وترك بصماته الانسانية تدوي في ارجاء الدنيا، ليست بالمهمة السهلة.. فهي دقيقة وشائكة تتطلب الامانة في سرد الاحداث، وصدق الكلمة والحياد في التحليل والتعليق، ذلك لأن السيرة الذاتية، والمسيرات التاريخية لمثل هذه الشخصيات التاريخية كنز دفين، وتراث لابد من نقله الى دائرة الضوء لتطلع عليها الاجيال المتعاقبة.. فهي ملك لهم وليس لصاحبها، ومن حقهم ان يستأنسوا بأفكاره الرائدة، ويهتدوا بنصائحه وارشاداته وتوجيهاته التي ساهمت في تغيير ملامح المجتمع نحو الافضل ويقتدوا بصفاته الحميدة وحنكته في ادارة شؤون الدولة، وعلاقاته بدول الجوار، وبالاسرة الاقليمية والدولية. ونحن، اذ نرصد اليوم للشيخ جابر الاحمد مسيرته التاريخية، نكون وجهاً لوجه امام هذه الحقائق التي يجب علينا ان نتعامل معها بصدق وامانة وحياد. وهي بلا شك مهمة صعبة للغاية، لكون الرجل لا يزال على قيد الحياة ـ اطال الله في عمره المديد ـ ونحن قد تعودنا ـ وفي هذا اغلب الاحوال ـ قراءة كتب السيرة الذاتية واصحاب المسيرات التاريخية، بعد ان ينتقل صاحب الشأن الى جوار ربه، فتتوه الحقيقة ضمن منابع الاشاعات والخيال، لتنسج حول عقول وافكار المطلعين عليها والمهتمين بها خيوط عنكبوت تصبح بمرور الزمن مرتعاً خصباً لترويج الفتن والافكار المشوهة والمشوشة، وبث روح الانهزامية بين الناس. وهي جميعاً حالة من الغدر والاجحاف الصريح بحق الرجل وحق التاريخ... انها بحق مسؤولية تاريخية، وامانة علمية تدعونا للحرص على انتقاء كل كلمة وعبارة، وسرد المعلومات عن اي حدث، ونقل اية معلومة مهما كان حجمها ومساحة انتشارها. من هذه المقدمة والديباجة الصغيرة ندخل الى صلب الموضوع وعنوانه «سنوات الاعداد والتأهيل»، فنقول: ان الشيخ جابر الاحمد هو النجل الثالث للمغفور له الشيخ احمد الجابر الصباح حاكم دولة الكويت الاسبق، والامير الثالث عشر في عائلة آل الصباح، وثالث امير لدولة الكويت منذ استقلالها. فقد ولد الشيخ جابر الاحمد في مدينة الكويت العاصمة في 29 يونيو عام 1926، وتلقى تعليمه في المدرسة الاحمدية والمباركية والشرقية، وكان مثالاً للطالب المجد الحريص في تصرفاته، الهادىء بطباعه، الخلوق مع زملائه من الطلبة، متواضعاً في علاقاته مع اقرانه من التلاميذ، لم يتعال بتصرفاته عليهم، تربطه علاقة احترام وود بأساتذته، وقد ذكر هذه الصفات وغيرها عدد من زملاء الدراسة، من بينهم خالد الخزام الذي عاصره في المدرسة المباركية في اوائل الثلاثينيات، واصفاً تلك العلاقة بقوله: «... اني لم اشعر يوماً بأن الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح ابن حاكم الكويت بسبب تواضعه وقرب تفكيره وتعامله مع الاخرين، وكأنه واحد من ابناء عامة الشعب، مما جعله صديقاً للجميع في المدرسة تربطه بهم علاقات ود حميمة..». ويمضي زميل الدراسة في وصفه، فيقول: «... ان ذلك السلوك المتسم بالأدب والتواضع ظل ملازماً لسموه اثناء فترة عمله رئيساً لدائرة الامن في مناطق النفط في الاحمدي، حيث ظل سموه محتفظاً بذلك الود الكبير الذي يكنه لكل كويتي، واستطيع ان اقول بأن اكبر امنية كانت تداعب افكاره ان يجد شركات النفط العاملة في الكويت جميعها بيد كويتية وطنية...». ويضيف زميل الدراسة: «... لم يكن سموه من تلك الفئة من العاملين الذين يلزمون مكاتبهم طوال يوم عملهم، بل كان سموه يتنقل من مكان لآخر، يتفقد سير العمل في شركات النفط، ويحث الكويتيين على ان يعملوا بجد واخلاص لكي يتسلموا مقادير بلدهم ليديروها بأنفسهم...». وهنا تتطابق اقوال خالد الخزام مع ما ذهب اليه بدر يوسف النصر الله، عندما يقول: «.... لقد كنت زميل دراسة لسموه في المدرسة الشرقية، واذكر انه كان معنا من الزملاء الشيخ صباح الاحمد، وكان يأخذ معه بعد انتهاء الدوام الدراسي في السيارة المخصصة له مجموعة من الزملاء القاطنين في منطقة سكنه لتوصيلهم الى منازلهم. ولم يشعرنا قط بتميزه كابن لحاكم الكويت، فكان ولا يزال مثالاً للتواضع منذ صغره..». ويمضي النصر الله، فيقول: «... وكان سموه يحمل صفات النجابة منذ صغره، وبدت عليه في شبابه، وعند توليه المسؤولية المبكرة سمات رجال الدولة ومتخذي القرار..». ويؤكد محدثنا، ومن خلال معايشته له بضع سنوات، فيقول: «... انه رجل متواضع كريم الخلق والاخلاق، ومتدين مستنير سمح، لا يحب السهر، يستيقظ يومياً في الصباح الباكر ليبدأ يوم عمله بقراءة القرآن الكريم..» ويضيف قائلاً :« ...منذ ان عرفت سموه، وانا اجد فيه رجلاً عفيف اللسان، ودوداً وعطوفاً، يمتص انفعال الاخرين في تودد، ويعالج الامور بالهدوء والروية، كما انه صبور جلد على تحمل الصعاب وتبعات العمل، وكان دائماً شعلة من النشاط والحيوية، عجزنا نحن الذين نعمل معه عن مجاراته..». وفي هذا السياق ايضاً، يشير النصر الله: «... انه شخصية جذابة متميزة ومحبوبة، وله قبول وحضور لدى ملوك ورؤساء وزعماء دول العالم، يحظى باحترامهم، ويحرص على اقامة العلاقات الطيبة معهم، وان الكثير من افعاله ومواقفه تعبر عن انسانيته الفياضة، سواء أكان ذلك على الصعيد المحلي ام العربي او الدولي..».
وحول هواياته الخاصة، يذكر لنا النصر الله انه مولع برياضة المشي، وقيادة السيارات، والصيد والقنص، وله ولع بالزراعة، وخاصة زراعة النخيل وتربية النحل. اما عبد العزيز سليمان الدوسري، فيحدثنا عن الشيخ جابر الاحمد قائلاً: «... لقد بدأت علاقتي ومعرفتي بسمو الشيخ جابر الاحمد اثناء زمالتنا في الدراسة بالمدرسة الاحمدية عام 1943م، وكنت اسبقه بسنة دراسية، وكان يرافق سموه في الدراسة اخوه الشيخ صباح الاحمد...». ويمضي الدوسري لينقل لنا شيئا من انطباعاته عن الشيخ جابر الاحمد كطالب وزميل دراسة فيقول: «... كان سموه في مرحلة التلمذة انيقاً في هيئته، مهذبا ومتواضعا، لا تشعر بفرق بينه وبين اي من زملائه، مرحا محبا للعب في ساحة المدرسة مع اصدقائه الحميمين، اذكر منهم: ثنيان العلي، وعبد اللطيف امان، وخالد الخزام الذي زامله فيما بعد في المدرسة المباركية»... وحول صفاته وخصائصه الحميدة، يقول الدوسري: «... انه شخص متدين، خلوق وودود، حليم ومخلص، ومحب للكويت والكويتيين، وانه سخي من غير صخب، فكثيرا ما يوفد المبعوثين على حسابه الخاص، ويساعد المرضى غير القادرين حتى لو اقتضى علاجهم في الخارج، كما يساعد الاسر المتعففة بهدوء وبما يحفظ كرامتهم»... وهنا، يروي لنا الدوسري واقعة انسانية اقدم عليها الشيخ جابر الاحمد، ولا يزال متأثرا بأحداثها، فيقول: «... يحضرني بهذه المناسبة انه كلفني ذات مرة بشراء بيت خاص، قمت باختياره وشرائه، وعندما اخبرته بذلك كتب لي شيكا بقيمته، وشيكا آخر للدلال، وشيكا ثالثا بمصاريف السجل العقاري، وبعد ان انهيت اجراءات البيع والشراء طلب مني تسجيل البيت باسم احد اصدقاء طفولته، وكان متوفيا وله ابناء ايتام»... وقد أكد الدوسري ما ذهب اليه النصر الله فيما يتعلق بهوايات الشيخ جابر الاحمد، حين اشار: «... ما اعرفه عن هوايات سموه انه يحب البحر والسباحة، ويحب الفروسية والصيد، والزراعة، وهو من اكبر المشجعين على زراعة النخيل، وهو صاحب مشروع المليون نخلة، وتخضير الكويت الذي نرى آثاره واضحة اليوم على الطرق وفي الساحات». ويضيف عبد اللطيف عبد الرحمن البحر على ما سبق بقوله: «.. كان سموه رجلا تتسم طباعه بالتواضع الجم، كما انه رجل دولة، ذو انسانية فياضة وسماحة، لا يحب المظاهر، وكانت الحماية تفرض عليه قسرا في تنقلاته، يتفقد الاسواق ليتعرف على الأسعار، كما يتفقد المشروعات ويتابع انجازاتها، وعندما يلاحظ اي خلل في اي موقع يعطي توجيهاته للمسؤولين والمعنيين بالامر على الهاتف مباشرة لاصلاح الوضع، وتقويم الأخطاء مهما كبرت أم صغرت...». ويمضي البحر، فيشير: «... لقد عُرف عن الشيخ جابر الاحمد نزاهته المطلقة، وترفعه عن الصغائر، يعود المريض، ويشارك المواطنين في افراحهم واحزانهم، ولا يغفل واجبه تجاه شعبه...». وهنا كان للبحر وقفة، قال فيها: «... كان اجتماعيا يصل الرحم، ومن عادته اليومية بعد صلاة الفجر التوجه لزيارة والدته وشقيقته، بعدها يتوجه الى مكتبه الخاص في قصر دسمان ليبدأ يوم عمل جديدا...». وحول هواياته الخاصة، يؤكد لنا البحر ما سبق ان اشار اليه الآخرون، ويضيف: «... ومن هواياته ايضا مشاهدة الافلام الاجتماعية والسياسية، يحب الشعر الشعبي وله محاولات في هذا المجال، يحب القراءة والاطلاع، وهو صاحب فكرة ديوانية شعراء النبط...». وفي هذا السياق يقول حمزة عباس حسين: «... ما اعرفه عن سموه انه رجل متدين عاف، يبدأ يومه مبكرا بقراءة القرآن الكريم، ومن هواياته الخاصة رياضة المشي وقيادة السيارات، والاهتمام بالزراعة وممارستها باليد، وكذا مشاهدة الافلام الهادفة، وخاصة الاجتماعية، وهو ليس أكولاً بطبعه، وأكلاته خفيفة جدا حتى في المناسبات الرسمية، حيث يجالس من يدعوهم ويجاملهم بتناول اشياء خفيفة، وهو بذلك حريص جدا على نظامه الغذائي والصحي....». ويمضي حمزة عباس، فيقول: «... كان سموه يحب مساعدة الناس في سرّية تامة، يحفظ لهم كرامتهم، وأذكر، انه في احدى زيارات سموه الى مصر في الستينيات، انني وجدت بعض المصريين من البسطاء وعامة الشعب يأتون الى جناح سموه في الفندق للسلام عليه وألسنتهم تلهج له بالدعاء، وكان ذلك مدعاة لدهشتي وإثارة لفضولي، فاستفسرت من احد المرافقين عن هوية هؤلاء الاشخاص، فأفاد بان اولادهم يدرسون على حساب سموه الخاص، والبعض الآخر يتلقون مساعدات جارية من سموه... لقد كان سموه عطوفا محسنا، احسانه في السر يسبق احسانه في العلن....». اما فيصل المزيدي فيرى في الشيخ جابر الأحمد: «... انه انسان متواضع غير محب للظهور، ولم يستخدم قط وسائل الاعلام للاعلان عن نفسه وآرائه ومنجزاته، وهذا ما يجعله من المميزين بين حكام دول العالم الثالث. وهو شخص بطبيعته يتميز بالهدوء الشديد، ومستمع جيد يصغي الى محدثه بتركيز واهتمام، وهو لبق جدا وفي غاية الادب مع من يخاطبه، لكنه في الجانب الآخر قوي في الحق ومناصرة الضعفاء، ولعلنا نرى ذلك جليا في رسائله الى الامين العام للأمم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان، ومحاربة التمييز والتفرقة والعنصرية....». ويضيف المزيدي في هذا السياق، حين يشير: «... إنه من عظيم خلقه انه غير انفعالي ولا سريع الغضب، وليست لديه روح الانتقام حتى مع المسيئين. فالعفو من شيم العظام، عادل في حكمه، لا يأخذ احدا بجريرة غيره، مقدرا الصداقة الخالصة، وخاصة مع الرعيل الاول من الذين عملوا معه منذ توليه حاكميه مدينة الأحمدي ومناطق النفط ورئاسة دائرة المالية...».
وقد جاء في وثيقة بريطانية عند اختيار الشيخ جابر الاحمد ولياً للعهد تعليق على سيرته الذاتية: «... ان الشيخ جابر الاحمد رجل طموح قادر، ومسلم تقي، وان له صيتاً بحسن الادارة واتخاذ القرار...». واذا ما تجاوزنا هذه الوقائع والشواهد التي لامست عن قرب جانبا من الصفات والسمات الشخصية للشيخ جابر الاحمد، لنقف عند المراحل الدراسية التي قطعها، فإننا نجد انه في ذلك التاريخ البعيد نسبيا، لم تكن مراحل التعليم المتقدمة مكتملة في الكويت كمعظم الدول العربية الاخرى، الامر الذي جعل والده رحمه الله وطيب ثراه، يتيح له الفرصة لأن يتلقى تعليماً خاصا على أيدي عدد من الاساتذة المتخصصين في مجالات علوم الدين واللغة العربية واللغة الانجليزية. ومما زاده إلماماً ومعرفة بما يدور في هذا العالم اتاحة والده له ثانية الفرصة لزيارة العديد من بلدان العالم من اجل الاحتكاك بثقافتها وحضاراتها، وخاصة تلك الدول التي بدأت تخطو خطوات واسعة وسريعة في مضمار التقدم والنهضة، حيث رأى عن كثب أحوال تلك المجتمعات وحياة شعوبها الحضارية وما بلغته من تقدم في شتى ميادين الحياة، والأخذ بأسباب التقنية الجديدة التي بدأت تشارك الانسان حياته، وهذا نلمسه اليوم في كل لحظة من لحظات تعاملنا مع أوجه هذه الحياة. وقد كانت هذه الرحلات ـ كما قال احد ساسة الكويت المخضرمين ـ بمثابة «المدرسة الجامعة التي اسهمت في تكوين الشخصية الطموحة للشيخ جابر الاحمد». خلاصة القول، ان الشيخ جابر الاحمد قبل ان يصبح أميرا وحاكماً هو انسان كويتي، يجسد تراث الاجداد في تواضعه، ويحمل في توادّه وتراحمه مع الناس أصالتهم. كان والده المغفور له الشيخ احمد الجابر الصباح يتفرّس فيه منذ طفولته ملامح خاصة من النباهة والجدّية وسرعة الخاطر، فعوّده على الانضباط السلوكي، سواء أكان ذلك في البيت ام في مجالس الاسرة، ام في المدرسة، ام في المجتمع، وكان لاصطحابه له في رحلاته الخاصة وسفراته الرسمية الى الخارج وهو صغير دور كبير في اكتسابه المزيد من الخبرة في الحياة ومعرفة الناس، والاطلاع على اساليب الحكّام. وكان يردد على مسامعه دائما: «عليك يا بني بالحلم فهو أساس الحكم، وإياك ان تفقده فتفقد كل شيء». وعندما نتحدث عن الطبيعة الشخصية لسمو الشيخ جابر الاحمد، فاننا نتحدث عن تواضع حقيقي لا متخيّل، فزهد هذا الرجل في المظاهر والمبالغات يعرفه من عرفوا انجازاته. فهناك العديد من المؤشرات التي تؤكد هذه الحقيقة، نستقي منها الواقعتين الآتيتين: اولاهما: إنه رفض بعد توليه حكم الامارة ان توضع صورته على ورق النقد المتداول بعدما كادت تصبح قاعدة عامة، اما الثانية: فقد تمثّلت في عزوفه عن لقب «المعظم» واصراره العفوي على عدم تمجيد شخصه. لقد تجمّعت فيه صفات عقلانية وخلقية عدة، تجسّدت في سلوك مثالي، وقدرة على الحوار والاستعدادلتقبل الرأي الآخر اذا اقتنع بالجدل الموضوعي. ومن المعروف عن الشيخ جابر الاحمد انه متواضع دون تصنع، بسيط السلوك، ودبلوماسي لبق، واداري حازم يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، صادق في تعامله، يقول كلمة الحق على الدوام، يجيد فن الاستماع والاصغاء، فيستمع الى اكثر التفاصيل دقة. واذا ما جاء الحديث في موضوع له اهمية خاصة امسك قلمه ودوّن ملاحظاته، واذا تحدث فانه لا يتحدث الا بقدر، لكنه عندما يتحدث تجده بصيب لب الموضوع. ان صفة التواضع الجم فكرة أساسية في سلوك الشيخ جابر الاحمد منذ ان كان حاكما امنياً لمدينة الاحمدي ومناطق النفط... وهنا ايضا واقعتان تؤكدان هذه الحقيقة: الواقعة الاولى تتمحور حول لقائه بطلبة الكويت أثناء زيارته للولايات المتحدة الامريكية، فقد وقف الطلاب لحظتها هاتفين بالهتاف التقليدي المعروف بالروح بالدم نفديك يا جابر... فقاطعهم وهو قليل التدخل في مثل هذه الاحوال، وطلب منهم ألا يهتفوا بهذا النوع من الهتافات. اما الواقعة الأخرى، فقد تمثلت في الفكرة التي طرحها بعض المثقفين الكويتيين حول انشاء جائزة كبرى باسم جائزة جابر الاحمد تمنح للمتميزين والمبدعين من المثقفين الذين ساهموا بفكرهم وعطائهم، وكانت لهم مواقف جيدة ومتميزة من العدوان والاحتلال العراقي لدولة الكويت. وقد قبل الفكرة ورحب بها بشرط عدم ذكر اسمه فيها، وبادر بتسميتها باسم «جائزة الكويت». ان الشيخ جابر الاحمد ليس رجل دولة فحسب، انما هو رجل أمة، يضرب به المثل والقدوة في التفاني والعمل والعطاء دون حدود، لذلك تجده يضيف دوماً الى الموقع الذي يتولى ادارته كل ما هو جديد في عالم الرقي والتقدم. كما يحرص أشد الحرص على تدعيم وتقوية صلاته مع افراد شعبه داخل وخارج نطاق العمل، فهو يتسم بوداعة قلبه الكبير الذي يتسع لحمل هموم ومشاكل وآمال وطموحات وتطلعات وطنه وشعبه.
يتبع | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:11 am | |
| شهادات بعض من عملوا مع سمو الأمير في بداياته الأولى بالدوائر الحكومية مثال للأخلاق ومريح في التعامل ويحب الاطلاع على تفاصيل العمل ولا يأخذ إجازات خاصة الحلقة الثالثة
البدايات الاولى للعمل في الادارة الحكومية: في يناير عام 1949م بدأ الشيخ جابر الاحمد حياته العملية واتصاله المباشر بامور الحكم والامارة السياسية بتعيينه رئيسا للامن العام، ونائبا للامير في مدينة الاحمدي ومناطق النفط... هذه المدينة التي جسدت وشهدت انتقال المجتمع الكويتي من مرحلة قاسية، عانى فيها الشعب الكويتي قساوة الحياة، وشظف العيش، وركوب المخاطر من اجل استمرار الحياة، الى مرحلة اتسمت بالرفاه الاجتماعي والتعامل مع مقتنيات واسباب الحضارة الحديثة، هذه المرحلة زوّدت الشيخ جابر الاحمد بخبرة ادارية واسعة وعريضة، ودراية بامور فنية تتعلق بشؤون النفط واقتصادياته وآثاره وانعكاساته على المجتمع، مما جعل ذلك دوما في دائرة اهتمامه، لكونه كان على ثقة بأن هذه المادة الاستراتيجية هي حياة الكويت وشريان مستقبلها. فاجتاز هذه المسؤولية الكبيرة بنجاح باهر، وكان ذلك تأهيلا علميا واداريا وفنيا له ليتولى شؤون النفط والمال في مرحلة لاحقة، ويحقق فيها نجاحا عظيما. فقد تناولت جريدة «الشرق» اللبنانية شخصية الشيخ جابر الاحمد في مقال، جاء فيه: «... ان الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح الذي اشتهر عنه انه قليل الكلام، كثير الاعمال والافعال، يدرس ويفكر قبل القدوم على اية خطوة تنفيذية، وهو اختصاصي بشؤون النفط، وله شأن كبير بالنسبة لشركات النفط العاملة في الكويت، وان لكل كلمة يقولها وزنها الكبير وابعادها المستقبلية التي لا يمكن اغفالها او اهمالها»... وفي فبراير عام 1959م حين تولى الشيخ جابر الاحمد منصب رئيس دائرة المالية واملاك الحكومة، وتمثيل امير البلاد لدى شركات النفط العاملة في الكويت لم يكن الا وظيفة جاءت منسجمة مع تفكيره والتجارب والخبرات التي اكتسبها حين تولى حاكميه مدينة الاحمدي مدينة الاحمدي ومناطق النفط. وبتشكيل اول وزارة عقب الاستقلال في يناير عام 1962م، بموجب المرسوم الاميري رقم 3 لسنة 1962م، تم تغيير اسماء مؤسسات الدولة من كيانات ادارية صغيرة «دوائر» الى وزارات كان من بينها وزارة للمالية والاقتصاد تولى الشيخ جابر الاحمد مهامها بصفته اول وزير لها ليستمر على رأس هذا الجهاز ما بين عام 1959 ـ 1965م، وقد تغيرت خلالها تسمية الوزارة الى وزارة المالية والصناعة في يناير عام 1963م، ليصبح بعدها وزيرا لوزارتي المالية والصناعة، ووزارة التجارة في يناير عام 1965م. وقد جاءت هذه المهمة ايضا امتدادا لاهتماماته المبكرة في الامور والمسائل الاقتصادية للدولة، وتميزه بعقلية اقتصادية متفتحة قادرة على تحمل اعباء هذه الوزارة، وهنا تجدر الاشارة الى انه بالاضافة الى عمله وزيرا للمالية والصناعة تولى ايضا في مناسبات معينة مهام نائب رئيس مجلس الوزراء وكذا كان نائبا للامير في مناسبات اخرى. وقد تمكن الشيخ جابر الاحمد خلال الفترة المشار اليها، اي ما بين، عامي 1959 ـ 1965م ومن انجاز جملة من المشروعات الحيوية والمهمة بينها: 1 ـ انشاء بنك الائتمان لتيسير الائتمان العقاري والصناعي والزراعي، لزيادة دخل المواطنين والدولة من حصيلة قيام الافراد بانشاء صناعات ومشروعات زراعية. 2 ـ اصدار النقد الكويتي لاستخدامه في التداول بدلا من النقد الهندي بغية عدم الارتباط بعملة دولة اخرى، مما قد يؤثر على كيان الدولة. 3 ـ انشاء مؤسسة عامة، هي مجلس النقد الكويتي بغية الاشراف على اصدار اوراق النقد والمسكوكات في الكويت. 4 ـ اعداد مشروع النظام الخاص بالصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، ليكون دعامة من دعائم التنمية الاقتصادية في البلاد العربية. وحول هذه المرحلة يحدثنا حمزة عباس الذي عمل بدائرة المالية في نهاية عام 1958م، اي قبل ان يتولى الشيخ جابر الاحمد مهام رئاسة الدائرة بشهور قليلة، فيقول: «... كان الشيخ جابر الاحمد مريحا في تعامله مع الآخرين بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان سامية. وكان مثالا للتواضع، قليل الكلام كثير الافعال، محبا للعمل، يعمل صباحا ومساء ولا يكتفي بالعمل المرتبط بالدوام الرسمي. وكانت ابوابه مفتوحة لنا جميعا في اي وقت نشاء، حتى في بيته في قصر دسمان. كان دائم الاتصال بنا لمتابعة ورعاية المشروعات، ولم يكن الامر مقصورا علينا، بل كانت ابوابه مفتوحة ايضا للخبراء والمستشارين الذين يعرفهم مثل روكفلر وغيره، ويقابلهم في اي وقت لمناقشة الامور الاقتصادية معهم، مما يحرص دوما على توفير الجو العائلي الحميم لهم، والخالي من التكلف والتقيد بالرسميات، مما جعلهم يؤدون عملهم باخلاص وتفان»... ويمضي حمزة عباس الذي عمل مع الشيخ جابر الاحمد منذ اليوم الاول لتوليه مهام رئاسة دائرة المالية في حديثه، فيؤكد: «... ان الشيخ جابر الاحمد كان رجل دولة من الطراز الاول، ينظر الى مشروع يعرض عليه من جميع الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، واضعا نصب عينيه مصلحة الكويت والكويتيين، ويدير الازمات الاقتصادية بروية واداراك وخبرة عالية، ولديه طاقة كبيرة لتحمّل مواصلة العمل، ولم يكن يحب الرسميات، وتتسم طباعه بالبساطة مع الجدية في العمل والصراحة في الحق، وكانت علاقته مع موظفيه سهلة ومبسطة، ويشجعهم دوما على طرح افكارهمبحرية، لقد كان ديمقراطي التوجه والقرار، وكانت قراراته تأتي بعد الدراسة والمشورة حاسمة قاطعة، وكانت باكورة المشروعات الوطنية الضخمة من نتاج فكره. وقد دلّ نجاحها على صدق استشرافه للمستقبل»... وفي هذا السياق يضيف محدثنا حمزة عباس، فيقول: «... تدل افعال الشيخ جابر الاحمد وقراراته كلها على مدى اهتمامه بمصالح الشعب، فكان ينظر للامور ـ كما قلت ـ من زوايا عدة: اقتصادية وسياسية واجتماعية، فعندما يتخذ اي قرار او يعالج ازمة كان يحرص دائما على ان لا تمس النتائج مقدرات الشعب، وان لا يتأثر دخلهم او يتضرروا بالوضع... اما عبد العزيز البحر الذي عمل مع الشيخ جابر الاحمد عام 1959م مديرا عاما لادارة الاسكان، فانه يحدثنا عن تلك الفترة من الزمن، فيقول:«... عاشرناه بشخصه سواء بالعمل او في اسفاره وتنقلاته، فكان مثالا للاخلاق الحميدة والتواضع الجم، ولمسنا فيه حسن معاملته وسماحته لمرؤوسيه، ينأى في تعامله معهم عن الرسميات ويشعرهم بصداقته، مما كان يدفعنا جميعا للتفاني والاخلاص في العمل».... ويضيف محدثنا البحر، مؤكدا: «... لقد كان الشيخ جابر الاحمد من اولئك القادة الذين لا ينفردون بالقرار، وكثيرا ما كان يستشير، كما كان مستمعا جيدا ومترويا قبل ان يصدر قراراته المدروسة، وكثيرا ما كان يطرح الموضوع ويطلب منا دراسته، ونرجع الى سموه بوجهة نظرنا، وقد تكون مخالفة احيانا في الرأي، فكان يتقبل طرحنا بكل رحابة صدر، ولم نجد منه اصرارا على وجهة نظره، وعند التنفيذ كنا نجد وجهة نظره قد اخذت في الاعتبار».... وحول اسلوبه في العمل، يقول فيصل المزيدي: «... كان له اسلوبه الخاص في الادارة، فهو محب للاطلاع على أدق التفصيلات، ولو اقتضى الامر الاستماع الى موظف يثق به، حتى لو لزم الامر تخطي رئيسه. فغايته دائما الوصول الى الحقيقة وبكل الوسائل المتاحة...».
ويشارك محدثنا من سبقه الحديث في الرأي، حين يقول: «... لقد كان محبا للعمل، وساعات العمل لديه ليس لها حدود، فكانت له قوة تحمّل على العمل يصعب مجاراتها، فعندما كان وزيرا للمالية كان يعمل زهاء ثماني عشرة ساعة في اليوم بالوزارة، وكان يواصل عمله ومقابلاته في كثير من الاحيان في منزله بقصر دسمان، ولم أتذكر انه اخذ اجازة خاصة، فقد كانت متعته في عمله»... وفيما يتعلق باهتمامه بالشباب الكويتي، يضيف محدثنا قائلا: «... وبالنسبة لاهتمامه وتشجيعه للكويتيين، فقد كانت لديه ثقة كبيرة في الشباب وخاصة الخريجين منهم. وكان يفعل كل ما بوسعه لتحقيق طموحاتهم وآمالهم، واكبر دليل على ذلك انه احتضننا ونحن خريجون جدد، وأولانا ارفع المناصب، فلم يأت بنا كخبراء وانما جعل منا خبراء بوضعنا في هذه المراكز، وافادتنا من الخبراء الذين كانوا متواجدين في ذلك الزمن، واحتكاكنا بالامور المحلية والدولية، واذكر من هؤلاء الشباب حمزة عباس، عبداللطيف البحر، عبدالعزيز البحر، فيصل الفليج، جاسم خالد المرزوق، حمد يوسف العيسى، وفجحان هلال المطيري وغيرهم. أما زميل الدراسة في المدرسة الشرقية بدر النصر الله، فانه ينقل لنا شيئا من انطباعاته عن الشيخ جابر الاحمد الذي بدأ العمل معه عام 1960م سكرتيرا لمكتبه، حين يشير.. ان انطباعي عن سموه اثناء عملي معه انه كان شعلة من النشاط سريع البديهة، ذا خبرة عالية في مجالات المناصب التي تقلدها عن وعي وبصيرة وكان كثيرا ما يحرر لنفسه البرقيات والمذكرات دون الاعتماد على الغير. لقد تعلمنا من توجيهاته الشيء الكثير. وكان رحب الصدر، يحترم رأي الاخرين ويتقبل اي فكرة تأتيه من اهل ورجالات الكويت، ويعكف على دراستها. ويمضي محدثنا النصرالله.. كان يتمنى منذ الستينات ان يمتد العمران في الكويت الى اقصاه، وكان من امنياته ان يرى الكويتيين وقد امتد بهم الرحيل الى الجنوب لاعماره، وكثيرا ما كان يذهب الى منطقة الخيران الخالية في ذلك الوقت وهذا ـ بلا شك ـ مثال على استشرافه لمستقبل الكويت واعمارها وكان يعمل بنفسه على تحقيق هذا التطلع فترجمه من الامنية الى الواقع. لم يقف محدثنا النصرالله عند هذه الكلمات والعبارات من ذكرياته بل اضاف قائلا: كما فتح الشيخ جابر الاحمد باب التعيينات ـ وهو وزيرا للمالية ـ امام الشباب الكويتي القادم من جامعات العالم ليسهم في بناء دولة المؤسسات على اساس من العلم. كما اغدق على بناء المدارس ودور العلم والتوسع في التعليم العام والجامعي. كما اعطى اولوية في اهتماماته لمحو الامية ادراكا منه لاهمية ذلك في وعي الشعوب وتقدم الامم. ويمضي محدثنا مؤكدا على جانب مهم في حياة الشيخ جابر الاحمد العملية حين يقول: كان يأتي الى عمله مبكرا وبالتزام شديد بوقت الدوام الرسمي. وكان حازما شديد الملاحظة، سريع البديهة وله حضور، وان من طبعه العفو، وكان عميق التفكير والتدبير في كل رأي او فكرة تطرح عليه يدرسها من جميع الجوانب ثم يعطي توجيهاته وقراراته بسرعة التنفيذ ودون تباطؤ. وفي هذا السياق يمضي النصر الله في تأكيده. ليقول: «عندما كان رئيسا للمالية، وفي نفس الوقت مسؤولا عن شؤون النفط في الدولة كان اسلوبه التنظيمي في العمل هو تخصيص يوم في الاسبوع يوم الاثنين للتفرغ لشؤون النفط وكنا نذهب من الكويت الى مدينة الاحمدي حيث كان له مكتب خاص هناك لمتابعة شؤون النفط، وفي بقية الايام كان يستقبل المسؤولين عن شركات النفط في مكتبه بمدينة الكويت العاصمة ويخصص لهم وقتا كافيا لمناقشة الامور النفطية معهم واتخاذ القرارات في شأنها. وها هو عبداللطيف البحر الذي عمل مع الشيخ جابر الاحمد منذ شهر ديسمبر عام 1966م يسرد لنا ذكرياته عن هذه الفترة فيقول «انه رجل دولة بكل ما يحمله هذا التعبير من معنى معروف عنه دقته في العمل والتزامه الشديد وعدم التسرع في الامور، وكل ما يعرض عليه من افكار ومشاريع يخضعها للدراسة والتقييم والاستشارة الفنية كما انه لماح سريع البديهة ولديه قوة استيعاب فائقة وله حدس وشفافية وله قدرة عجيبة على تلخيص الموضوعات وعرضها امام المختصين، وله ايضا حس اقتصادي فطري وخبرة اقتصادية هائلة. وكان جلده وصبره وقدرته على استمرارية العمل بشكل مذهل يضعه دوما امام شعار: لا تؤجل عمل اليوم الى الغد». ويمضي البحر فيشير الى جانب آخر من ممارساته في العمل فيقول: «كثيرا ما يكتب بنفسه الخطابات ويدفع بها الى المستشارين ثم يراجعها بنفسه وكثيرا ما يدخل عليها بعض التصويبات في صيغتها النهائية، وكان ينظر دائما الى المشروعات المقدمة له من ثلاثة ابعاد: البعد الاقتصادي والبعد التنموي والبعد الاجتماعي. لهذه الاسباب مجتمعة وغيرها، جاءت الفترة الواقعة بين عام 1949م وعام 1978 م فترة مزدحمة وثرية بالانجازات تمكن خلالها الشيخ جابر الاحمد من ان يضع عصارة فكره في اقامة البنية الاساسية للدولة وهياكلها التنظيمية بمساعدة عدد من شباب الكويت ومجموعة من الخبراء العالميين وبخاصة في المجال الاقتصادي والعمراني. وان ينتقل بسرعة كبيرة من مجال التخطيط والبرمجة الى مجال التطبيق والتنفيذ رغم العوائق والتحديات التي كان يواجهها. وكانت مؤازرة المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح امير دولة الكويت الاسبق والمغفور له الشيخ صباح السالم الصباح امير دولة الكويت السابق، ودعمهما ومساندتهما المطلقة لمشروعاته وتطلعاته المستقبلية قد جعلته في وضع مكنه من الانتقال بالكويت من امارة بسيطة تحكمها العادات والتقاليد والاعراف الى مجتمع حضاري ودولة عصرية، يحكمها دستور وقوانين منظمة لجميع جوانب شؤون الحياة ومسيرة المجتمع يتراجع من امامها نفوذ مواقع القوة، والرموز المؤثرة في تسيير المجتمع، لتحل مكانها تلك التشريعات والمؤسسات القائمة على تنفيذها. فالشيخ جابر الاحمد لم يكن مهندس الاقتصاد الكويتي فحسب بل كان واضع الاسس الاولى للحركة العمرانية، ورافع شعار مجتمع الرفاه الذي يعيشه اليوم كل كويتي بدءا بثمرة النهج الاقتصادي الذي رسمه، والذي جاء مزيجا ووسطا بين الانظمة الاقتصادية العالمية المتباينة والذي تشهد له المؤسسات المالية الدولية «البنك الدولي ـ صندوق النقد الدولي» بالكفاءة وحسن المواجهة، والاداء الجيد امام الازمات الاقتصادية التي تواجهها الكويت بين حين وآخر بسبب اوضاع اقتصادية داخلية، او مؤثرات اقتصادية وسياسية خارجية. وانتهاء بما ترتب على ثمرة هذا النهج الاقتصادي من حركة عمرانية شاملة، تضمنها المخطط الهيكلي للدولة الذي اشرف شخصيا على جميع مراحل اعداده منذ ان كان رئيسا لمجلس التخطيط عام 1966م ومتابعته له حتى يومنا هذا. هذا الى جانب صياغة حياة مرفهة للمواطنين وضمان حياة كريمة للأسرة الكويتية المحدودة الدخل وذوي الاحتياجات الخاصة هذه النظرة التخطيطية ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لم تقف عند حاضر الكويت بل تخطتها الى المستقبل البعيد، حيث سعى بكل جهده وفكره الى ضمان حياة كريمة للاجيال القادمة والمحافظة على ثروات الكويت وايجاد موضع قدم لاقتصاد الكويت ومركزها المالي في الاسواق العالمية.
يتبع | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:11 am | |
| سموه ولياً للعهد ورئيساً لمجلس الوزراء
في 30 نوفمبر عام 1965م، كان الشيخ جابر الاحمد لا يزال وزيراً لوزارة المالية والصناعة، ووزارة التجارة، حين صدر امر اميري بتعيينه رئيساً لمجلس الوزراء وتكليفه بتشكيل الحكومة. وبعد اربعة ايام من صدور الامر الاميري ، رفع خطاباً الى امير البلاد متضمناً اسماء الحكومة في اول تشكيل وزاري يترأسه بعد تعيينه رئيساً لمجلس الوزراء، وبعد اداء اليمين الدستوري امام الامير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح، ومن ثم امام مجلس الامة الكويتي، قام رئيس مجلس الوزراء في 8 ديسمبر 1965م بعرض البرنامج الحكومي امام المجلس، وقد تضمن تطلعات الحكومة المستقبلية، ومشروعاتها الصناعية والانمائية خلال عام 1966م. وفي 31 مايو 1966م، صدر امر اميري بتعيين الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح ولي عهد لدولة الكويت وقد بعثت ملكة بريطانيا «اليزابيث الثانية» برقية لأمير دولة الكويت الشيخ صباح السالم الصباح، تتضمن تحياتها وتهنئتها الحارة بتعيين الشيخ جابر الاحمد ولياً للعهد. كما بعث عدد من رؤساء الدول والحكومات في الدول الشقيقة والصديقة بمثل هذه التهنئة والمباركة على حسن الاختيار. وعلى اثر هذه المبايعة الاجتماعية لهذا الاختيار من قبل مجلس الامة الكويتي، ومن ثم الشعب الكويتي بأسره بتاريخ 2 يونيو عام 1966م، قام الشيخ جابر الاحمد بالقاء بيان امام مجلس الامة الكويتي، تضمن تشخيصاً دقيقاً لواقع المشكلات المجتمعية القائمة في المجتمع الكويتي، مع التركيز على التداعيات السلبية الحادة على وجد الخصوص، وذلك بهدف السعي من قبل السلطتين... التنفيذية والتشريعية لايجاد الحلول المناسبة الناجعة لها، والتوجه للمستقبل برؤية جديدة. وقد جاء هذا البيان بمثابة استراتيجية عمل للحكومة في عهد جديد لمواجهة اوضاع اجتماعية واقتصادية وسياسية وتنظيمية، وتوصيف العلاقة المتبادلة بين السلطتين، وما ينبغي ان تكون عليه هذه العلاقة من تضامن وتعاون من اجل الصالح العام، وفي مقدمتها مصالح الدولة العليا. وفي صدر هذا البيان استعرض ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر الاحمد ما حققته الكويت من تقدم وتطور حضاري، ورأى ان من الواجب اخضاعه للتقييم والمراجعة المتأنية ضماناً لسلامة الوطن ومسيرته، وحماية للمجتمع من كل شائبة يمكن ان تقفز على التراث الوطني، وتمس الامن القومي، والثوابت الاجتماعية والسياسية التي تمسك بها الآباء والاجداد وساروا على هداها. وهنا، كان للشيخ جابر الاحمد وقفة، قال فيها: «... لقد خطت البلاد في سنوات قليلة خطوات واسعة في شتى الميادين، وتوالت عليها من الاحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية ما كان له ابلغ الاثر في تطوير حياتنا العامة وتغيير في ملامح المجتمع الذي الفناه. فمن تعديل شامل في تشريعات البلاد ونظامها القضائي، الى استكمال لاستقلالها وسيادتها في الداخل والخارج، الى دستور يساير نهضتها، ويصون الحريات، ويكفل الاستقرار، وهكذا دخلنا معترك الحياة الديمقراطية والنيابية من اوسع باب...». ويمضي قائلاً: «.... وكان طبيعياً ان نستعين في هذا التطور السريع الذي يكاد يشبه الطفرة بعدد من اخواننا من الدول العربية الشقيقة. ورغم ما بذلوه من جهد مشكور فإن الوقت لم يتسع امامهم لتشرب عاداتنا وتقاليدنا المحلية، فجاءت بعض التشريعات والنظم المستحدثة غير مجارية لواقعنا. ولكن ما دام زمامها الان بأيدينا فما علينا الا ان نعدل او نلغي ما يتطلب التعديل او الالغاء منها في ضوء التجربة العملية المكتسبة، بدلاً من التشكيك بالجملة في كل ما هو مستحدث...». مؤكداً في بيانه: «.... ان النقد البناء وحده هو الكفيل بارشادنا الى ما يجب ان نفعله، والى الحلول المثمرة المرتجاة، اما النقد الهدام، فلن يعود على هذا البلد الا بأشد الاضرار...». وحول السياسة الخارجية اشار: «.... لقد قلنا في اكثر من مناسبة، اننا نؤمن بأن سياسة الحياد الايجابي، وعدم الانحياز لاي من المعسكرين الكبيرين المتنافسين، هي الخطة السليمة المحققة لمصالحنا، وصالح الاسرة الدولية عامة. واود ان اقول بصراحة ووضوح، اننا اصدقاء لجميع الدول التي نتعامل معها، اياً كان المعسكر الذي تنتمي اليه، علاقتنا بها جميعاً تقوم على الاحترام المتبادل والمساواة في المعاملة، مع عدم السماح لاي منها بالتدخل في شؤوننا الداخلية، وان اي تدخل من اي منها في هذه الشؤون، ومهما كانت الروابط التي تربطنا بها، سوف ينبني عليه حتماً اعادة النظر في علاقتنا معها. فنحن لا نقبل بحال من الاحوال ان تساس امورنا من الخارج...». الانسجام والثقة بين الادارة المركزية ممثلة في الحكومة وبين بعض الهيئات والمؤسسات العامة المتمتعة بشخصية معنوية مستقلة. ويمضي في هذا الاتجاه فيقول ان البلاد لا تتحمل تطاحنا بين الاجهزة المختلفة التي يجب ان يكون رائدها في العمل التعاون الوثيق المثمر، والتحرر من التقيد، وتعويق الاعمال، والغيرة على مصالح المجموع لا الغيرة على اختصاصات كل منها وصلاحياته او رغبته في الاستئثار بالسلطة. كما ان التداخل في الاختصاصات بين جهاز البلدية وبين عدد من وزارات الدولة واضح لكل انسان، ويحتاج الى مزيد من التنسيق ولا شك ان ادارة جميع الشؤون المحلية المتطورة للقرى والمدن المختلفة من مركز واحد، وبواسطة جهاز واحد هو امر يستحق التأمل والنظر فيه. فاهل مكة ادرى بشعابها كما يقولون. وعلى مستوى العاملين في الاجهزة الحكومية ومؤسساتها كان له وقفة طويلة ومريرة، عندما قال «واذا نحن انتقلنا من اجهزة السلطة التنفيذية الى العاملين فيها، طالعتنا ظاهرة خطيرة اخذت تتسرب الى ادارتنا الحكومية ومؤسساتنا وهيئاتنا العامة، واقصد بها انعدام الولاء لدى بعض الموظفين وهنا لا اقصد الولاء لشخص الوزير او الوزراء الذين هم في كراسي الحكم، فاشخاصهم زائلة ومتغيرة بطبيعة الحال، ولكن اقصد الولاء للدولة ككل، وللسلطة التنفيذية التي تمثل الدولة في قيامها بوظيفتها الحكومية والادارية.. هذا الولاء الذي يتطلب من الموظف الامانة التامة في أداء الوظيفة والقيام بكامل اعبائها واحترام الرؤساء وتنفيذ تعليماتهم بالدقة اللازمة في حدود القوانين واللوائح». ويستمر في حديثه حول هذه الظاهرة مؤكدا: «ان انحراف بعض الموظفين عن هذه المبادىء الاولية لمعنى الامانة في اداء الوظيفة العامة، ينعكس اثره السيىء على سير العمل في المرافق العامة، فتتحول المصالح والادارات الحكومية الى تكتلات متباينة متنافرة، تذوب خلالها المسؤولية وتصاب مصالح الشعب بالاذى والتعطيل. فتعم الشكوى وينتشر السخط بين الجمهور من سوء الادارة الحكومية. وينتهي من حديثه حول هذه المظاهر محذرا: «واذا كانت الحكومة قد التزمت سياسة اللين والتسامح مع هؤلاء حتى اتهمت بالضعف وعدم الرغبة في تحمل المسؤولية فانها لن تتوانى من الان فصاعدا عن اداء واجبها في تنحية كل معطل لمصالح الشعب من اولئك الموظفين الذين لا يفهمون معنى الامانة في اداء اعمالهم». وحول العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وهي علاقة حذرة في الانظمة الديمقراطية كافة، تتسم بالمد والجزر، لكنهما في نهاية الامر تسعيان سويا للصالح العام وخدمة الاهداف العليا للدولة. ومن هذا المنظور القريب البعيد كان للشيخ جابر الاحمد وقفة امام هذه العلاقة حين قال: «ان نظام الحكم عندنا يقوم على اساس فصل السلطات، مع تعاونها وفقا لاحكام الدستور. واذا كان الدستور قد قرر مسؤولية كل وزير سياسيا عن اعمال وزارته امام الامير وامام مجلس الامة، فانه قد قرر في الوقت ذاته ان مجلس الوزراء هو المهيمن على مصالح الدولة وهو الذي يرسم السياسة العامة للحكومة، ويتابع تنفيذها ويشرف على سير العمل في الادارات الحكومية. وعلى اساس من هذه النصوص الدستورية الصريحة، والاعراف البرلمانية فالاصل ان تطلق يد الحكومة في تصريف الشؤون العامة وفقا لما تراه محققا للصالح العام، في حدود الدستور والقوانين النافذة وان يمهد امامها الطريق لتعديل هذه القوانين متى اقتضت المصلحة العامة ذلك، لا ان يضيق عليها الخناق لدرجة تفقدها القدرة على العمل، او تعوق نشاطها الحكومي والاداري».
ويمضي في هذا الاتجاه موجها حديثه لأعضاء المجلس، فيقول: «إن مجلسكم الموقر لا يألو جهدا في نقد اعمال الحكومة جملة، واعمال كل وزارة على حدة نقدا صريحا لا موارية فيه ولا مجاملة، وهذا حقكم بل واجبكم الذي ترحب به الحكومة كل الترحيب. ولكن هل من الصالح العام في شيء ان يضيع وقت السلطتين التشريعية والتنفيذية في موضوعات مكررة، او في اسئلة يشغل اعداد الاجوبة عليها اجهزة الحكومة ولا يفيد منها المجتمع شيئا؟ لانها لا تتناول في اغلبها الا مسائل شخصية، او لا يقصد بها إلا إحراج شخص وزير بالذات، او اثارة مناقشات جدلية لا طائل من ورائها، أليس من الافضل ان نركز على الموضوعات والاسئلة التي تعود على الشعب بالنفع العام، وان نرتفع بمناقشاتنا الى مستوى المسؤولية التي عهد بها الدستور ـ ايما عهد ـ الى الحكومة ومجلس الامة متعاونين فيما بينهما...؟». وبكل معاني السمو والصدق والايمان بحق الوطن في البقاء والازدهار، وبحق المواطنين في حياة افضل، كانت دعوة الشيخ جابر الاحمد لمواجهة مواضع الخلل والتحديات بروح تضامنية شجاعة وعزيمة تعاونية لا يرقى اليها الملل او يصيبها السأم.. لقد جاءت دعوته، ليقول لابناء وطنه وشعبه: «علينا ان نضاعف جهودنا ونزيل كل عقبة في طريقنا، لرفع المستوى المادي والاجتماعي لمواطنينا الذين ما زال مستواهم دون ما نرجو لهم، ولتأمينهم وذويهم على حاضرهم ومستقبلهم. علينا ان نوفر لجميع المواطنين بأقصر وقت ممكن، ومهما كلفنا ذلك، السكن الصالح فنزيد من بناء بيوت ذوي الدخل المحدود لتوزع على مستحقيها. علينا ان نعيد النظر في اجراءات الاستملاك والتثمين ومشاكل التنظيم وتوزيع القسائم، كي يجد من ثمنت بيوتهم بديلا عنها بالسرعة اللازمة، وحتى لا تظل ممتلكات المواطنين معطلة بين ايديهم، فلا هم يستفيدون منها ولا هم يحصلون على تعويض عادل عن تعطيلها. علينا تعجيل معاملات المواطنين وقضاياهم امام القضاء ودوائر الحكومة بقوانين تتفق وبيئتنا. علينا ان نحقق لاحيائنا السكنية وقرانا وجزرنا مزيدا من العناية، مع التعجيل بتزويدها بالمرافق الحيوية الضرورية. علينا ان نعيد النظر ـ منذ الآن ـ في أجهزتنا الادارية المختلفة على مستوى الادارة المركزية والادارة المحلية لإصلاح ما يحتاج منها الى اصلاح، وللتمهيد للتوسع ـ في الوقت المناسب ـ في نظام الحكم المحلي الذي يعتبر بحق اللبنة الاولى في صرح الحكم الديمقراطي في ظل توجيه الدولة ورقابتها طبقا لأحكام الدستور في هذا الشأن. علينا ان نحمل العاملين في اجهزة الدولة والهيئات والمؤسسات العامة على ادراك ان الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها، هدفها مصلحة الجمهور والشعب عامة لا الأهواء الشخصية والمصالح الخاصة. علينا ان ننسق سويا علاقات السلطتين التنفيذية والتشريعية لكي تعود للحكومة قدرتها على العمل المثمر لخير الجميع. علينا ان نحمل الشركات العاملة في بلادنا، لاسيما القائمة على ثرواتنا الطبيعية، على تفهّم ان ما لها من حقوق يتطلب بالدرجة الاولى مراعاتها بالدقة اللازمة لكافة التزاماتها نحو الحكومة ونحو العاملين في هذه الشركات من المواطنين مع تحسين حالة هؤلاء بما يتمشى مع ما تحققه من منافع».. هذا البيان التاريخي الذي أدلى به الشيخ جابر الاحمد امام مجلس الامة في بداية توليه ولاية العهد ورئاسته لمجلس الوزراء جاء معبرا عن حديث المجتمع الكويتي، وأماني وتطلعات شعب الكويت وهو يدخل عهداً جديداً، تقود رئاسة السلطة التنفيذية فيه شخصية اقتصادية متميزة عرفت بحنكتها وسعة افقها، وخبرتها ودرايتها بما يدور حولنا في عالم الاقتصاد والمال من تطورات ايجابية يعرف كيف يستفيد منها، واخرى سلبية يدرك ابعادها وكيفية تجاوزها والابتعاد عنها. هذا البيان الذي هو بمثابة استراتيجية عمل لرئيس الحكومة، تناولته الصحافة المحلية بالتحليل والتعليق لمدة طويلة، تفاعل الكتاب والمحللون الاقتصاديون والاجتماعيون والسياسيون مع مضامينها الآنية وتوجهاتها المستقبلية. هذه الحالة من الاستجابة والتفاعل التلقائي بين المواطنين ومضامين البيان لم تقف عند شرائح المثقفين والمفكرين من ابناء الكويت، بل ان صدى ذلك البيان الذي بدأ به الشيخ جابر الاحمد المرحلة الثانية من حياته السياسية والعملية بعد توليه ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء، قد هز ارجاء دواوين الكويت وملتقيات اهلها ومنتدياتهم ليصبح حديث الناس والمجتمع كله. وهذه الحالة من الامتزاج الفكري والوجداني بين المواطنين وبين الشيخ جابر الاحمد، فيما استعرضه من مشكلات مجتمعية، وما طرحه من حلول وافكار مستقبلية، لم تقف عند حدود الكويت، بل تجاوزتها الى وسائل الاعلام الخارجية التي اشادت بدورها بالبيان وبالكلمة وبالتحليل الموضوعي. هنا، يشير عبد اللطيف البحر الى حوار جرى بين الشيخ جابر الاحمد وبين مجموعة من العاملين في الحركة العمرانية والمخطط الهيكلي للدولة والقائمين على الاسكان الحكومي ، فيقول: «.... واذكر في هذه المناسبة، عندما صارت ازمة السكن في الستينات، وكان قد تم توزيع القسائم السكنية الخاصة، وكان يجري بيعها، ثم فجأة اوقفوا البيع، وبدت بوادر الازمة السكنية، وكانت المشروعات والقسائم الحكومية ـ آنذاك ـ تقع داخل الدائري الرابع الذي انشىء عام 64/1965م، وليس خارجه..». ويمضي البحر، فيضيف: «.... ومنذ حدوث هذه الازمة كان سموه يعطي كل اهتمامه لدراستها وحلها. فلما استحكمت حلقاتها طلب سموه ان نستدعي رئيس واعضاء مجلس البلدية لمقابلته، وطرح عليه فكرة الامتداد بالمشاريع الاسكانية الى ما بعد الدائري الرابع، حيث لم يعد هناك بديل آخر، وان الشباب مقبلون على الحياة ولهم احتياجاتهم، ولم يعد هناك قسائم تكفي. فقيل لسموه بأن هذه الاراضي تدخل ضمن املاك الدولة، وخارج تنظيم المدينة، فرد سموه بأن املاك الدولة هي للكويتيين ويجب توظيفها واستغلالها لخدمة احتياجاتهم الاجتماعية، وان الامتداد والنماء من سنة الحياة..». ولو تتبعنا تحركات الشيخ جابر الاحمد البناءة، وانجازاته الوطنية خلال الفترة من 31 مايو عام 1966 حتى 31 ديسمبر عام 1977، وهي الفترة التي تولى فيها ولاية العهد ومقاليد رئاسة الحكومة. لوجدنا انفسنا امام زخم من الافكار التي تسعى لمعالجة القضايا القائمة وطرح البدائل المناسبة برؤية مستقبلية تضع شأن الاجيال القادمة في اولويات حساباتها وبرامجها.. هذه الافكار والطروحات، وغيرها، جاءت ضمن بيانات ادلى بها امام مجلس الامة الكويتي في اكثر من خمس عشرة مناسبة.. متناولاً فيها الشأن المحلي بمختلف جوانبه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، او مدافعاً عن قضية العرب الاولى ـ القضية الفلسطينية ـ بروح وطنية وقومية نالت الشكر والتقدير من الدوائر العربية كافة والمتعاطفين مع حركات التحرر الوطني في العالم. او داعياً للمشاركة في دعم عمليات التنمية في الدول العربية الاكثر احتياجاً، وفي الدول النامية الاشد فقرا، او مندداً بالممارسات العنصرية اينما كانت، وخاصة قضية الفصل العنصري في الجنوب الافريقي. لقد اختار الشيخ جابر الاحمد دوماً منبر مجلس الامة للادلاء ببياناته الاصلاحية التزاماً بالواجب الدستوري، وايماناً بأن هذا المجلس هو بيت الكويتيين جميعاً، ومن خلاله تحدد المسؤوليات والواجبات والحقوق الوطنية، لتقوم كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية كل منهما في مجالها بتنفيذ ما يوكل اليها، وذلك تأكيداً لنص المادة الرابعة من دستور الكويت الذي حدد نظام الحكم في الكويت بأنه: وراثي محصور في ذرية المغفور له مبارك الصباح، وانه ديمقراطي، وان السيادة فيه للامة مصدر السلطات جميعاً. (المادة السادسة من الدستور).
يتبع | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:11 am | |
| الشيخ جابر الأحمد أميراً وحاكماً لدولة الكويت
في 20 ذو الحجة عام 1397 هـ الموافق 30 ديسمبر عام 1977م، انتقل الشيخ صباح السالم الصباح امير دولة الكويت الى جوار ربه، بعد ان ترك خلفه مسافة زمنية في الحكم امتدت زهاء اثني عشر عاماً حافلة بالعمل والمنجزات. وكان الشيخ جابر الاحمد رفيق دربه ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، يمده دوماً بما يحمله في فكره من مشروعات انمائية، وتطلعات مستقبلية واعدة لخير الكويت وشعبها، ولأنه كان موضع ثقة كبيرة لدى الامير الراحل، فقد تمكن الاثنان من السير بالدولة والمجتمع خطوات الى الامام، ترك معها الامير الراحل بصمات على سجل الكويت، لا يزال الجميع يتذكرها لكونها باتت جزءاً من تاريخ الكويت الحديث. لقد عاشت الكويت منذ القدم في احضان الشورى اسرة واحدة متضامنة متكافلة متراحمة، وكان نظام الحكم واختيار الحاكم جزءاً من هذا النظام منذ عام 1170 هـ الموافق 1758م، عندما اختار الكويتيون الشيخ صباح بن جابر (صباح الاول) حاكماً لامارة الكويت، من خلال بيعة شارك فيها الجميع.. تجاراً وبسطاء حرفيين ومهنيين، حضراً وبادية. هذا النظام الشوروي ظل ثابتاً ومستقراً في النظام السياسي لدولة الكويت. لا يقبل التأويل او التفسير، خاصة بعد ان التحمت من جديد ارادة الامة ممثلة بالسلطة والشعب في المادة الرابعة من دستور الكويت لعام 1962م، والتي تنص على الآتي: «الكويت امارة وراثية في ذرية المغفور له الشيخ مبارك الصباح، ويعين ولي العهد خلال سنة على الاكثر من تولية الامير. ويكون تعيينه بأمر اميري بناء على تزكية الامير ومبايعة من مجلس الامة، تتم في جلسة خاصة بموافقة اغلبية الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس. وفي حال عدم التعيين على النحو السابق، يزكي الامير لولاية العهد ثلاثة على الاقل من ذرية آل الصباح فيبايع المجلس احدهم ولياً للعهد. ويشترط في ولي العهد ان يكون رشيداً عاقلاً، وابناً شرعياً لابوين مسلمين. وينظم سائر الاحكام الخاصة بتوارث الامارة قانون خاص يصدر في خلال سنة من تاريخ العمل بهذا الدستور وتكون له صفة دستورية، فلا يجوز تعديله الا بالطريقة المقررة لتعديل الدستور». وقد حرص الدستور الكويتي ان يظل رئيس الدولة اباً لابناء الوطن جميعاً، وذلك حين نأى بالامير عن اي مساءلة سياسية وجعل ذاته مصونة لا تمس (مادة 54)، كما ابعد عنه مسببات التبعة وذلك بالنص على ان رئيس الدولة يتولى سلطاته الدستورية من خلال وزرائه (مادة 55)، وهم المسؤولون عن الحكم امامه (مادة 58) وامام مجلس الامة (المادتان 101 و 102). وعليه، فإنه من خلال هذه النصوص الدستورية، والقانون رقم (4) لسنة 1964م في شأن توارث الامارة، ونظام الشورى الذي عرفه الكويتيون، ولا يزالون متمسكين به، جاء اختيار الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح اميراً لدولة الكويت. المبايعة ركن أساسي في نظام الحكم
في 21 ذو الحجة عام 1397هـ الموافق 31 ديسمبر عام 1977م بويع الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح اميرا لدولة الكويت اثر وفاة المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح، ليصبح الامير الثالث عشر في أسرة آل الصباح، وثالث امير لدولة الكويت منذ استقلالها. وكان الشيخ جابر الاحمد، كما عرف عنه في الدوائر السياسية، وما كتب عنه في الصحافة العربية والعالمية، قد اعد اعدادا جيدا لتولي مهام عمله اميرا للبلاد. فقد كان مسؤولاً عن الامور المالية ومهتما بأمور التخطيط وشؤونهما منذ اواخر الخمسينيات، وولي عهد ورئيس وزراء نشط في العطاء والابداع، كان قريبا من قضايا الدولة والاحداث الجارية في المنطقة وفي العالم، وكان مشهودا له بحب العمل والاهتمام بالتفاصيل الدقيقة، والدقة في تناول القضايا. وكان لهذه الصفات والمميزات وغيرها دور رائد في حركة الاصلاح والبناء التي شارك فيها بفاعلية منذ مطلع الاستقلال، فقد أرسى واقعا، وقواعد جديدة للدولة والمجتمع العصري، قائما على القانون والنظام والعمل ومؤسسات المجتمع المدني، وهذا ما سهّل لدولة الكويت الدخول الى المجتمع الدولي وهي تملك رصيدا كبيرا من مقومات المجتمع الحضاري: وفي ذلك التاريخ، اي في 31 ديسمبر عام 1977م، ادلى رئيس مجلس الوزراء بالنيابة وزير الاعلام الشيخ جابر العلي السالم الصباح ببيان اعلن فيه»... باسم اخواني وابنائي واولادي من اسرة الصباح وايمانا بما يتمتع به حضرة صاحب السمو اميرنا ووالدنا المفدى الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح من حنكة ودراية ورؤية مستقبلية ثاقبة، ولما يكنه سموه لخير هذا البلد، ولما يشعر به من العاطفة الابوية التي يشمل بها كل ابنائه الكويتيين، ولتمسكه بكتاب الله وسنة رسوله، وتمثله بتراث الآباء والاجداد الذين ساروا عليه عبر ثلاثمائة سنة، في هذا البلد... بلد ذي ثلاثة اسوار، فاننا نعاهده بان نكون ابناء وجندا له مطيعين، عنه مفتدين... عاشت الكويت وعاش جابر»... وعلى اثر هذا البيان قام ابناء الشعب الكويتي بمبايعة الشيخ جابر الاحمد اميرا للبلاد، وهو نهج وسيرة تعارف عليها ابناء الشعب الكويتي حكاما وشعبا، وهي سيرة عطرة وسنة حميدة حرص عليها الجميع، كواحدة من مبادىء نظام الشورى في الحكم، فالحاكم لا بد ان يحظى بقبول واختيار الجميع، سواء كان ذلك على مستوى الاسرة الحاكمة او على مستوى الشعب عامة، وان تاريخ الكويت يشهد منذ ان اختير صباح الاول حاكما للكويت بان نهج الشورى كان اساسا في اختياره، وظل هذا النهج وبقيت تلك المبادىء قائمة الى يومنا هذا، فالجميع ارتضاه منهجا ومبدأ وطنيا، وعمل بموجبه ولم يشذ عنه، وجاء دستور الكويت لعام 1962م. ليؤكد بوضوح في مادته الرابعة هذه المبادىء والاعراف التي جبل عليها اهل الكويت، وساروا على هداها. وامام هذه الرغبة الشعبية الاجماعية، وكاجراء دستوري قام الشيخ جابر الاحمد بأداء اليمين الدستوري في اليوم التالي، وذلك في اجتماع عقده مجلس الوزراء في قصر المسيلة برئاسة رئيس مجلس الوزراء بالنيابة ووزير الاعلام الشيخ جابر العلي السالم الصباح، جاء فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
«اقسم بالله العظيم ان احمي الدستور وقوانين الدولة، واذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، واصون استقلال الوطن وسلامة اراضيه». ثم قدم رئيس الوزراء بالنيابة وزير الاعلام الشيخ جابر العلي اكبر الاعضاء سنا من الوزراء حمود يوسف النصف، وهو وزير الاشغال العامة آنذاك، ليلقي كلمة في هذه المناسبة، جاء فيها: «... يا صاحب السمو لقد فقدنا اليوم ببالغ الحزن والاسى اميرنا ووالدنا وقائدنا صاحب السمو الشيخ صباح السالم الصباح، تغمّده الله برحمته ورضوانه، وألهمنا الصبر والعزاء، لقد اراد خيرا للوطن فألهمه الله ان يختاركم وليا لعهده، وتكون محله عند القضاء المحتوم لتكملوا مسيرة كويتنا العزيزة نحو تقدم ورفعة البلاد، ونحن واثقون انكم تحملون الامانة بكفاءة ومقدرة، لتواصلوا العهد من اجل الكويت، داعين لكم بالتوفيق والنجاح»... وفي الثاني من يناير عام 1978م وجه الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح امير دولة الكويت كلمة الى الشعب الكويتي أبّن فيها المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح طيّب الله ثراه... ذاكرا صفاته الحميدة وحبه لأهل الكويت ومكانته في قلب كل مواطن... مشيرا الى الدور الرائد الذي بذله في بناء الكويت الحديثة... آخذا على نفسه الوعد بان يسير على خطاه في عملية البناء والتحديث.
وفيما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني وابناء وطني،،،، بقلوب مليئة بالحزن والأسى شيعنا والدنا البار، وقائدنا الحكيم، ورائد نهضتنا، فقيدنا العظيم المغفور له صاحب السمو الشيخ صباح السالم الصباح الى مثواه الاخير. لقد كان اميرنا الراحل والدا للجميع، احب الكويت واهلها حبا خالصا، وبادلته الحب والاخلاص، وكان وفيا لأمانيها وتطلعات شعبها، فبادلته الوفاء والولاء. لقد كرّس كل حياته منذ صغره لخدمة هذا الوطن، وبقي يتحمل الاعباء والمسؤوليات على حساب راحته وصحته، وأدى واجبه كاملا حتى آخر لحظات حياته.
لقد كان لفقيدنا الكبير ـ رحمه الله وطيب ثراه ـ مكانة رفيعة ومقاما ساميا في قلب كل مواطن من ابناء هذا البلد الامين، ولدى كل من عرفه من ابناء العروبة والاسلام، ولا استطيع ان اعبر عن مشاعري بصورة اعمق مما عبر عنها شعبنا العزيز في وداعه لقائده واميره، فقد عبّرت الكويت بأسرها عما تكنه من مشاعر اصيلة لفقيدها العزيز ومقدرة في الوقت ذاته لاشقائها في العروبة والاسلام مشاركتهم لها في مصابها الجلل.
اخواني،،، لقد بذل الامير الراحل كل جهده من اجل تقدم وازدهار ورفعة وطننا الحبيب، حتى وصلت الكويت في عهده الميمون الى ما وصلت اليه، من مكانة محمودة لدى الدول الشقيقة والصديقة كافة، واحتلت مكانها اللائق في المجال الدولي، وسوف نكمل المسيرة الخيرة التي اختطها فقيدنا الكبير، ونسير على خطاها لنحقق لوطننا مزيداً من الانجازات في مختلف المجالات. وسنبذل كل ما في وسعنا من جهد ووقت لتحقيق ما يصبو اليه شعبنا من امن وأمان. وفي الختام، اتوجه بالشكر والتقدير الى ابناء شعبنا الكريم كافة، والى المقيمين في رحاب هذا الوطن العزيز كافة والى كل من شارك في مواساتنا بمصابنا الاليم من الدول الشقيقة والصديقة.
وفقنا الله جميعاً وسدد على دروب الخير خطانا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
يتبع | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:13 am | |
| لقد اعتاد الشيخ جابر الاحمد منذ توليه رئاسة الحكومة ان يطرح على الشعب الكويتي، ومؤسسات المجتمع المدني في الكويت وعلى رأسها مجلس الامة الكويتي، برنامج عمله المستقبلي. شارحاً امانيه وطموحاته وتطلعاته لجعل الكويت بلداً ومجتمعاً حضارياً، وواحة امن وأمان للجميع، ينعمون بخيراتها ويتفيأون ظلالها، ويشاركون في بنائها وطناً عزيزاً للجميع، تسوده الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. نقول، لقد اعتاد الشيخ جابر الاحمد ان تكون له مثل هذه الوقفة، فهي فرصة يتاح من خلالها للشعب الكويتي ان يراجع معه ما تم انجازه تمهيداً للانطلاق معه الى المستقبل. وكان عند عادته، فحين وجه خطاباً سياسياً الى الشعب الكويتي يوم 14 فبراير عام 1978م، بعد انتهاء فترة الحداد الرسمي لوفاة الامير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح، اعلن فيه عن رؤيته المستقبلية السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والادارية، والعسكرية. مؤكداً ان الديمقراطية ليست مجرد الاطار الشكلي البرلماني، بل هي مفهوم حقيقي وممارسة شعبية فعلية نابعة من تراثنا وتقاليدنا، وفي هذا الصدد يقول: «..... لقد عاش شعبنا على هذه الارض الطيبة على مر السنين، تجمع بيننا اواصر القربى والتراحم، وتشدنا عرى التكاتف والتكافل، وقد الف الله سبحانه بين قلوبنا، وكان امرنا دائماً شورى، حتى غدت الشورى صفة اساسية للحكم، حرصت اجيالنا المتعاقبة على التمسك بها. فالديقمراطية متأصلة في نفوسنا جميعاً ككويتيين منذ القدم، الديمقراطية الصحيحة لا تعني مجرد الاطار الشكلي البرلماني، ولكنها تعني المفهوم الحقيقي والممارسة الفعلية للديمقراطية. وسنظل حريصين على ترسيخ ديمقراطيتنا الاصيلة بالمشاركة الشعبية النابعة من تراثنا وتقاليدنا، والتي سنعمل على تطويرها وانضاج ممارستها تلبية لمتطلبات مجتمعنا الجديد في اطار قيمنا واخلاقنا ومبادىء ديننا الحنيف...». ويمضي مستقياً العبر من انجازات الماضي، فيقول: «.... اننا اذ نذكر بالتقدير ما قام به الآباء والاجداد من اعمال وتضحيات، وما خلفوه لنا من منجزات، يجب علينا ان نواصل مسيرتهم ساعين لتحقيق الافضل والمزيد من التقدم والرقي لوطننا ومجتمعنا. وان ما نطمح اليه اليوم ونسعى لتحقيقه في المرحلة الجديدة من نهضتنا، هو بناء كويت المستقبل والمجتمع الافضل الذي تتعزز فيه منجزاتنا القائمة على الحق والعدل والاخاء والمساواة والعيش الكريم للجميع، والذي نعمل فيه جميعاً اسرة متحابة من ا جل خير الوطن ورفعته....». لقد تحدث الشيخ جابر الاحمد في هذا الخطاب الجامع عن جملة من التحديات العصرية الكبيرة التي تواجه مسيرة الدولة والمجتمع. مشيراً الى ان الاوضاع الادارية في المؤسسات العامة للدولة تحتاج الى تحديث وتطوير على جميع المستويات... تنظيماً واسلوباً وافراداً، كي تستطيع ان تواكب متطلبات المرحلة، ومعطيات علم الادارة الحديثة وتقنيتها. وهنا يشير الى الاوضاع القائمة بالنقد الموضوعي، والتوجيه البناء، فيقول: «.... ان بناء كويت المستقبل هو التحدي الكبير الذي يجب على جيلنا ان ينهض لمواجهته، وينذر نفسه لتحقيقه، وعلينا من اجل ذلك ان نشرع في بناء الدولة الحديثة التي تأخذ بأسباب التقنية المتقدمة، والاسباب العصرية في مختلف مجالات الحياة. ولعل اول ما ينبغي البدء به تحديث الادارة العامة والجهاز الوظيفي للدولة، وتطبيق المقهوم الحقيقي للوظيفة العامة باعتبارها خدمة عامة، وان الموظف العام من رئيس الدولة الى اصغر موظف في اجهزتها انما هو خادم لهذا الشعب الذي اعطاه ثقته، فيجب ان يصون هذه الثقة بالنزاهة والجدية ورعاية مصالح المواطنين دون اي تقصير او محاباة، وفي الوقت ذاته ينبغي النظر بعين الاعتبار لتحسين اوضاع العاملين في مختلف اجهزة الدولة من مدنيين وعسكريين، كما ينبغي تطوير وتحسين المرافق والخدمات العامة في القطاعات كافة، وتعديل القوانين والانظمة بما يكفل حل مشاكل المواطنين في تعاملهم مع وزارات الدولة وادارتها...». وعلى مستوى البناء الاقتصادي، والمشاركة الشعبية في بناء المجتمع، يدعو الشيخ جابر الاحمد باستمرار الى ضرورة الاخذ بسياسة الاعتدال في استغلال موارد الدولة، وحسن استثمار عائداتها، وحفظ حق الاجيال القادمة فيه، منوهاً بنشاط القطاع الخاص ودوره المشهود في تاريخ الكويت، متطلعاً الى دور اكبر لجامعة الكويت والمعاهد والمراكز العلمية ومؤسسات المجتمع المدني في بناء كويت المستقبل، الا ان وقفته امام بناء الانسان الكويتي كانت وقفة طويلة، حين يقول: «... ينبغي ان لا نغفل حقيقة اساسية، وهي ان افضل واحدث المعدات والاساليب التقنية لا يمكن ان تؤتي الثمرة المرجوة منها ان لم يقم عليها الانسان الكفء الجاد المخلص. لذلك فإن عملية بناء الدولة الحديثة يجب ان تواكبها عملية بناء الانسان الكويتي، واعداده لمواجهة تحديات العصر. وسوف يكون للشباب النصيب الاكبر من عنايتنا واهتمامنا فكويت الغد هي كويت الشباب رجالاً ونساء تنبض عروقها الفتية بدم الاشباب، وتنطلق الى المستقبل الزاهر بعزيمة الشباب وخطاه...». ويمضي ناصحاً الشباب نصيحة الوالد الموجه، فيقول: «.... اننا نريد شبابنا ان ينشأوا على الكفاح والجد والخشونة، والبعد عن الترف وحب المظاهر، مقتدين بآبائهم في الطموح وشدة المراس، وعدم الاسترخاء او التواكل....». ومن الشباب الى المواطنين عامة رسالة مماثلة حملها اليهم، يقول فيها: «نريد للمواطنين عامة ان يقدسوا العمل الشريف أيا كان نوعه، وان يقدروا قيمة الوقت ويكرسوه من أجل خدمة مجتمعنا.. نريد للمواطنين ان يحرصوا على المرافق والاموال والخدمات العامة، فلا يسرفوا في استهلاكها،. وان يتحلوا بروح الايجابية والتعاون مع جهود الدولة للصالح العام، وان يدركوا ان المعيار الحقيقي للمواطنة هو بمقدار الاسهام في خدمة الون، وتحقيق التوازن العادل بين الحقوق والواجبات وبين الاخذ والعطاء.». ويعود من جديد ناصحا ابناء وطنه، شارحا لهم ما يجيش في فكره وتطلعاته المستقبلية، فيقول: «ان وطننا يتطلع اليوم الى جيل مؤمن بربه ووطنه، يعكف على التزود بالعلوم والمعرفة والتقنية، ويجمع بين الاخذ بأساليب العصر الحديثة والتمسك بديننا وقيمنا ومثلنا واخلاقنا ويسعى الى اثراء حضارتنا العربية والاسلامية العريقة بانتقاء الارفع والانفع من ثمار الحضارات الاخرى بغير خضوع او انقياد لها..». وعلى المستوى السياسي جاء صوت الشيخ جابر الاحمد معبرا بصدق وقوة عن مواقف الكويت الداعمة لقضايا الامة وحقوقها، المتمسكة بعروبتها الملتزمة بمواصلةسياستها الخارجية، القائمة على ثوابت قوامها الحياد والوسطية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول اخرى، ومما يشير اليه في هذا الصدد أن: «الكويت المؤمنة بدينها وعروبتها، ستظل وفية وصادقة مع نفسها واشقائها، وستظل تكافح من أجل تعزيز التفاهم والتقارب ووحدة الكلمة، منتهجة سياستها المعروفة نفسها تحاه شقيقاتها الدول العربية، محترمة التزاماتها وتعهداتها، ساعية نحو علاقات الأخوة والثقة المتبادلة، متمسكة بقرارات القمة العربية، ومخلصة لشعب فلسطين ونضاله الوطني». ويمضي مؤكدا: «وستواصل الكويت انتهاج سياستها الخارجية الثابتة ، وستظل تبنى علاقاتها مع سائر الدول على اساس التقدير والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، دون تمييز بين شرق وغرب، وبما يخدم مصالحنا الوطنية وقضايانا القومية». وفي نهاي هذا الخطاب السياسي، توجه الشيخ جابر الاحمد الى ابناء شعبه حاملا اليهم ما يختلج في نفسه وفكره من نوازع الخير لوطنه.. طارحا امامهم تصوراته المستقبلية لكويت الغد.. داعيا الجميع للعمل يدا واحدة. بقوله: «لا يظن اي فرد منكم انه غير مسؤول، او ان المسؤولية يتحملها غيره، فكلنا اخوة متساوون، لا فرق بين كبير وصغير، غني وفقير الا بالحق وخدمة المواطن. وكلنا اخوة متحابون وابناء بلد واحد، ولا مكان للحسد او الحقد في نفوسنا، والكويت لنا جميعا، وعلينا جميعا مسؤولية بنائها، والذود عنها، ودفع عجلة التقدم والرقي فيها. ولكل واحد منا دوره وواجبه ومسؤوليته. وعلى جيلنا الحاضر مسؤولية جماعية خاصة، تفرضها تحديات عصرنا وطموحنا لان نجعل من الكويت مجتمعا حضاريا رائدا». ويضيف مشجعا الارادة والهمم، فيقول: «هذا هو قدر جيلنا، وعلينا ان نرتفع الى مستواه.. نحمل عن طيب خاطر عبء المسؤولية التي سبقنا الى حملها الآباء والاجداد وننذر انفسنا للقيام بها خير قيام، ثم نسلمها حين يشاء الله لمن بعدنا. وحسبنا ان يقال عنا ـ حينئذ ـ أننا أدينا الامانة، وحافظنا على كويتنا الحبيبة، واضفنا لبنة الى صرحها العتيد..!». وكان في قمة الصدق والايمان بارادة شعبه، حين وقف مناشدا: «انني ايها الاخوة اذ اتحدث اليكم هذا الحديث ادعوكم جميعا ان تعينوني بسواعدكم.. تعينوني بمشورتكم. تعينوني باقتراحاتكم. فنحن اقوياء بتكاتفنا.. اقوياء بتعاضدنا.. اقوياء برباط المحبة والتعاطف بيننا». لقد أراد الشيخ جابر الاحمد من خلال هذا البيان التاريخي ان يقف على نبض الشارع الكويتي حول مجمل المشكلات المجتمعية، وبخاصة الاجتماعية منها والاقتصادية والاستئناس برأي قطاعات الشعب المختلفة ومؤسسات المجتمع حول خطط الدولة المقبلة، والتعرف على مرئياتهم بشأن التداعيات الحضارية التي صاحبت انتقال المجتمع من حالته البسيطة وعلاقاته الاولية الى دولة عصرية يسودها النظام والقانون.. انها صورة من صور الديمقراطية والمشاركة في تحمل مسؤولية بناء الوطن والمواطن.
سموه يدشن فترة حكمه باللقاءات مع الشعب وفعاليات المجتمع الأمير يعتمد الاتصال المباشر بالمواطنين أساساً لتلمس معاناتهم ومشكلاتهم اللقاء بالشعب وفعاليات المجتمع
لقد وجد الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح امير دولة الكويت ان الخطوة التالية لتحركاته لا بد ان تكون من خلال الاتصال المباشر بالمواطنين، سواء أكان على المستوى الرسمي ام الشعبي، ذلك لان معاناة الناس ومشاكلهم لا يمكن تلمسها والاحساس بها الا عن قرب، ومن خلال المعايشة الشخصية لها، وان الافكار والمبادىء والبرنامج المستقبلي الذي طرحه في كلمته السياسية، ووجهه للشعب الكويتي بمناسبة انتهاء فترة الحداد الرسمي على الامير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح، لا بد ان تصل الى كل مواطن والى جميع شرائح المجتمع، وذلك في محاولة للوقوف على ردود الفعل لتلك الكلمة التي حاولت ان تحدد معالم المسيرة الكويتية المستقبلية. نقول، من هذا المنطلق كان للشيخ جابر الاحمد زيارات ولقاءات مع المواطنين في مناطق سكنهم، اتيحت الفرصة فيها لكل مواطن ان يعبر عما يختلج في صدره، وان يسأل ما يريد في جو اسري، وعلاقات تسودها الديموقراطية والكلمة الصادقة، وكانت اجاباته وردوده على تلك التساؤلات بمثابة اشارة للمراقبين عما كان يريد ان يقوله لابنائه وشعبه، وماهي الرسالة التي كان يحملها لتصل اليهم نقية صافية في لقاء الوجه للوجه. ففي 24 ابريل عام 1978م كان للشيخ جابر الاحمد لقاء مع الرعيل الاول، رجال البحر، جمعهم في مأدبة عشاء اقامها لهم في منزله بقصر دسمان، وكان له كلمة في هذا اللقاء، نذكر منها: «... يسعدني جدا ان اجتمع بالرعيل الاول، وفي الواقع انهم يمثلون آباء لي، وفيهم من يمثل اخوانا لي، واني اؤكد بأنني دائما لهم، ولا احب ان اسمع بان هناك مظلوما او محتاجا او عنده مشكلة، فبابي مفتوح لكم جميعا فاعتبروني ابنا لكم، وهذا في الواقع لا ينطبق فقط عليكم انتم بالذات، بل على كل كويتي، ارجو الله ـ سبحانه وتعالى ـ ان يوفقنا لما فيه خير هذا البلد وعزته».... وبتاريخ 26 ابريل عام 1978م كان للشيخ جابر الاحمد لقاء مع الضباط في سلاح الطيران والدفاع الجوي الكويتي، حيث تفقد قاعدة احمد الجابر الجوية مستمعا الى شرح مفصل من كبار ضباط سلاح الطيران عن طبيعة وسير العمل. وقد القى في هذه الزيارة كلمة، جاء فيها: «... لقد أثلج صدري ما رأيته اليوم في سلاح الطيران والدفاع الجوي، حيث انه احد المرافق الاساسية لحماية بلادنا وامتنا العربية، وان ما رأيته اليوم ليدل على ايمان وتصميم شبابنا ورجالنا على الذود عن بلادهم وامتهم العربية»... ويمضي مؤكدا: «... انني أحرص دائما على الاتصال بفئات الشعب كافة حتى نكون اقرب الى بعضنا، ونوثق روح الاسرة الواحدة التي بيننا، وانني على ثقة من ان شبابنا قادر على تحمّل مسؤولية الدفاع عن الوطن والامة، ولن تكون زيارتي هذه لكم الاخيرة، بل سأزوركم مرات عديدة، وأتمنى للجميع في القوات المسلحة كل توفيق في كل خطواتهم الهادفة الى حماية هذا الوطن، وهذا الشعب، وهذه الامة»...
| |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:13 am | |
| وبتاريخ 2 مايو عام 1978م التقى الشيخ جابر الاحمد مع رئيس واعضاء مجلس الادارة الجديد لجمعية الصحفيين الكويتية، فتحدث اليهم بانفتاح وصراحة كاملة، قائلا: «... اننا نريد من الصحافة الكويتية ان تكون عامل بناء دائما، وهذا لا يعني اننا نصادر حق النقد، بل اننا نرى ضرورة قيام الصحافة بالنقد البناء»... ويضيف قائلا: «... انني اتابع ما تكتبه الصحف الكويتية، وأبحث عن النقد، لانني كمسؤول لا يمكن ان ألم بكل شيء، ولهذا فانني اعتمد على ما تكتبه الصحف من نقد، ومن هنا، فانني ارجو ان تكون صحافتنا على مستوى المسؤولية، وان تناقش مشاكل الكويت بكل موضوعية، وتوجه المسؤولين الى ما فيه مصلحة الكويت، وهذا يستدعي ان تكون هناك علاقة بين الصحافة والمسؤولين»... ويستطرد في الحديث فيقول: «... انني من جانبي على استعداد، وفي اي وقت، لاستقبالكم وسماع مشاكلكم، كما ارجو ان تكون لكم لقاءات مع المسؤولين، وتأكدوا انهم يرحبون بذلك، سواء سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء او الوزراء او اي مسؤول في الدولة، لان الصحافة لها دور كبير في رصد اتجاهات الرأي العام، وهذا يهمنا...». وبتاريخ 8 يونيو عام 1978م قام الشيخ جابر الاحمد بزيارة محافظة الفروانية، حيث التقى هناك بابنائه ورجالات المنطقة، وذلك للوقوف والاطلاع عن كثب على اوضاع المنطقة ومشاكلها الحياتية، ففي حديثه مع المواطنين هناك، اشار: «... ان زيارتي لبعض المناطق التي تنقصها أمور كثيرة من الخدمات هي لتأكيد رعايتنا لهذه المناطق حتى تصل للمستوى المطلوب، كما هي الحال في المدينة....». ويمضي قائلا: «... انه امر طبيعي في كل بلدان العالم ان تنمو العواصم قبل غيرها من المناطق الاخرى، لكن الواجب يحتم ان تنمو كل المناطق، وتنهض معا»... ويحاول ان يلامس الواقع، فيقول: «... انني لم احضر هنا لألقي كلمات او خطب، بل جئت اليكم وانا مؤمن بالعمل الجاد والمثمر، ولا تفرقة عندي بين المدينة والقرية لان الجميع سواسية، وجميعكم اخوة اعزاء عندي...». ويختتم حديثه بالقول: «... من الطبيعي ان ينظر الانسان للمفاهيم نظرة الحريص على تحقيقها، وهدفنا هو الصالح العام، وانني ادعوكم الآن لترك الرسميات واطلب منكم حوارا مفتوحا، فدعونا نتحدث في محبة وسعادة من اجل رفع مستوى الوطن والمواطن»... وبتاريخ 10 يونيو عام 1978م كان للشيخ جابر الاحمد لقاء مع مواطني محافظة الاحمدي، حيث تحدث اليهم قائلا: «... الحقيقة انني سعيد بالاجتماع مع اخوة لي اليوم، كما استمعت لاخوة لهم في الاسبوع الماضي. وفي الواقع ـ كما ذكرت في لقائي السابق ـ انني لا اريد القاء الكلمات او الخطب، وانما نحن في ديوانية كبيرة نستمع ونبحث عن الحقيقة. فهناك امور عديدة يجب ان تتوفر لكم في المنطقة.. أمور تهم الجميع وللصالح العام. اما الامور الخاصة او التي تهم فرداً معيناً، فلا مجال هنا لطرحها . ان ما يجب الاستماع اليه هو امور المنطقة التي تهمنا بشكل عام... هذه الامور هي التي اريد بحثها هنا مع اخواني ابناء المنطقة...». وحول ذكرياته في هذه المحافظة قال: «.... ان محافظة الاحمدي لها وقع عزيز على نفسي، لانها كانت اول عمل رسمي لي، حينما كانت مدينة الاحمدي مجرد بيوت متناثرة من الخيام والبيوت الخشبية. وان عملنا بهذه المدينة ـ آنذاك ـ لم يدفعنا للتأفف والاحتجاج، بل ان خدمة الوطن دفعتنا للعمل في اي مكان وفي اي موقع..». وبتاريخ 18 يونيو عام 1978م كان للشيخ جابر الاحمد لقاء مع مواطني محافظة الجهراء اكد فيه على اهمية روح التعاون والاخوة المستمرة بين ابناء الشعب الكويتي. وقال في معرض حديثه لاهالي المنطقة«... الحقيقة كما سعدت بلقاء اخوان لكم في المناطق التي زرتها، يسعدني ان ازور اخواني في هذه المنطقة. ان مثل هذه الزيارات في الواقع يجب ان تستمر لمعرفة ما يجري، ومعرفة المتطلبات التي تهم المناطق، والتي يجب علينا كمسؤولين ان نلبيها لهم، انطلاقاً من الثقة التي اولاني اياها الشعب الكويتي لاحتل هذا المركز، من ثم فإن الواجب يحتم عليّ ان اتفقد احوال هذا الشعب لاكون عند ثقته...». ويمضي في حديثه ، فيقول: «... اليوم أزور هذه المنطقة، والجهراء بالذات ستكون آخر زيارة لي من هذه الزيارات في الوقت الحاضر، وآمل ان أتمكن من زيارة مناطق اخرى كلما دعت الحاجة الى ذلك. ان الجهراء لها شرف احتواء القصر الاحمر الذي يمثل ويرمز الى الشجاعة والى التضحية ويرمز الى التعاون الذي صمد امام من حاولوا المساس بتراب الكويت، والذي كان نقطة تغيير في تاريخ الكويت. ولو حصل ـ لا سمح الله ـ أي تخاذل، او حصل اي تسليم من قبل من كان يحمي هذا القصر، لكان قد حدث مالا تحمد عقباه. ولكن بالصبر والشجاعة والتضحية والمساندة، عندما استنجدوا باخوانهم في الكويت، هبت الكويت عن بكرة ابيها لمساندتهم في الدفاع عن ارضهم. ان هذا المنطق يؤكد حقيقة واحدة، وهي انه بالتعاون المستمر بين ابناء الشعب الكويتي في سبيل وطنهم وفي سبيل ارضهم، نجح ابناء الكويت في صد الكثير ممن حاولوا ان يمسوا تراب هذا الوطن، او كانت لهم اطماع في هذا البلد...و. وينتهي من حديثه مؤكداً لمحدثيه انه «... بالتعاون المستمر، وبالتآخي وبانكار الذات، سنصل دائماً الى هدفنا المنشود في الحفاظ على استقلال بلدنا، وارض بلدنا...». وبتاريخ 28 يونيو عام 1978 كان للشيخ جابر الاحمد لقاء مع ضباط ومسؤولي القطاعات التابعة لوزارة الداخلية، بعد ان تفقد اهم ما حققته الوزارة من اعمال وانجازات. وكان له في هذا اللقاء كلمة، جاء فيها: «... قبل فترة زرت اخواناً لنا في الجيش وفي سلاح الطيران والحرس الوطني، واليوم ازور اخواناً لي في وزارة الداخلية. وقد استمعت الى شرح من مختلف الادارات التابعة للوزارة، ويمكن ان يكون هناك ملاحظات لا مجال هنا لشرحها، لكنني اقول ـ بشكل عام ـ اننا كمسؤولين، من اكبر واحد في هذه البلد الى اصغر واحد، علينا ان نجد، وعلينا ان نجتهد وان نخلص..». مشدداً هنا على كلمة: (النزاهة... النزاهة.. ثم النزاهة في عملنا). موجهاً حديثه لجميع العاملين بالاجهزة الرسمية في الدولة دون استثناء، حين قال: «... يجب الا تغرينا المسائل المادية، وان لا تؤثر على الوظيفة التي كلفنا بها، ونحن هنا كمسؤولين جئنا لخدمة شعبنا، ويجب ان نكون عند ثقة هذا الشعب فينا...». ويمضي مؤكداً: «... وفي الواقع انا احب ان اوجه هذا الكلام بصفة عامة، وليس فقط للمسؤولين في الداخلية او في الادارات الاخرى، انما كمسؤولين.. مني شخصياً الى اصغر واحد فينا...» وهنا استدرك ملاحظة على قدر من الاهمية، حين اشار: «... لكن هنا احب ان ابرز نقطة واحدة خاصة برجال الشرطة والامن، وهي ان المواطن ينظر الى الشرطي وكأنه عدو له، ومن المؤسف ان هذه النظرة ليست في الكويت وحدها وانما في مختلف البلدان. وهنا، يجب ـ كرجال شرطة ـ ان نشعر هذا المواطن بأن وجودنا هو لحماية حياته، ولحماية ارضه، ولحماية ماله ـ وعلينا بالصبر ازاء بعض التصرفات التي يقوم بها المواطن، فمن واجبنا ان نكون لطيفين معه. ومن واجبنا ايضاً ان نهديه الى الطريق القويم. لكن هذا لا يعني انه ليس هناك بعض المستهترين الذين يتحدون القوانين، او يتحدون كرامة رجل الشرطة، مثل هؤلاء يجب ان نقف منهم موقفاً صارماً، ولا نسمح لهم بذلك، لان رجل الشرطة او رجل الامن له كرامته مثل اي شخص آخر...». ويضيف في هذا الاتجاه قائلاً: «..... في الواقع هناك اشياء وملاحظات كثيرة يمكن بحثها مع الوزير لامكانية تلافيها في المستقبل، ولا مجال الان لذكرها. وما احب ان اقوله لكم الان هو ان نعمل بجد واخلاص، مترفعين عن كل شيء يؤثر على عملنا ووظيفتنا، اذا اردنا ان نرضي الله ـ سبحانه وتعالى ـ اولاً، وان نرضي ضمائرنا ثانيا. لان العمل الذي نقوم به عمل جاد وهادف...». وبتاريخ 10 يوليو عام 1978م اقام الشيخ جابر الاحمد في منزله بقصر دسمان مأدبة عشاء تكريما لرجال الدين، القى خلالها كلمة ترحيبية بالحضور، جاء فيها: «.... ان مهمتكم كبيرة ازاء مواطنيكم، وازاء المسلمين عامة، انكم تعملون ما في وسعكم لتنبيه المسلمين الى ما امر الله ـ سبحانه وتعالى ـ به وما نهى عنه، متبعين في ذلك سنة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم...».
ويستطرد قائلاً: «... اننا نجتمع الليلة لنتدارس ولنتباحث في الامور التي تهم ديننا وعقيدتنا السمحة، وما تفرضه هذه العقيدة من واجبات علينا. وقد كلفت الاخ وزير الاوقاف بأن يشكل لجنة من اخوانه رجال الدين،لتكون على اتصال معي في الامور التي تهم ديننا وعقيدتنا. هدانا الله ووفقنا لما فيه خير هذه الامة...». وبتاريخ 2 اغسطس عام 1978م تفقد الشيخ جابر الاحمد اللواءين الخامس عشر والسادس للجيش الكويتي، بادئاً زيارته للواء الخامس عشر، وبعد ان استمع الى شرح حول الواجبات المناطة باللواء وحدود مسؤولياته، توجه فألقى كلمة بضباط اللواء، جاء فيها: «.... ان زيارتي لكم هي لاستمرارية الاتصال بكم، وليكون المسؤول الاول مع ضباطه دائماً، يتحسس الامور التي تعود بالمصلحة العامة على هذا البلد وشعبه الوفي...». وكان اللقاء الثاني مع اللواء السادس الذي وجه له كلمة، جاء فيها: «.... ان هذه الزيارة ستتبعها زيارات اخرى لجميع مؤسساتنا العسكرية التي هي اهم جزء في مجتمعنا الكويتي...». ويمضي ليضيف: «... لاشك، ان المهمة كبيرة، والمسؤولية شاقة، فعلينا ان نتحمل جميعاً الدفاع والذود عن هذا البلد كل من موقعه، اننا بالاخلاص والوفاء سنصل للهدف المنشود لنا. ثقتي بكم كبيرة لرفع مستوى هذا الجيش الى المكان اللائق به لخدمة وطننا وشعبنا الوفي وأمتنا العربية...». وبتاريخ 15 اغسطس عام 1978م كان للشيخ جابر الاحمد لقاء مع رواد الرعيل الاول من ابناء الكويت، وكانت لفته كريمة منه حين قام بزيارة المقهى الشعبي الكائن في منطقة السالمية، وذلك في اطار الزيارات التي حرص على القيام بها بعد توليه مقاليد الحكم، حيث تبادل الاحاديث الاسرية مع الرواد الاوائل والبحارة القدامى. ومما جاء في حديثه في هذا التجمع الشعبي: «... انتم الذين قامت الكويت على سواعدكم وعلى اكتافكم... انتم ابناء اولئك الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الكويت. ولا انسى ايضاً كثيراً من التجار الذين دفعوا اموالهم عندما احتاجت الكويت لهذه الاموال في سبيل الدفاع عنها...». ويمضي في هذا الحديث قائلاً: «... نحن كلنا نعيش في حلقة واحدة لا نسمح لأي واحد ان يدخل فيما بيننا.. اننا اخوان، واننا اهل ديرة واحدة، ولا يوجد بيننا حجاب ولا بيننا مانع، وان شاء الله تدوم هذه المحبة لما فيه مصلحة بلدنا وعزة بلدنا. واننا ما دمنا متكاتفين متضامنين متحابين فلن يقدر احد على ان يدخل او يتدخل بيننا..». وبتاريخ 18 اكتوبر عام 1978م قام الشيخ جابر الاحمد بزيارة جمعية المكفوفين الكويتية متفقدا فيها المطبعة، وقسم الكهرباء. والمكتبة الصوتية والبصرية، مطلعا على احوال المكفوفين متلمسا احتياجاتهم وما يواجهونه من مشكلات حياتية. وقد ألقى كلمة امام اعضاء الجمعية، جاء فيها: «جئتكم اليوم لأشعركم بانكم فئة من هذا المجتمع يجب علينا ان نقدم لها كل ما نستطيع من أجل اسعادها. لقد لاحظت في زيارتي هذه النشاطات التي تقوم بها الجمعية، وهي ان كانت محددة، فان سبب ذلك يرجع الى عدم استطاعة الجمعية في مقرها الحالي ان تتوسع في نشاطاتها. ونحن الان بصدد مساعدة جميع جمعيات النفع العام والاسهام في منشآتها..». وأضاف قائلا: «ومن الطبيعي ان جمعيات المعاقين سواء المكفوفون، ام الصم والبكم، وغيرها من جمعيات النفع العام، لها الحق في ان نوفر لها كل ما نستطيع حتى لا يشعر اعضاؤها باي نقص، ولكي يشعروا بان هذا الوطن مثل ما يسعد الفئات الاخرى في المجتمع، فانه يجب عليه ان يسعدهم اولا وان يضعهم بعين الاعتبار. واذا كنا قد تأخرنا في السنوات الماضية، ارجو من الاخوان ان يعذرونا، فقد انشغلنا باشياء كثيرة، وارجو ان نتمكن من انجاز المشاريع الخاصة بالمعاقين، وبالذات انديتهم الجديدة، وان نتمكن من تحقيق رغباتكم قريبا». ان الخطاب السياسي الذي افتتح به الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح امير دولة الكويت عهده الجديد لم يكن خطابا تقليديا، او ردة فعل لأوضاع محلية معينة او مؤثرات خارجية، بل كان بيانا الى الامة والشعب الكويتي، يدعوهم ويحفزهم لاستقبال مرحلة نهضوية من مسيرة المجتمع، يتوسم فيها الخير كله، اذا تضافرت الجهود وحسنت النوايا من أجل تحقيق نقلة نوعية في جميع نواحي الحياة، ومختلف مجالات العمل والانتاج التي يمكن أن تساهم في دفع عجلة التقدم والارتقاء نحو الأفضل. فاذا كان الشيخ جابر الاحمد قد بدأ مرحلة ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء ببيان شمولي، وانجازات سريعة واكبت ما ورد في البيان من افكار وطروحات، فان بداية عهده بالحكم قد بدأها ايضا بخطاب سياسي واكبه تحرك شخصي على المستوى الشعبي، سواء بزيارته لمؤسسات المجتمع المدني ام زيارة المواطنين في اماكن تجمعهم. لقد كان الخطاب واضحا، ومحددا للاهداف والغايات، وشاملا لجملة من القضايا المجتمعية التي تبحث عن حلول سريعة، او استكمالا لخطوات تنموية بدأها سلفه الامير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح.. بعبارة ثانية، جاء الخطاب بمثابة برنامج عمل يقوم به خلال مرحلة انتقالية اراد بها تحقيق شيء من النقلة النوعية التي اشار اليها، وسبق ان كررها في خطاباته وبرامج حكومته امام مجلس الامة الكويتي خلال الفترة التي ترأس فيها الحكومة، او في مناسبات معينة، او من خلال تصريحات صحفية. إن الشيخ جابر الاحمد في زياراته لمؤسسات المجتمع المدني والتجمعات الشعبية التي لا يزال ملتزما بزيارتها في المناسبات، وخاصة خلال شهر رمضان الفضيل. انما يمثل متابعة حية لشؤون الوطن، ومسحا ميدانيا عمليا لقضايا المواطنين وتطلعاتهم إلى المستقبل» هذه الزيارات بلا شك تمنحه رؤية حقيقية لمتطلبات الناس، وتجعل اتجاهاته الفكرية في مختلف المجالات، سواء اكان على مستوى التخطيط ام التنفيذ، تحاكي تلك التطلعات المستقبلية.. وهذا ما سنقف عليه في الفصل القادم من الكتاب. ولكننا قبل ذلك نستمع الى عبداللطيف البحر في تعليق له على مجمل هذه الامور حين يقول: «كان لدى سموه حس خاص باهمية روح الاسرة الواحدة والمحافظة عليها، وحثه الدائم على التعاون والتكاتف بين ابناء الكويت، وما خلا خطاب وجهه لشعبه الا ضمنه النصح والارشاد». ويمضي «البحر» في هذا السياق. فيقول: «وسموه دائم التواصل مع حميع فئات شعبه، يستمع الى آرائهم وطروحاتهم وقضاياهم ومشاركتهم في افراحهم واتراحهم. وكذلك حضوره للديوانيات لإثراء النقاش العفوي حول القضايا المحلية وغيرها. وكذا زيارة المواطنين في اماكن تجمعاتهم في المناسبات كشهر رمضان والاعياد. وان معظم قراراته نابعة من واقع هذا التواصل واحساسه بشعبه واحتياجاتهم وسبر غور مشاعرهم». وفي هذا السياق والاتجاه يحدثنا بدر النصرالله، فيقول: «كان سموه قريبا من حميع فئات الشعب، حريصا على زيارتهم في مناسباتهم المختلفة.. محبوبا وله حضور وقبول لدى جميع فئات الشعب. وكان في حياته مثالا للتواضع في سكنه ومعيشته، فأحس كل فرد في المجتمع الكويتي بانه منهم. ولدي مثال على ذلك، اذ ان ما يسمى بصالة الجوهرة في قصر دسمان. ما هو في الواقع الا مبنى متواضع. كان يتخذه سموه مكتبا ثانيا له، يجتمع فيه بعامة الناس والمسؤولين عند الساعة الرابعة بعد العصر لمناقشة مختلف الموضوعات والمشاريع. وكان هذا المبنى يعتبر مطبخا لافكار الشيخ جابر الاحمد..». هكذا، يتضح لنا من هذه الحوارات واللقاءات مدى التصاق الشيخ جابر الاحمد بشعبه وابناء وطنه التصاقا وعلاقة ألغت جميع مظاهر الرسميات التي تحاط عادة برئيس الدولة. فعلاوة على اتباعه لسياسة الباب المفتوح في عمله. ولقائه المباشر بالمواطنين في ديوانية يوم السبت من كل اسبوع فان انتقاله الى اماكن تجمعات المواطنين وزيارتهم في مناطق اقامتهم، وتفقد جمعياتهم ومؤسساتهم التطوعية بين حين وآخر، لدليل قاطع على قوة ومتانة العلاقة الابوية والاخوية التي تربط شعب الكويت بالشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح رئيس الدولة.
يتبع | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:14 am | |
| وان الشباب في نظر الشيخ جابر الاحمد وفكره طاقات مبدعة خلاقة منتجة تتفجر حيوية ونشاطاً، يمثلون مرحلة نضج وانطلاق امكانات بشرية هائلة، تدعمها قدرات وخبرات من العلم والمعرفة، ومن ثم، فإن على الدولة ان تحرص على انماء هذه الثروة، والاهتمام بها ورعايتها والحفاظ عليها. وهنا يحدد قيمة الشباب ومدى اهميتهم لنمو واستمرارية المجتمع وتطوره، حين يقول: «... الشباب هم التيار المتجدد في نهر الحياة للكويت، ولابد دائماً من دعم روافد هذا النهر، حتى لا ينقطع نبع القوة ومدد التجديد لجوانب الحياة في انحاء وطننا...». لم تكن الطفولة والشباب وحدهما في دائرة اهتمام الشيخ جابر الاحمد، بل ان للرعيل الاول الذين قامت الكويت على سواعدهم مكانة عظيمة في نفسه. من هنا فإن التواصل واللقاءات بينه وبينهم لم تنقطع، سواء قام بزيارتهم في اماكن تجمعاتهم ام حضروا للقائه في مناسبة ما. ويتجسد هذا الاهتمام عنده في العبارات التالية: «.... ان من واجب الوفاء على هذا الجيل ان لا ينسى الرعيل الاول الذين قامت على سواعدهم كويتنا الحبيبة، والذين ضحوا بأرواحهم واموالهم في سبيلها، ومنهم من يعيشون بيننا الان. فيجب ان نعمل ما في وسعنا لاسعادهم، وان نكون لهم ابناء بررة واوفياء راعين حقهم في التقدير والاجلال لما قاموا به وما قدموه من تضحيات...». اذا كانت الرعاية التعليمية والرعاية الاجتماعية في صلب اهتمامات الشيخ جابر الاحمد، فإن الرعاية الصحية كانت تسير معهما في خط متواز، باعتبار ان المواطن السليم بدنيا هو القادر على بذل الجهد في تلقي العلم، ثم في التخصص المهني، فالانتاج والخلق والابداع والاسهام في تنمية الوطن. واذا كان هناك دليل على تقدم الرعاية الصحية التي اولاها الشيخ جابر الاحمد عناية خاصة، فإنه يتجلى في ثلاثة مؤشرات هي: 1ـ العمر الافتراضي للانسان الكويتي الذي ارتفع معدله حسب بيانات منظمة الصحة العالمية من 63 سنة عام 1970 الى 74 سنة عام 1992م بالنسبة للذكور، في حين بلغ 77 سنة بالنسبة للاناث، وهي واحدة من اعلى المعدلات في العالم المتقدم، ويمكن تفسير ذلك بارتفاع المستوى المعيشي والوعي الصحي، والمستوى الثقافي للمواطن الكويتي. 2ـ اما المؤشر الآخر، فهو معدلات وفيات الاطفال التي نلاحظ فيها انخفاضاً هائلاً، وخاصة بين الاطفال الرضع، حيث انخفض حسب بيانات وزارة الصحة الكويتية من 3،41 الى 7:10 لكل الف طفل على مدى حقبتين من الزمن منذ السبعينيات وحتى التسعينيات. 3ـ اما المؤشر الثالث ، فإنه يتضح فيما تبذله الدولة في مجال الرعاية الصحية، والتي تتمثل في معدلات الانفاق على الخدمات الصحية سنوياً. ففي الاحتفال الذي شمله الشيخ جابر الاحمد برعايته بمناسبة افتتاح المؤتمر الطبي الثامن، اليوبيل الفضي للجمعية الطبية الكويتية في نوفمبر عام 1989م، كان له وقفة امام هذه الخدمات الانسانية، حين يشير في كلمته الافتتاحية لاعمال المؤتمر: «.... ان الطب علم وتجربة، وممارسة واخلاق، وان الناس يرون في الطبيب يد الرحمة الالهية والتقدم العلمي، والذي يجمع بين التطلع الدائم الى المزيد من المعرفة، والتواضع امام قدرة الله تعالى الذي احاط بكل شيء علماً....». ويستطرد قائلاً: «.... ان الطب من ابرز محاولات الانسانية لانتصار الحياة، وزيادة قدرتها على تخطي عقبات الضعف والمرض. وهو كما يجمع بين الجانبين الوقائي والعلاجي، يجمع ايضاً بين الجوانب الجسمية والنفسية والعقلية، وينظر الى الانسان في شموله مستهدفاً ان يحيا حياة سوية صاعدة الى مستويات افضل..». ويؤكد:«.... ان هذه النظرة الشاملة التي انتهى اليها الطب الحديث، هي ذات النظرة التي انطلق منها الاسلام، والتي رسم بها الاطار العام لانماط الحياة التي ارتضاها رب الناس للناس...». ويمضي في هذا الاتجاه الفكري، فيقول: «... ان الصحة منحة، وان المرض محنة، واننا نود ان يخفف الطب من محن الانسان، لتعود الى النفوس والاجسام الصحة والطمأنينة، وليكون الفرد والمجتمع اكثر قدرة على السير في طريق التقدم.. واننا نؤمن بقضاء الله وقدره، ونؤمن بأن الطب ذاته من قدرة الله، وان لكل انسان قدره المحتوم. وان في العلاج لقاء بين العلم والدين...». ويأتي تأكيده على دعم حقوق الانسان، فيشير: «... ان العناية بالانسان تكريم لمن يقوم بها، كما هي حق للمحتاج اليها، والتقدم في الطب، في اي فرع وفي اي مكان، انما هو تقدم انساني شامل...». وفي نصحه للاطباء والباحثين في مجال الطب، دعاهم الى ان يكون العمل الدائب والتعاون طريقهم، والرحمة والسعي لشفاء الانسان هدفهم. وهنا يشير بين امور اخرى: «... لقد حفظ لنا تاريخنا، كما يحفظ لنا حاضرنا، نماذج كريمة ونبيلة لاعلام الطب الذين اناروا طريق العلم والاخلاق، وكانت يد الله فوق ايديهم رحمة وبرا وشفاء...». ان الفكر الاجتماعي لدى الشيخ جابر الاحمد جاء في اطاره الشمولي، فالعلم والمعرفة والصحة الجيدة لا بد ان تواكبها رعاية سكنية لائقة، من هنا كان السكن احد القضايا الاجتماعية والانسانية التي استحوذت على اهتماماته بنفس القدر من الرعاية والمتابعة اللتين بذلهما للجوانب الاخرى في حياة الانسان الكويتي، معتبرا ان السكن هو الركيزة الاساسية لحياة الفرد، حيث يمكن من خلاله ان يمارس حياته الطبيعية، ويباشر فيه وظائفه الاسرية. ويمكن لنا أن نعتبر توقيت انطلاقة الكويت الحقيقية في مجال الرعاية السكنية هو عام 1975م، عندما انشئت الهيئة العامة للاسكان، وان كانت الرعاية السكنية بدأت خطواتها الاولى منذ سنوات بعيدة، وعلى وجه التحديد عام 1951م. وكان اضخم مشروع اسكاني هو ما قام الشيخ جابر الاحمد بتسميته «مشروع القرين الاسكاني»، نسبة الى الاسم التاريخي الذي عرفت به الكويت في القرن السابع عشر، والذي شمله برعايته، حيث وضع حجر الاساس له، وازاح الستار عن اللوحة التذكارية لنصب المشروع، وغرس نخلة تخليدا للمناسبة، وذلك في ابريل عام 1986م، هذا المشروع الذي يضم 13 الف وحدة سكنية، يمكن لها ان تستوعب حوالي 000،100 نسمة، وبتكلفة قدرها 750 مليون دينار كويتي. وان للسكن حرمة خاصة لدى الشيخ جابر الاحمد، مما جعله يصدر امرا لوزير المالية لابلاغ البنوك المحلية كافة بعدم المساس بالسكن الخاص للمواطنين، فيما يتعلق بمعاملات الحجز وغيرها، مهما كانت المبررات. وتطبيقا لهذه الرغبة السامية، صدر المرسوم الاميري بالقانون رقم، 121 لسنة 1986م، باضافة بند جديد الى المادة 216 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، الصادر بالمرسوم بالقانون رقم 38 لسنة 1980م، لتحقيق هذا الغرض. وهنا يقدم لنا عبداللطيف البحر مثالا حيا من ذكرياته حول ما سبق، فيقول: «... ويحضرني قول اتفق عليه زعيمان اشتراكيان: احدهما عربي، هو كمال جنبلاط،، والآخر هو مستشار النمسا برنوكرايسكي حول الكويت بعد التعرف على نهضتها في ظل قيادة سمو الشيخ جابر الاحمد، حين قال الزعيمان: لقد اخذت الكويت احسن ما في النظام الاشتراكي: العدالة الاجتماعية، والضمانات الاجتماعية، وتوفير العلم، والخدمات الطبية والعلاجية، كما اخذت احلى ما في النظام الرأسمالي: الديموقراطية، والحريات العامة، والاقتصاد الحر، وحرية انتقال رؤوس الاموال، وهذا ما لم يتوفر في اي مكان آخر»... تأسيسا على ما سبق، نستطيع القول بان سعادة الشعب وتقدمه ونماءه كان هدفا اساسيا في فكر الشيخ جابر الاحمد، سعى الى تحقيقه على مدار سنوات عمله منذ ان كان حاكما امنيا لمدينة الاحمدي ومناطق النفط، مرورا بدائرة المالية ووزارة المالية والصناعة، ثم ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء، فحاكما لدولة الكويت. نقول، خلال هذه المواقع، وبالمسافة الزمنية التي قطعها في خدمة الدولة والمجتمع، كان هذا الهدف ـ دائما وابدا ـ محور تفكيره... يسير امام كل مشروع انمائي، يبارك دراسته والتخطيط له، او الشروع في تنفيذه، وما دعوته ومساندته لتحقيق مجتمع الرفاه الا جزء من ذلك الحلم الذي كان يسعى اليه، فاصبح حقيقة واقعة. كم هو سعيد اليوم لاختفاء ظاهرة الامية بين الكويتيين، وتبوئهم للمناصب القيادية والادارية كافة على جميع مستوياتها في الدولة... وكم هو سعيد ايضا عندما يلاحظ الحالة الصحية في الكويت تحتل موقعا متميزا ومرموقا في تقارير منظمة الصحة العالمية... وكم هو سعيد الآن لان سياسة اعادة توزيع الثروة التي اتبعها قد حققت هدفها، واصبحت الكويت اليوم ـ بحق ـ نموذجا لدولة الرفاه بين دول العالم الثالث في ظل نظام ديموقراطي، واقتصاد حر، وحياة متوازنة قوامها العدالة الاجتماعية وضمان حقوق الانسان، وكفالة الحريات العامة.
--------------------------------------------------------------------------------
أكد أنه لا ينظر إلى الدول بمقياس كبر حجمها أو عدد نفوسها وإنما بترابطها الأمير: الكويت عميقة الجذور ثابتة الفرع طيبة الثمر واطيب ثمارها حب أبنائها الكويت في مواجهة الارهاب
ان الأمن دائما هاجس ملح بالنسبة للشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح، ودعوته المتكررة للوحدة الوطنية والتأكيد عليها في اكثر من مناسبة، دليل على ان هذه الدعوة هي صمام الامان، وهي القوة التي ستواجه اي عمل تخريبي، او اطماع يراد بها النيل من هذا المجتمع. وان بيانه الى الشعب الكويتي يوم 22 يناير عام 1984م. بمناسبة احدى حوادث التفجير، يبين مدى قلقه على مستقبل الكويت.. هذا البلد الآمن الذي لم يعتد شعبه على مثل هذه الحوادث المؤلمة.
لقد جاء ذلك البيان ليحذر المواطنين من ظاهرة عانت منها الشعوب الاخرى، فجاءت لتطل برأسها المليء بالشر على المجتمع الكويتي. وليبين ان التصدي لها لا يتم الا بتعاون الجميع وتكاتفهم. وهذا ما يشير اليه حين يقول: ان الكويت وطننا جميعا وكلنا يعمل من أجلها ليست الكويت فردا ولا تحيا بفرد، ان الفرد حياة محدودة، والامة حياة ممدودة، ليست الكويت انا وانت.. انها نحن، وآباؤنا من قبلنا.. وابناؤنا من بعدنا. ان الكويت امة عميقة الجذور ثابتة الفرع، طيبة الثمر، وان اطيب ثمارها هذا الحب الذي يجمع بين قلوبنا،. والتماسك الذي نعتز به في مسيرتنا، واللواء الذي نرفعه. وقد كتبنا عليه عهد الوفاء، كلنا للكويت والكويت لنا...». ولم يمض عام 1984م، حتى كانت الكويت قد تعرضت لمحنة ارهابية اخرى، كانت محنة الطائرة كاظمة التي اختطفت من قبل شرذمة من الارهابيين العرب، وكانت القيادة الكويتية، ومن خلفها شعب الكويت يتابعون تلك المأساة الاليمة، لا يملكون من وسائل الدفاع عن ابنائهم المحتجزين في تلك الطائرة سوى الدعوات والتضرع الى الله ـ سبحانه وتعالى ـ ان يخلصهم من هذه الايدي المجرمة، وان يعيدهم سالمين. وكان للكويت ما ارادت فخرجت لاستقبالهم يوم 12 ديسمبر عام 1984م. وكان في مقدمة المستقبلين الشيخ جابر الاحمد امير دولة الكويت وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح. ومما قاله الشيخ جابر الاحمد في تلك اللحظات المؤثرة: «ان الله ـ سبحانه وتعالى ـ حمى الكويت بترابط اهلها وتضامنهم وتكاتفهم وان الدول لا تنظر اليها بمقياس كبر حجمها او عدد نفوسها انما بترابطها». ويمضي في كلمته المرتجلة، فيقول: «ان الكويت كلها كانت تتابع باهتمام مصير ابنائها الذين كانوا مختطفين على متن الطائرة وان هذا الاهتمام لم يقتصر على رابطة الاسرة او العائلة او القرابة فالكويتيون كلهم عائلة واحدة. كما اكد لوفد من المواطنين الذين زاروه شاكرين على موقف القيادة الكويتية من المحنة التي مروا بها: «ان الكويت عاشت على ان تقدم الخير لغيرها.. وانها لم تقدم الشر للاخرين في يوم من الايام لكنها لا تريد الشر لنفسها».
من هنا، فان ارتباط الشيخ جابر الاحمد بابناء بلده وشعبه تتجلى في كل مناسبة سواء أكان ذلك في افراحهم في عزائهم هذا الترابط العفوي الذي تمليه الاعراف والتقاليد السائدة في المجتمع الكويتي والذي لازم الكويتيين كأسرة واحدة منذ فجر تاريخها، وقد ظل الترابط باقيا الى اليوم رغم بعض المظاهر التطورية التي صاحبت هذه العلاقة الاجتماعية. وكان ـ ولا يزال ـ يحاول بشكل او بآخر ان يعود بها الى حالتها الطبيعية العفوية. وللتدليل على ذلك، فقد لاحظ ان بعض المواطنين يقومون بنشر اعلانات تشكره على مثل هذه المبادرات الانسانية، وهي حالة لم يجد لها داعيا. اضافة الى التكلفة المالية التي يتحملها المواطن، الامر الذي دفعه الى ان يطلب من المواطنين عدم تكليف انفسهم هذه النفقات. معلنا ان ما يقوم به هو مجرد مشاركة وواجب كرب للأسرة الكبيرة وهذه ـ بلا شك ـ لفتة اراد بها ان تعود العلاقة بين الحاكم وابناء شعبه الى حالها الطبيعية النقية. إن علاقة الشيخ جابر الاحمد بشعبه علاقة ابوية حميمة تحكمها تلك العلاقات الاسرية التي تربط رب الاسرة بابنائه واقربائه كما ان الشعب الكويتي يكن له كل تقدير ومودة وقد تجلت العلاقة الحميمة في صور مختلفة ومناسبات متعددة سواء أكانت تلك المناسبات سارة ام مؤلمة. فانه كان بين ابنائه، كما كان هؤلاء الابناء يلتفون دائما حوله. وقد تجلت صورة هذه المحبة المتبادلة في الاعتداء الاثم الذي تعرض له موكبه، وهو في طريقه الى مكتبه صباح يوم 25 مايو عام 1985م. كان لهذا الحادث الاثم ردود فعل شعبية عارمة، ظهرت من خلال الهيئات الحكومية والتنظيمات الاهلية، جمعيات نفع عام ـ اتحادات اصحاب اعمال ـ نقابات عمالية ـ اندية واتحادات رياضية جمعيات تعاونية، وغيرها من الفعاليات الاهلية، التي أجمعت على شجبها واستنكارها لهذا الاعتداء، وتأكيدها على الوحدة الوطنية والوقوف الى جانب اميرها وقيادته الحكيمة. وفي مساء اليوم التالي لذلك الاعتداء الآثم اقيم مهرجان شعبي خطابي بنادي القادسية الرياضي، شاركت فيه جموع الشعب الكويتي وعلى رأسها الهيئات والمؤسسات الاهلية السالفة الذكر. ومما قيل في هذا المهرجان الشعبي: ان الخدوش التي اصابت وجه اميرنا يوم امس، ما هي في حقيقة الامر الا جروح عميقة في ضميرنا جميعا، وسنقطع تلك الاصابع التي خدشت وجه الكويت. سنقطعها بوحدتنا وتكاتفنا وديمقراطيتنا. وسيجدون في شعب الكويت العربي حكاما ومحكومين، شيبا وشبابا رجالا ونساء، الجدار الصلب الذي تتحطم عليه مؤامراتهم، ولن نسمح لهم بهدم ما بنيناه ولن نرضخ لغدرهم وضلالهم وسنكمل ما بدأه الاباء والاجداد من بناء لكويتنا الحر العربي. وتمضي هذه الجموع البشرية، ومؤسساتها المدنية، معبرة عن مشاعرها واحاسيسها حيال قائد مسيرتها الشيخ جابر الاحمد بكلمات وعبارات يسجلها التاريخ، وهي تعلن على الملأ: «... ان من العواطف والاحاسيس ما يملأ الصدر، ويفيض فيضا، عجز المرء ان يترجمها، فضاقت الكلمة واستعصت وامتد اشراقها اشعاعا وايحاء، فلن تسمو الى تعبير عما شهدته الكويت من مشاعر عربية فياضة، واحاسيس انسانية نبيلة صادقة، استنكارا وتنديدا وشجبا لهذه الجريمة البشعة التي استهدفت رمز كويتنا جابرنا وجابر افراحنا، واستهدفت حياتنا الديموقراطية بكل مؤسساتها الدستورية...». وتتجلى هذه المشاعر الوطنية حين تلتحم بالاحاسيس الروحية والوجدانية لابناء الكويت حيال اميرهم ووالدهم... وهي مشاعر واحاسيس ترجمتها كلمات وعبارات، تقول: «... ان فعل الخير والايمان بالعمل لن يضيع عند صاحب الخير، وهذا ما لاقيته يا جابر، ان عناية الله لن تنسى المحسنين الصادقين، اما جزاء الغادرين الاشرار فانهم محاسبون في الدنيا، من جنود الله الذين لن ينسوا هذه الفعلة القذرة، وسينالهم القصاص ـ لا محالة ـ من الله في الآخرة يوم الحساب، اما انت يا جابر فسر على بركة الله. لا تثنيك عن قصدك هذه الشرذمة من الحاقدين المرتزقة، رسل الشياطين، والكويت كلها معك تحميك وتفديك، وستبقى رمزا للحرية والدفاع عن الحق، الله معك يرعاك ويحميك بعنايته»... لقد كان لردود الفعل الشعبية المحلية معنى كبير ضد تلك الفئة الضالة التي ارادت السوء بشعب الكويت والنيل منه في شخص قائده، واستمرت ردود الفعل هذه كبيرة وغاضبة، ولأيام متوالية تتصدر الصفحات الاولى للصحافة المحلية، لتتناقلها وكالات الانباء والصحف العربية والعالمية بصفتها نموذجا ومثالا لمدى حب الشعب لقائده والتفافه حوله. لقد جاء الاعتداء ليبرهن للعالم ان شعب الكويت اسرة واحدة، متمسكة بقيادتها ولا ترضى لها بديلا، وهذا ما اكده فيما بعد المؤتمر الشعبي الذي عقد في جدة بالمملكة العربية السعودية ابان فترة الاحتلال والعدوان العراقي على دولة الكويت. لم تكن ردود الفعل هذه محصورة في المستوى المحلي، بل تجاوزت ذلك الى المستوى العربي والدولي الرسمي منه والشعبي، حيث توالت البرقيات والمكالمات الهاتفية على الشيخ جابر الاحمد مستنكرة الحادث بكل ابعاده واهدافه. هذه المواقف والصور التي جاءت مليئة بحب الشعب لقائده، تؤكد بكل قوة ان شعب الكويت لن يتخلى عن النظام السياسي الذي ارتآه وان الاسرة الكريمة... اسرة آل الصباح التي اولاها هذا الشعب كل ثقته منذ نشأة الكويت، ستظل باقية وماضية في طريقها اجيالا تلو اجيال، وهذا ما أكدته المادة الرابعة من دستور الكويت. | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:14 am | |
| لقد كان الشيخ جابر الاحمد فوق مستوى الحدث الذي تعرض له شخصيا، والذي كاد ان يدفع فيه حياته ثمنا لمواقف الكويت والمبادىء التي ظلت متمسكة بها، وعملت ـ ولا تزال ـ تعمل بموجبها على جميع المستويات، فها هو في لقاء مع رؤساء تحريرالصحف المحلية في الاول من يونيو عام 1985م، يبلغ زواره ان هاجسه الاول والاخير ان تبقى الكويت ـ كما كانت دائما ـ اسرة واحدة متماسكة، خيرها التعاون والتآلف، ومنطلقها الالتزام الثابت لخير وصالح المواطنين والمقيمين، مع تكريس لا يحيد عن قضايا الامة العربية والاسلامية. وفي هذا السياق، وبتاريخ الاول من يونيو عام 1985م وجه الشيخ جابر الاحد كلمة الى الشعب الكويتي بمناسبة استئنافه لنشاطه الرسمي بعد الاعتداء الآثم على موكبه... كلمة شدد فيها على حماية المنجزات التي حققتها الكويت، وبذلت في سبيلها الكثير، مؤكدا على رفض المساومات والمجاملات على حساب الوطن... كلمة صدق حملت في طياتها رد الوفاء حين اشار موجها حديثه الى شعبه الوفي: «... ان مشاعر الايمان والمحبة التي فاضت بها نفوسكم على سجيتها، ونحن نجتاز المحنة التي كانت تفيض بها نفسي، فكنا جميعا نعبر في موقف واحد ولحظة واحدة عن الرباط القوي الذي يجمعنا، وكان الايمان بالله ومحبتكم دوائي وشفائي هكذا كنا، وهكذا تكون دائما».... ويمضي ناصحا ومرشدا، فيقول: «... اننا بذلنا الكثير لتصبح الكويت دار امان واستقرار، ومنبرا للحرية والديموقراطية، ونبعا للخير وعلينا ان نبذل الكثير لحماية هذه المنجزات واستمرار اشعاعها، ولا حماية دون نظام، دون التزام دقيق بالتنفيذ، ولا نجاح للالتزام الا بجعله فوق المساومة والمجاملة على حساب الكويت»... ويتوالى مسلسل الارهاب على الكويت وشعبه باختطاف الطائرة الكويتية «الجابرية» في 23 ابريل عام 1988م، وقد وجه الشيخ جابر الاحمد كلمة الى شعبه اثر انتهاء هذه المحنة، اكد فيها: «... ان الكويت ليست سلعة في سوق السياسة، وان مبادىء الكويت ليست أوراقا على موائد المفاوضات، وان شمس كرامة الشعب الكويتي لا تغيب، ولن تغيب، بإذن الله تعالى»... واوضح: «... ان الطائرة المختطفة عاشت ستة عشر يوما، كانت فيها ارض صراع بين الذين لا يملكون ما يدفعون به عن انفسهم، وبين اشباح ابت ان تظهر في النور، فمن الظلام جاءت والى الظلام عادت...». ويمضي امام هذه المحنة مؤكدا صلابة الجبهة الداخلية في مواجهة اية محاولة لاختراق الوحدة الوطنية، فيشير: «... لقد حاول البعض اختراق الوحدة الوطنية، وما زالوا يحاولون، ولكن بعون الله تعالى، وبتماسك ووعي من ابناء الكويت، خرجت وحدتنا الوطنية من كل هذه المحاولات، وهي اصلب عودا، واعمق بصيرة، واعلن ابناء الكويت: ان الكويت هي الام والاب والارض والعرض... انها الماضي والحاضر والمستقبل... ارض عاشت على الايمان بالله تعالى، والتماسك بين ابنائها في السراء والضراء، وهذا هو ميثاقهم الذي عاهدوا الله عليه»... لقد كان الشيخ جابر الاحمد ـ ولا يزال ـ شديد الحساسية تجاه امن الكويت، وامان شعبها، رغم سياسة الكويت الداخلية التي تؤكد عمليا حسن معاملة الغرباء على ارضها، وضمان حقوقهم، ومحاربة اشكال التمييز كافة والتفرقة في المعاملة ضدهم، ورغم سياستها الخارجية الملتزمة بالسلام والحياد، ونبذ العنف والصراعات في معالجة القضايا الدولية والاقليمية، وخصوصا القضايا التي تمس علاقات الجوار. نقول رغم هذا كله، فقد صدق حس الشيخ جابر الاحمد فيما كان يذهب اليه حين نفذ على ارض الكويت مسلسل ارهابي مبرمج، خططت له بعض الدوائر العربية التي احتضنت قوى الارهاب العربي والعالمي، وراحت ضحيته ارواح بريئة من شعب الكويت والمقيمين على ارضها... هذا المسلسل الآثم الذي لم يقف عن مواصلة جرائمه بحق الكويت وشعبها، | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:15 am | |
| الفكر الاقتصادي لسمو الأمير
العرض السريع لجهود الشيخ جابر الاحمد امير دولة الكويت الذي استخلصناه واستنبطناه من ثنايا خلاصة فكره الاجتماعي والمجتمعي، وفي جانب منه، وليس كله.. هذا الفكر المبادر الذي يحمله الشيخ جابر الاحمد الى مواطنيه في كل مناسبة واخرى، ويدعوهم للمشاركة في تحمل جزء من مسؤولياته.. هذا الفكر الملتزم بقضية الانسان الكويتي ومشكلاته يحاول الشيخ جابر الاحمد ـ باصرار ـ السعي الى تطبيقه منذ صدور بيانه التاريخي الذي ألقاه امام مجلس الامة الكويتي في يونيو عام 1970م ذلك البيان الذي هدف الى تقييم مسيرة البناء، وتحديد معالم المستقبل بالتخطيط لمقومات الدولة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. ان الالتزام بالكلمة موقف شجاع وقضية حق مقدسة. وهي واحدة من المزايا الخُلقية والادارية الفذة التي جعلت من الشيخ جابر الاحمد رجل دولة واسع الافق بعيد النظر شديد الحرص على النهوض بالمجتمع الكويتي الى ارقى مراتب التقدم الحضاري، مع الحرص الشديد على الالتزام والتقيد بانجازات الماضي وحسناته، لكونها تمثل صور البطولات ونضال الشعب الكويتي على جميع المستويات. هذا الالتزام والحرص على الوفاء للكلمة جعله قريبا من الحس والنفس الشعبي والوطني.. يتحسس من خلالهما مشاكل المواطنين الحياتية، ويتلمس من خلالهما ايضا معاناتهم الناجمة عن التداعيات السلبية المصاحبة لعملية التطور والرقي الحضاري. هذا الادراك الحي الفطري لقضايا المجتمع، وبخاصة في جانبها الاجتماعي والمجتمعي، لم يأت من فراغ او نتيجة لردود فعل آنية، او ممارسة مهنية، بل كان نابعا من حالة المعايشة الشعبية التي كان يصر دوما على ان يكون في أتونها يفرح لنجاحاتها التي تسير في الطريق القويم ويحزن لاخفاقاتها التي تسير في طريق المحاكاة والتقليد. من هنا، كان يطلب بالحاح شديد من الاجهزة الرسمية والاهلية العامة في الميدان الاجتماعي السعي لايجاد الحلول المناسبة والسريعة للمشكلات الاجتماعية التي تطل برأسها على المجتمع بين حين وآخر، حتى لا تتفاقم هذه المشكلات وتتدحرج ككرة الثلج، فتلد كل واحدة منها مجموعة من المشكلات الجانبية، تكبر بمرور الزمن، فتصبح قضية تشكل سياجا خطرا حول بنية المجتمع تقلق بال كل مواطن، وتأخذ من جهد المؤسسات العاملة في هذا الميدان اضعاف ما كان مطلوبا منها لو تمت مواجهتها منذ البداية. ذلك لان المواجهة المتأخرة رغم الجهود المضاعفة تحمل لنا حلولا ومعالجات تأتي في معظم الاحوال مشوهة ومكلفة. من هذا المنظور القريب البعيد كان يرى الشيخ جابر الاحمد ان مواجهة المشكلات والقضايا الاجتماعية والمجتمعية لا يمكن ان تعالج باسلوب فردي احادي. فالجميع ـ مواطنون وهيئات رسمية واهلية ـ مطالبون ومدعوون للتعاون في عملية المواجهة متى ارادوا ان تكون الحلول ناجعة ومفيدة. ذلك لان اي طرف من هذه الاطراف لا يستطيع وحده ان يفكر ويعمل وينجح في مسعاه ما لم يشدّ الآخرون من أزره، ويتعاونوا معه في كل خطوة يقدم عليها. فالمجتمعات المتقدمة لم تحقق هذه الطفرة الهائلة في الحضارة الانسانية من فراغ بل من خلال التعامل والتكامل بين مؤسسات الدولة سواء أكانت حكومية ام اهلية.. انها حالة من التكامل والتمازج العضوي في كينونة الدولة، وسمفونية شذية متناغمة يعزفها المواطنون وتستمع اليها قياداتهم السياسية في حفل انتصارهم الحضاري. فاين نحن من هذا كله؟ ومتى نستطيع ان نقطع المسافة التي تفصل بيننا وبين العالم المتقدم؟ انها مجرد امان ننشدها، وقد يراها البعض ضربا من الاحلام. لكن أليس من حق هذا الشعب، وهذا الوطن ان يحلما بمستقبل افضل كما تطمح اليه قيادته السياسية وعلى رأسها الشيخ جابر الاحمد؟ بداية نود ان نشير الى حقيقة ساطعة، وهي إن كان المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح، امير دولة الكويت الاسبق، رائد الديمقراطية الكويتية، فان الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح، امير دولة الكويت اليوم هو رائد النهضة الاقتصادية والصناعية التي عمت البلاد منذ ان تعهد، بصفته رئيسا لدائرة المالية ثم وزيرا للمالية والاقتصاد، باقامة وتأسيس الشركات والمؤسسات الاقتصادية والصناعية والخدمية. وكانت قدرته الفائقة على التحليل، بجانب ثقته بنفسه، وثقة كل من الشيخ عبدالله السالم الصباح، والشيخ صباح السالم الصباح، الكبيرة به ومحبتهما له، هي التي يسرت له العمل في هذا المجال بقوة مما جعل الامور الاقتصادية وغيرها ـ جميعا ـ بيده في ذلك العهد. ان ابناء الجيل المعاصر للشيخ جابر الاحمد وعلى وجه الخصوص ابان توليه منصب وزير المالية والاقتصاد والتجارة. شهود على انجازاته التي شكلت ـ ولا تزال ـ دعائم الاقتصاد والمال والصناعة والخدمات الوطنية العظيمة. وفي هذا الصدد يحدثنا خالد ابو السعود، فيقول: «لقد اجمعت الاراء على ان سمو الشيخ جابر الاحمد هو رجل اقتصاد من الطراز الاول وهو من كان ـ دائما ـ وراء المشروعات العظيمة التي كانت من دعائم بناء وتنمية الاقتصاد الوطني وراعي تأسيس الشركات المساهمة وتفعيل دورها، وواضع اسس السياسة الاستثمارية لاموال الاحتياطي العام. ولقد كان هو صاحب فكرة انشاء احتياطي الاجيال القادمة، وراعي خطة استثماره. كما عمل على دخول الكويت كعضو عامل في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وغيرهما من المنظمات الاقتصادية العالمية والاقليمية». وقد آثرنا التركيز على تغطية جوانب الفكر الاقتصادي للشيخ جابر الاحمد، واهم انجازاته الاقتصادية ونتائجها المستقبلية خلال الفترة التي تولى فيها حاكمية مدينة الاحمدي ومناطق النفط عام 1949 ثم رئيسا لدائرة المالية عام 1959م فوزيرا لاول وزارة للمالية فوليا للعهد ورئيسا لمجلس الوزراء. يعتبر الاقتصاد الكويتي وعناصره التي يقوم عليها، والتي أرسى قواعدها الشيخ جابر الاحمد، ركنا مكينا في البناء الكويتي، وهو اساس رئيسي في انطلاقة وازدهار الدولة ووسيلة الانسان الكويتي لصنع التنمية على ارضه وامتداد الخير لمن حوله. ويقوم الاقتصاد الكويتي على اساس الحرية المنظمة فحرية العمل مكفولة امام رأس المال الخاص، بالاضافة الى قيام الدولة بالعديد من المشروعات الضرورية الحكومية والمشتركة. ولقد اجمع خبراء الاقتصاد العرب والعالميون على ان الشيخ جابر الاحمد هو مهندس الاقتصاد الكويتي، منذ ان تولى زمام الامور في مدينة الاحمدي ومناطق النفط عام 1949م، تاركا بصماته وافكاره وتطلعاته المستقبلية على كل ما تقوم به الدولة، وتنفذه في مجال التنمية الاقتصادية على المستويين المحلي والعالمي. فعلى المستوى المحلي، كانت فكرة توزيع الثروة على ابناء الشعب بطرق مختلفة، وتعدد مصادر الدخل دون الاعتماد على سلعة واحدة «النفط»، من بنات افكاره التي طرحها بالحاح شديد. اما على المستوى العالمي، فقد اقترح امام قمة عدم الانحياز في بلغراد في سبتمبر عام 1989م اربعة مقترحات عملية لحل مشكلة الديون وفوائدها التي تعاني منها الدول الفقيرة، كما كرر في الخطاب الذي ألقاه في الامم المتحدة، اثناء انعقاد دورتها الـ 43، دعوته في ايجاد نظام اقتصادي انساني عالمي وعادل، مؤكدا على ان الفوائد المتزايدة لديون دول الشمال على دول الجنوب ذات تأثير سلبي على التنمية في دول الجنوب، مما يعرقل بناءها وتطورها، وقد ادخلت هذه الدعوة وهذا المقترح كوثيقة رسمية من وثائق الامم المتحدة، لتصبح فيما بعد جزءا من اعلان «كراكاس». لقد كان لدعوة الشيخ جابر الاحمد، وفكره الاقتصادي الذي حمله معه ونقله الى المجتمع الدولي، صدى دوليا واسعا، فقد لقيت مقترحاته ترحيبا كبيرا من عدد كبير من رؤساء دول العالم، والامم المتحدة، والمنظمات الدولية المتخصصة وخاصة تلك المنظمات والهيئات العاملة في المجالات التنموية. وفي هذا السياق يتحدث عبد اللطيف البحر، فيقول: «... كان سموه ـ حفظه الله ـ مثالا لرجل الدولة الذي يدير الازمات بحكمة وروية وحنكة سياسية واجتماعية، وكان لديه حس اقتصادي فطري لازمه طوال ادارته لمسار الاقتصاد الكويتي، وكان لدى سموه قاعدة تكاد تكون ثابتة في فكره الاقتصادي، اذ كان ينظر الى اي مشروع اقتصادي من منظور ثلاثي: اقتصادي وسياسي واجتماعي، وكان يشدد دائما في كل دراسة على الجدوى الاقتصادية لما يعرض عليه، والتأكد من ان هذه العناصر متوفرة فيه سعيا لضمان تحقيق الهدف من اقامة المشروع».... | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:15 am | |
| ويؤكد هذا القول سكرتير مكتب الشيخ جابر الاحمد الاسبق بدر النصر الله، فيقول: «... لقد لمست طوال عملي مع سموه، ان لديه فكرا واهتماما فطريا بالجانب الاقتصادي، فهو من اقام قواعد بناء الاقتصاد الكويتي وتطوير مساره، بجانب قيادته وتوليه لامور النفط وشركاته وعوائده، ووضعه لسياسة الاستثمار وتنظيم العلاقات الاقتصادية مع مختلف الدول، وتوزيع مداخيل النفط وعوائده على الشعب من خلال «التثمين»، بجانب رعايته لنهضة الكويت وتقدمها وتطوير الخدمات بها»... وعن نهج الشيخ جابر الاحمد يقول خالد ابو السعود: «... ومن المعروف عن الشيخ جابر الاحمد انه متدين، فهو في جميع اموره الشخصية وتوجهاته يسير على النهج الاسلامي، فيتحاشى مثلا التعامل بالفوائد او الاستثمار في اسهم الشركات ذات الاغراض المحرمة شرعا كشركات الكحول او ألعاب الميسر او مأكولات الخنزير، وكنا نعرف عنه هذا النهج، وكانت استراتيجية الاستثمار التي نسير عليها تراعي هذه الامور، وعلى الرغم من ان اموال الحسابات الاحتياطية تستثمر في جميع اوجه الاستثمار من اسهم وسندات وعقار وودائع... الخ، الا ان نسبة الاسهم والاستثمار الجيد المباشر كانت تدر ارباحا تزيد باضعاف على فوائد السندات او الودائع، ويركز سموه على الاستثمار الملموس الطويل الاجل والبعيد عن المضاربة او المتاجرة مع مراعاة تقوية وتطوير السوق المالي الكويتي باشكاله المختلفة، وقد ادت سياسة سموه هذه الى امتلاك الدولة لاجود المحافظ الاستثمارية الدولية، والى حيازتها لنسب عالية في اسهم اكبر الشركات العالمية»...
مسيرة الاقتصاد الوطني بين التطور والازدهار
قبل اكتشاف النفط بزمن طويل عرفت الكويت، بصفتها مركزا تجاريا مهما في الخليج، التجارة وتبادل السلع، وقد وصل تجار الكويت بسفنهم الى جنوب شرقي آسيا وشرقي افريقيا، وكانت السفن الكويتية تمخر عباب المحيط الهندي على شكل سلسلة من الرحلات البحرية المنتظمة، زودت الرعيل الاول بحنكة تجارية وخبرة في التعامل مع الآخرين على اختلاف اجناسهم وطبائعهم وعاداتهم. وكان اكتشاف النفط وبدء تصديره في نهاية الاربعينيات نقطة تحول مهمة في تحديث وتبديل نمط الحياة الاقتصادية في الكويت، فقد بدأت الفوائض المالية بالتزايد مع تجاوز ايرادات النفط للانفاق العام، مما دعا الى ضرورة ايجاد السبل لاستثمار تلك الفوائض، وتنميتها للصالح العام، واشرفت على تلك الجهود ـ آنذاك ـ دائرة المالية التي كان يرأسها الشيخ جابر الاحمد من خلال مكتب الاستثمار الكويتي في لندن، وادارات متخصصة في دائرة المالية في الكويت. ولقد لعبت الدولة، منذ ان تولى الشيخ جابر الاحمد رئاسة دائرة المالية، ثم وزارة المالية في المراحل الاولى من تطور الاقتصاد الوطني، دورا حيويا لتراكم رأس المال التجاري، واقامة صرح المشروعات الصناعية المختلفة، ولقد برز دور الدولة في تحقيق التحول الصناعي عن طريق اقامة الشركات الصناعية والتجارية وحماية المشروعات الداخلية، وبعد ان تخطى الاقتصاد الكويتي هذه المرحلة، برز دور الدولة بصفتها حارسة يقوم الافراد في ظلها بممارسة نشاطهم الاقتصادي والتجاري بحرية تكاد تكون كاملة. لقد اعتمدت الدولة، منذ الخطوات الاولى في مسار الاقتصاد الكويتي، على الايرادات النفطية بصفتها مصدرا احاديا ومهما واساسيا لايرادات ميزانية الوزارات والادارات الحكومية بشكل مباشر، ومحركا لنشاطات سائر القطاعات الاقتصادية الاخرى بشكل غير مباشر، وسوف يستمر هذا الوضع حتى يتغير الهيكل الاقتصادي والمالي، بحيث يقل الاعتماد على مصدر واحد للايرادات. اذ لا تشارك الايرادات الاخرى، وهي ايرادات رسوم، واثمان خدمات، وايرادات استثمار المالي الاحتياطي، الا بما يقارب 30% من المصروفات الجارية، وعموما فانه مع ازدياد الايرادات تزداد النفقات العامة التي تقدمها الدولة من اجل اشباع الحاجات العامة. ولم يغب عن فكر الشيخ جابر الاحمد حاجة الاقتصاد الوطني الى المراجعة والتأمل بين وقت وآخر لضمان حسن ادائه، وعلاج مشكلاته، وترشيد مساره من خلال تبني مجموعة متكاملة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسكانية، تهدف الى تقليل الاختلالات الهيكلية، وزيادة معدلات نمو القطاعات الاقتصادية، وذلك بعد اجراء الدراسات المكثفة والمتعمقة التي يمكن تطبيقها بصفتها مجموعة موحدة ومتناسقة. وقد اضحت عملية التخطيط الشامل اكثر من ضرورية لمتابعة وقياس اداء الاقتصاد الكويتي بشكل مستمر، وتحقيق التوازن بين قوى العرض والطلب بالسوق المحلية، واعطاء دفعات قوية لقطاعات الانتاج غير النفطية لتقليل الاعتماد على مصدر ناضب كمورد رئيسي للثروة والدخل، وتنمية الموارد البشرية، وفي مقدمتها العنصر البشري الكويتي للارتقاء بمساهمة في قوة العمل الاجمالية بشكل مستمر، وترشيد استخدام الموارد المالية، وتوجيه الانفاق الخاص بما يعود بالنفع على المجتمع، ويضمن توظيف رأس المال الخاص، ومدخرات الافراد في مشروعات وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية. لقد كانت الاعوام 1976/1977م مشحونة بالانجازات الرائدة، شعر بها الجميع، سواء على المستوى الشعبي داخليا ام لاحظه المراقبون في الخارج، عن وجود تحولات تنموية، وتوجهات سياسية تحدث في الكويت لصالح بناء المجتمع المدني، ودعم مسيرة النظام الديموقراطي الذي اتخذته الكويت طريقا ومنهجا لها في الحياة وفي النظام السياسي. ففي الداخل، كانت اهتمامات الشيخ جابر الاحمد منصبة بشكل كبير على تنفيذ مشروعات المخطط الهيكلي للدولة، وقد عهد بهذه المهمة ـ حينذاك ـ الى عدد كبير من كبار المستشارين المعماريين في العالم لوضع تصوراتهم للتوسع المعماري، والتخطيط الحضاري والمدني في الكويت. فالكويت تنمو، والسكان يتضاعفون، والحياة تتبدل من حال الى حال ولا بد من مواجهتها بحس وفكر حضاري... هذا المشروع الضخم، الذي نلمس اليوم نتائجه على ارض الواقع، كان ثمرة من ثمار جهد وفكر الشيخ جابر الاحمد ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء آنذاك، والذي كان حريصا كل الحرص على ان يترأس اجتماعات خبراء المخطط الهيكلي بنفسه، ليزودهم بتوجيهاته وارشاداته وتطلعاته المستقبلية. فاذا كان المخطط الهيكلي للدولة أحد المشاريع الكبرى التي شغلت بال الشيخ جابر الاحمد، فان خطة تطوير الجهاز الوظيفي، ورفع كفاءته لكي يكون له مردود طيب في مجال العطاء الوظيفي، كانت هي الاخرى احدى المشروعات الكبيرة التي نلمس نتائجها اليوم، والتي جعلت للكويت مكانا بين صفوف الدول المتقدمة في علم الادارة والتنظيم الاداري. وما أن انتهى هذا المشروع حتى تقدم بمشروع اخر، وبرغبة ضرورية في انجازه، ألا وهو مشروع القسائم السكنية للمواطنين. وراح يرعاه بنفسه، ويطلب بالحاح شديد ان تنتهي بلدية الكويت من اعداد هذه القسائم، ليتم توزيعها على المواطنين قبل نهاية عام 1977م، ليتحقق الامل للمواطن في امتلاك بيت مناسب يأويه وافراد اسرته. وخلال هذه المرحلة ايضا، وبجهود الشيخ جابر الاحمد، بادرت الكويت باتخاذ خطوة نفطية ذات تأثير هائل في هذه المنطقة. لقد قررت الكويت ان تستعيد ثروتها الطبيعية النفطية، وان يكون لها كامل السيطرة عليها، وبالاضافة الى انه اولى خلال هذه المرحلة، امور الصناعة والتصنيع في البلاد اهمية بالغة، وسوف نتناول هذه الانجازات باسهاب اكثر في موضعها من فصول الكتاب التالية فيما بعد. النظام المالي للدولة
ان النظام المالي للدولة، هو مجموعة المؤسسات والعلاقات التي تمارس الدولة من خلالها نشاطها المالي، وترتيباً على ذلك فإن النظام المالي في فكر الشيخ جابر الاحمد، هو جزء من النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للدولة، الذي يتمثل هدفه بالامور التالية: 1ـ المحافظة على الاستقرار الاقتصادي، خاصة وان طبيعة هذا النظام معرضة لبعض الازمات الطارئة. 2ـ عدالة توزيع الدخل القومي بهدف تقليل الضغوط التي يتعرض لها النظام الرأسمالي عادة بسبب التناقضات والتفاوت الحاد في نمط توزيع الدخل. 3ـ التخصيص الكفء للموارد لتقليل تبديد الموارد الاقتصادية. 4ـ دعم النمو الذاتي لهذا النظام لتأمينه وحمايته. وتهدف هذه الاغراض جميعها الى تحقيق ما يعرف بالرفاهية الاجتماعية، وهذا هو وجه التكامل بينها. من هنا كانت فلسفة دولة الرفاه في مقدمة الاهداف في فكر الشيخ جابر الاحمد، والذي سعى الى تحقيقها منذ توليه الشؤون المالية في الامارة، ومن ثم في الدولة. يقول خالد ابو السعود في هذا الصدد: «... لقد كان للخبراء الاجانب قبل الاستقلال ـ وبخاصة الانجليز منهم ـ دور عملي كبير في دائرة المالية وما يتبعها من ادارات اخرى في ذلك الوقت، واذكر منهم «ماكريجرMcgrager» وكان مسؤولاً عن ملف النفط، و«ستورفر Strover» وكان مسؤول حسابات الاستثمار الذي يشمل اموال الاحتياطي، ويقوم «دوف Doff» بادارة العمليات المصرفية، بينما كان «اودونيل Odunell» مسؤولاً عن الشؤون الادارية وهكذا..». ويمضي ابو السعود مؤكداً: «.... وكانت هذه الدائرة من اهم الدوائر التي توليها الدولة رعايتها، لانها كانت تتولى حركة البناء والتشييد، حيث كانت الدولة في ذلك الوقت في حركة بناء ونمو مستمر، وكانت على ارتباط ببقية الدوائر الاخرى في الدولة من خلال ما تقوم به من تغذية مالية...». وفي هذا السياق يمضي ابو السعود، فيقول: «..... عند تولي الشيخ جابر الاحمد رئاسة المالية في عام 1959م، تغير مسمى الدائرة ليصبح دائرة المالية والنفط كما تغير بعد ذلك مسماها عدة مرات. وكانت هذه التغيرات في المسمى تحدث وفقاً للتطور والاغراض والنشاطات التي كانت تضاف اليها، او ترفع عنها. وكانت هذه الدوائر تقوم في الوقت نفسه ببعض اعمال الادارات الاخرى التي لم تكن لها دائرة قائمة بذاتها، مثل البريد والبرق التي كانت تقوم بنشاطاتها شركة انجليزية، حيث الغيت هذه الشركة بعد سيطرة الحكومة على شؤونها كلياً، واصبحت تحت ادارة ومراقبة دائرة المالية...». ويسترسل ابو السعود في سرد ذكرياته عن تلك المرحلة، فيقوب: «.... لم يكن آنذاك جهاز للخارجية فكانت دائرة المالية تقوم عملياً بكثير من الاعمال التي من المفترض ان يقوم بها جهاز الخارجية، مثل الاتصالات والعلاقات الدولية، وابرام معاهدات معينة، واتفاقيات نفطية معينة، واجتماعات المنظمات الدولية والاقليمية وغيرها..». ويعود ابو السعود ثانية، ليؤكد: «....ان دائرة المالية، في عهد الشيخ جابر الاحمد، كانت ـ عملياً ـ هي مركز نشاطات الدولة، وخصوصاً الدوائر التي لم تكن قد تأسست آنذاك، والتي انبثقت فيما بعد من رحم دائرة المالية.. بعبارة ثانية كان التنظيم الاداري واحداً من الامور التي شغلت فكر الشيخ جابر الاحمد، في تلك الفترة في خطوة منه لجعل الكويت دولة مؤسسات. وكانت انجازاته في هذا الاتجاه كبيرة، وكان اول انجاز رئيسي قام به هو تنظيم ميزانية الدولة...».
إدارة وتنظيم الميزانية العامة للدولة
لقد كان للشيخ جابر الاحمد افكاره العصرية في تنظيم الهياكل الاساسية لكيانات مؤسسات الدولة، فقد اهتم بإرساء التنظيمات اللازمة لميزانية الدولة الحديثة، فمنذ ان تسلم دائرة المالية في عام 1959، بدأ التخطيط لتوضع ميزانية دقيقة ومرتبة للدولة. هذه الجهود والرغبة في التحديث واجهت صعوبات كثيرة، تمكن من التغلب عليها بمساندة ودعم المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح، وكان من نتيجتها ان اصبح للدولة ميزانية حسب المعايير والاصول المتعارف عليها، يتم الصرف منها بموجب البنود الواضحة، وفي حدود اللوائح والنظم المالية. وفي هذا المضمون يقول فيصل المزيدي، وهو واحد من رجالات الرعيل الاول الذين عملوا معه: «.. كان سمو الشيخ جابر الاحمد يعتبر الميزانية العامة للدولة دعامة اساسية من دعائم النظام السياسي والمالي في البلاد، والمنهاج السياسي والادارة الفعالة للخطة العامة الادارية والاقتصادية والاجتماعية للحكومة..». ويضيف المزيدي، فيقول «.. قبل ذلك الوقت، اذا احتاج رؤساء الدوائر اموالا كانوا يرسلون طلبهم الى احمد عبداللطيف «مدير دائرة المالية»، فيتم الصرف بهذا المقتضى، ولم يكن سموه يحبذ هذه الطريقة غير المنظمة في الصرف، فأمر بتشكيل لجنة اقتصادية وصناعية، كنت ارأسها، وكانت مهمتها النظر في الامور الاقتصادية وطلبات الصرف المالية..». ويمضي المزيدي في هذه الاضافة، فيقول: .. وفيما يتعلق باللجنة الاقتصادية والصناعية، فقد دعمها بالخبرات العربية كأعضاء فيها. ومن هؤلاء الاستاذ الياس سابا، الدكتور بشير الداعوق والدكتور صائب الجارودي، والدكتور عصام عاشور. وجميع هؤلاء ـ بالاضافة الى الاخرين ـ درسوا في الجامعة الامريكية في بيروت. وكانت للجنة محاضرها التي تصدر فيها قراراتها وتوصياتها، وكانت في منتهى الشفافية وتصدر في جريدة «الكويت اليوم» الرسمية. ولذلك كان سموه كثيرا ما يتبنى ـ دون تحفظ ـ ما كان يقترح عليه من قبل هذه اللجنة ومستشاريه الاخرين لتحقيق اهدافه. وكان تنظيم ميزانية الدولة واحدا من اولويات هذه الاهداف..». ويختم المزيدي هذه المداخلة حول ذكرياته في هذا الجانب، فيقول: «.. ومن اهم ما قامت به اللجنة ـ بتوجيهات سموه ودعمه ـ فكرة انشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، وفكرة إنشاء هيئة الشعيبة الصناعية، وهما فكرتان رائدتان. اسهمت الاولى في المساعدة على تطوير اقتصاديات الدول العربية، ومن بعدها دول كثيرة في العالم الثالث. اما الثانية فقد اثرت الكويت وجعلت منطقة الشعيبة منطقة صناعية حديثة، تزخر بالصناعات الوطنية المختلفة التي استفادت من استثمارات الحكومة في انشاء البنية التحتية كشق الطرق، وبناء شبكة انابيب لتوصيل ما تحتاج من كهرباء وماء وغاز. كما انشىء في المنطقة ميناء حديث لصادرات المنطقة، وامور اخرى تتعلق بخلق بيئة صناعية متكاملة..». منهيا تلك الافكار الخاتمة بنتيجة خلاصتها: «... ولقد امكن عن طريق الميزانية العامة للدولة منح المواطنين الكويتيين قوة شرائية هائلة، تطورت ونمت بصورة متناسقة ومنسجمة عبر السنين مع تطور ونمو الايرادات والعائدات النفطية».. وفي هذا السياق يقول خالد ابو السعود: «.. لقد كان النظام المحاسبي المتبع في دائرة المالية انذاك، نظام يستند على تعبير محاسبي اصطلح على تسميته بالسلفة المستديمة، وكان المتبع في ذلك الوقت ان يعهد الى كل رئيس دائرة من دوائر الدولة بمبلغ معين ليقوم بالصرف منه على شؤون واحتياجات دائرته، ثم يقدم كشوفا بالمصروفات في اخر كل شهر الى دائرة المالية حتى تعوضه عما تم صرفه، ليعود رصيد المبلغ كما كان اول الشهر، فكان النظام المالي مبنيا على هذا الاساس، ولم تكن هناك قيود على الصرف، ما عدا ما تعارف عليه في ذلك الوقت بأن يكون الصرف في حدود اختصاصات والتزامات الدائرة المختصة..».
من جهة اخرى، فإن النفقات العامة في الكويت تنساب من الخزانة العامة الى الاوعية الاقتصادية وفقا لحاجة المجتمع، ووفقا لطبيعة الاثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المترتبة عليها. وعليه يمكن اعتبار مجموع الرواتب والاجور والمخصصات المدفوعة «الباب الاول» ابرز فقرة رئيسية في الميزانية ، نظرا للاهمية الفائقة التي اعطتها دائرة المالية لسياسة الاجور في الجهاز الحكومي، وذلك باعتمادها للاجر بصفته وسيلة فعالة من وسائل السياسة الرامية الى اعادة توزيع الثروة، ورفع المستوى المعيشي للمواطنين، مما رتب على ذلك اثارا اقتصادية واجتماعية وسياسية مهمة دافعة للنمو الاقتصادي، ومثبتة لدعائم الاستقرار الاجتماعي والسياسي في الدولة. ويعود تاريخ اول تعميم صدر عن دائرة المالية في شأن الميزانية الى مطلع عام 1965، الذي حددت بموجبه القواعد الواجب اتباعها في اعداد الميزانية، فقام على اثرها الشيخ عبدالله السالم الصباح بتاريخ 11 يوليو عام 1956 بإصدار امر الى رئيس دائرة المالية بالالتزام بالقواعد الواردة في التعميم المشار اليه. وفي عام 1957 صدر المرسوم الاميري رقم 1 بشأن ميزانية الامارة ومسؤولية الدوائر عن محاسبتها، وكان هذا المرسوم اول اداة تشريعية في هذا الشأن، نصت في مادتها الاولى على انه يجب ان تكون لكل دائرة، بدون استثناء، موازنة عامة، وضعت بدقة، وعلى اصح التقديرات، واقربها الى الصواب على قدر الامكان. وفي 9 فبراير عام 1960 صدر المرسوم الاميري رقم 1 لسنة 1960 موضحا بصورة كاملة المبادىء الاساسية في كيفية اعداد الميزانية والجهات المسؤولة عنها في كل مرحلة من مراحلها. وقد تناول المرسوم العديد من القواعد التي استخلص اكثرها من التجارب التي مرت بها دائرة المالية، وثبتت صلاحيتها، ودلت الحاجة على وجوب تقنينها لتكون قواعد مستقرة وملزمة وثابتة، وهذا امر من الامور الكبيرة الاهمية في السياسة المالية للدولة، كما جاء في المذكرة التفسيرية لهذا القانون. وكان من ضمن هذه المؤشرات التنظيمية انشاء الاحتياطي العام الذي يتم تمويله من فائض الميزانية، الذي اشتمل حينها على جميع استثمارات الدولة، سواء اكان داخل الكويت ام خارجها. | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:15 am | |
| ويشير خالد ابو السعود الى ان اهتمام الشيخ جابر الاحمد بتنظيم الميزانية العامة للدولة يرجع الى ما قبل صدور قانون الميزانية عام 1960، اذ يقول: «.. كان هناك العديد من الاجراءات التنظيمية والتعليمات اللازمة لاعداد ميزانية كل دائرة من دوائر الحكومة، فبدأنا نطالب الدوائر الأخرى بالتقيد بمصاريف وأدوار معينة لضبط واحكام عملية الصرف ومراقبة الايرادات، وان تتقدم بكشوف دقيقة بالمصروفات والايرادات، ولقد واجهنا في أول خطواتنا التنظيمية، هذه، بعض الصعوبات، ولكن مع ذلك اصبح الأمر سهلا بصدور احكام قانون الميزانية والحساب الختامي، التي تتقيد بها جميع دوائر الدولة، فكانت هذه الخطوة، وبرعاية سموه، هي اللبنة الأولى واحدى الدعائم الاساسية لبناء الاقتصاد الوطني لدولة الكويت منذ ذلك التاريخ.. ويمضي أبو السعود مؤكدا.. ولقد اشرف الشيخ جابر الاحمد منذ بداية التطوير على وضع الميزانية بوصفه رئيسا للمالية، وكما ذكرت، فقبل اصدار القانون كانت هناك قواعد ولوائح تصدر للادارات المعنية للتقيد بها، خصوصا ما يتعلق بالمخازن وعليه، فقد كان أول عمل تنظيمي هام قام به رئيس المالية في ذلك الوقت هو اعداد الميزانية العامة للدولة. وتم وضع مشروع الميزانية بمساعدة الجهاز المالي والخبراء الموجودين آنذاك، ولقد تأثر مشروع الميزانية كثيرا بالتشريعات المصرية، ويمكنني القول بان المشروع وضع مطابقا لقانون الميزانية المصري، وبمساعدة عدد من الخبراء المصريين. وفي عام 1962م صدر القرار الوزاري رقم 16 لسنة 1962م في شأن تنظيم وظائف ادارات الشؤون المالية في الوزارات، وقد اختصت المادة الاولى بتقسيم الاداراة الى اربع مراقبات رئيسية عامة هي: 1 ـ مراقبة الميزانية «ميزانيات الوزارات». 2 ـ مراقبة المحاسبة العامة. 3 ـ مراقبة البنوك. 4 ـ مراقبة الايرادات الاحتياطية. وفي يوليو عام 1978م صدر القانون رقم 13 لسنة 1978م في شأن قواعد اعداد الميزانيات العامة، والرقابة على تنفيذها، والحساب الختامي، وقد اكدت المادة الاولى منه على ضرورة ان تشمل كل ميزانية عامة جميع الايرادات المقدر تحصيلها، وجميع المصروفات المقدر انفاقها في السنة المالية. وأكدت المادة الرابعة عشرة على ان يعرض وزير المالية مشروع الميزانية مصحوبا ببيان على مجلس الوزراء لاقرارهما، والذي يجب ان يتم في وقت يسمح بتقديم المشروع الى السلطة التشريعية قبل انتهاء السنة المالية الجارية بشهرين على الأقل، ويبلغ وزير المالية قانون الميزانية بعد صدوره الى الجهات المعنية للعمل به. وأكدت المادة السادسة عشرة على أنه اذا لم يصدر قانون الميزانية قبل بدء السنة المالية يعمل بالميزانية السابقة لحين صدوره، ويصدر بذلك تعميم من وزير المالية. واذا كانت بعض أبواب الميزانية الجديدة قد أقرت من قبل السلطة التشريعية، يعمل بمقتضى تلك الأبواب. وتشكل الايرادات النفطية، التي تتكون من مبيعات النفط الخام والغاز، وضريبة الدخل من شركات النفط، ورسوم الامتياز من شركات النفط ـ منذ بداية الانتاج ـ جميع ميزانيات الدولة تقريبا. ففي السنة المالية 53/1954م بلغت نسبة مساهمة الايرادات النفطية حوالي 97% من جملة ايرادات الدولة، ولكن في السنة المالية 57/1958م انخفضت نسبة هذه المساهمة الى 87% الا انها عادت للارتفاع في الستينيات لتصل في السنة المالية 85/1986م الى ما نسبته 89.9% من جملة الايرادات. وكانت ايرادات الدولة دائما تفوق مصروفاتها، ففي السنة المالية 62/1963م بلغت الايرادات 189.8 مليون دينار كويتي، في حين كانت المصروفات 166.52 مليون دينار كويتي، وفي السنة المالية 69/1970م بلغت الايرادات 306.5 ملايين دينار كويتي، في حين وصلت المصروفات 285.5 مليون دينار كويتي، من هنا نجد ان الدولة كانت تحقق فائضا ماليا استخدم في تكوين احتياطات اخذت في التزايد حتى اصبحت موجوداتها المستثمرة تدر عائدا ملحوظا، لا سيما مع تراجع عائدات النفط. ويحدثنا خالد أبو السعود عن اهم عنصر من عناصر المصروفات في الميزانية في ذلك الوقت، فيقول: .. لقد كان أهم عنصر من عناصر المصروفات في الميزانية هو عنصر الاستملاك «التثمين» قبل عام 1959م وبعده. وكان الاستملاك يمثل البند الأساسي في عملية الصرف، حيث كانت الدولة في نهضة ونمو وتطور وفي حاجة لاستملاك الاراضي للبناء والتعمير والسكن، وتشييد المدارس والمستشفيات والطرق والمرافق والمباني العامة وغيرها. وقد استملكت الدولة معظم الأراضي داخل السور. وكان الاستملاك يستهلك مبالغ ضخمة من الميزانية لا تقل نسبتها عن 60% من مصروفات الدولة في السنوات من 1955م الى 1959م، وكانت أهداف سمو الشيخ جابر الأحمد تتبلور في ان الاستملاك في الواقع تنشيط للدورة الاقتصادية، كما كان للتثمين ـ عن طريق اعادة توزيع الثروة على المواطنين ـ دوره في تفعيل وتنشيط السوق والحركة التجارية، وحركة البناء والاعمار والتشييد في الدولة، ولقد كانت الكويت في هذه الفترة التنموية بمثابة ورشة عمل، وكان الاستملاك فيها هو العنصر الاساسي لتوزيع ايرادات الدولة على الشعب عمليا..». ويضيف ابو السعود مؤرخا لفترة الاستملاك، فيقول: .. هذا، وكان المد الكبير في حركة الاستملاك فيما بين الاعوام 1954م الى 1959م، واستمر حتى عام 65/1966م، ولكن بشكل أقل بكثير من فترة الخمسينيات، حتى استكملت عملية شراء الاراضي والعقارات اللازمة لبناء وتطوير الدولة باشراف وتوجيهات سمو الشيخ جابر الاحمد، وقد استخدمت أموال الميزانية للصرف، وتحقيق أغراض رئيسية للشعب من تعليم واسكان وبناء مرافق واستملاك.. الخ، واصبح التنسيق كاملا بين وزارة المالية والوزارات الأخرى، تحكمه قوانين ولوائح الميزانية، والحساب الختامي..». ومع تطور دولة الكويت ـ بصفتها دولة مؤسسات ـ في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ترتب على ذلك تقسيم الوزارات الى ادارات وهيئات وفروع وأقسام، الأمر الذي تعين معه انشاء جهاز للمحاسبة الحكومية، يمكن معه مراقبة مختلف نشاطات الادارات الحكومية. وضمن هذه المؤشرات التنظيمية تم في عام 1960م اتخاذ عدة خطوات لتنظيم مالية الدولة، كان من بينها انشاء الاحتياطي العام الذي يتم تمويله من فائض الميزانية، وقد اشتمل الاحتياطي العام حينها على استثمارات الدولة، سواء أكان ذلك في الداخل أم في الخارج. ولا شك في ان حكمة القيادة الاقتصادية الكويتية الواعية تجلت في السبعينيات حين قامت بخطوات واسعة تمثلت الأوضاع الاستثمارية في اطار رؤية مستقبلية شاملة، وذلك باصدار القانون رقم 106 لسنة 1976م الذي ينص على استقطاع 10% سنويا من الإيرادات العامة للدولة، ترصد في حساب خاص يسمى احتياطي الأجيال القادمة، واضافة العوائد الناتجة عن استثماراتها الى هذا الحساب، كما تضم نسبة قدرها 50% من المال الاحتياطي العام للدولة الموجود عند العمل بهذا القانون الى هذا الحساب، بحيث يكون الاحتياطي مصدر إيراد للأجيال القادمة إذا ما نضب النفط، أو تعرضت اسواقه للكساد. واليوم تعد الاستثمارات الكويتية في الخارج واحدة من أهم مصادر الدخل القومي للبلاد بعد الصناعة النفطية، مؤكدة بذلك حجم الأنشطة المالية والتوظيف الاستثماري للاحتياطي العام للدولة واحتياطي الأجيال القادمة، وأضحت هذه الاستثمارات خير برهان على نفاذ بصيرة القيادة الكويتية التي وضعت الكويت بين الدول الرائدة في مجال الاستثمار المالي، وقد شملت الاستثمارات العقارية والنفطية وأسهم الشركات والخدمات العامة، وغيرها من المجالات الاستثمارية، وذلك على الرغم من المصاعب المالية التي تعرضت لها الكويت في الاونة الاخيرة. وفي هذا النطاق قد تم شراء اسهم وسندات عديدة من شركات النفط الأوروبية، بجانب شراء محطات تزويد الوقود في أوروبا بهدف توسيع مجالات الاستثمارات النفطية، وتخفيف الاعتماد على النفط الخام كمورد وحيد للدخل القومي، ومد عمر احتياطي النفط في الكويت لتصبح موارد الاستثمار موازية لعائدات النفط، ان لم تفقها في المستقبل.
استعادة الثروات النفطية
«إن الثروة النفطية ليست وحدها الدافع المحرك للمطامع في الكويت في هذه الحقبة من تاريخنا، فقد كانت الكويت موضعا لمطامع كثيرة على امتداد تاريخها». جابر الأحمد
لقد بادرت الكويت خلال مرحلة التنظيم والبناء بجهود الشيخ جابر الأحمد باتخاذ خطوة نفطية جريئة ذات تأثير هائل في المنطقة. عندما قررت ان تستعيد ثروتها النفطية واحكام السيطرة عليها بالكامل، وذلك عن طريق الغاء الامتياز النفطي الذي اعطي للشركات الأجنبية، والذي وقع عام 1936م، حيث كان مقدرا ان يبقى هذا الامتياز حتى عام 2025م. وهكذا تحقق للكويت ما أرادته، وما سعت اليه، بصدور المراسيم الأميرية التي حققت ذلك الانجاز الوطني العظيم. وهذه كانت واحدة من أهداف الشيخ جابر الأحمد الاقتصادية. حين استثمرت الحكومة برئاسته كل فرصة تسمح بها التطورات العالمية لتحقيق هذا الهدف، وكان منها اتفاقية المشاركة الموقعة بتاريخ 29 يناير عام 1974م التي صدقت عليها الكويت بالقانون رقم 9 لسنة 1974م، وحصلت على 60% من حقوق الامتياز والعمليات والمرافق النفطية التي كانت لشركة Bp الكويت المحدودة، وشركة غلف الكويت. ولم تكتف الكويت بهذا القدر من المشاركة فسرعان ما طرحت الحكومة الكويتية على الشركتين ضرورة مراجعة هذه العلاقة، تنفيذا لنص المادة السابعة من الاتفاقية التي تعطي الحكومة حق المطالبة بمراجعة بنودها قبل عام 1979م، وبهذا تحقق اتمام سيطرة الدولة سيطرة كاملة على ثروتها النفطية، عندما استجابت الشركتان لما اعلنته الحكومة، وانتهت المفاوضات بين الطرفين الى اتفاقية تنهي هذه المشاركة، حيث قرر رئيس مجلس الوزراء تفويض وزير النفط بتوقيعها نيابة عن الحكومة في الأول من ديسمبر عام 1975م ومن ثم احالتها الى مجلس الأمة اعمالا بنص المادة 152 من الدستور. وقد نصت المادة الأولى من الاتفاقية على انه: اعتبارا من تاريخ 5 مارس 1975م قد آلت الى الحكومة جميع المصالح النفطية المتبقية للشركتين من الحقوق، بما في ذلك: حقوق الامتياز والعمليات والمرافق في الكويت، شاملة مرافق التكرير وتسييل الغاز وموجودات النفط في ذلك التاريخ. وبهذا النص تحققت الأمنية الوطنية للكويت وابنائها بالغاء الامتياز الذي منح للشركتين المعنيتين، وكل ما ترتب عليه منذ 23 ديسمبر عام 1936م، والغاء ما لحقه من اتفاقيات اخرى، وعلى وجه الخصوص اتفاقية المشاركة الموقعة بتاريخ 29 يناير عام 1974م.
سموه أدرك أن القطاع العام له دور رئيسي في دعم التنمية الصناعية الأمير سعى لتحقيق طفرة في القطاع النفطي لتنمية المجتمع وتحديث الاقتصاد وتحقيق الرفاهية توقفنا في الحلقة السابقة عند الغاء الامتياز الذي منح للشركات الاهلية في مجال النفط وايلولة جميع ما تبقى للشركتين من مصالح نفطية في الكويت الى الحكومة، تصفية مساهمة الشركتين في شركة نفط الكويت التي انشئت في اطار اتفاقية المشاركة لمباشرة عمليات الانتاج النفطي بذاتها، فنصت المادة الثالثة من الاتفاقية على التزام الشركتين بتحويل كامل ملكيتهما من الاسهم الى الشركة المذكورة لقاء حصولهما على القيمة الاسمية لهذه الاسهم. كما تم انهاء تمثيل الشركتين في مجلس ادارة شركة نفط الكويت، ليصبح تشكيل هذا المجلس من صلاحيات الحكومة المطلقة، وكذا انهاء تمثيلهما في اللجنة الادارية المشتركة التي كانت تباشر ـ في اطار اتفاقية المشاركة ـ سلطة اتخاذ القرارات الاساسية للادارة العليا. وقد قررت الاتفاقية ايضاً في مادتها الرابعة دخول الحكومة والشركتين في ترتيبات بشأن تزويد الشركتين ـ وعلى اسس تجارية ـ بالنفط، وما يتعلق بذلك من مسائل كتأجير الناقلات الكويتية، وتزويد السفن التي تحمل النفط الكويتي بالوقود. وقد كفل هذا النص تأمين صادرات النفط الكويتي واستمرار تدفقه الى اسواقه العالمية، كما اكد النص على الترتيبات التعاقدية المشار اليها، وهي ترتيبات تبنى على الاسس التجارية المعتادة من عقود بيع النفط، وتتم بموافقة الحكومة عليها في حينه، وتراعى فيها اوضاع صناعة وتجارة النفط العالمية وتطوراتها. كما نصت المادة الخامسة من الاتفاقية على اعتبار ما تم الاتفاق عليه تسوية تامة ونهائية للمطالب المعلقة لكلا الطرفين حتى 4 مارس عام 1975م، وهو تاريخ اليوم السابق مباشرة لموعد ايلولة حقوق الشركتين ومصالحهما الى الدولة، على ان يستثنى من هذه التسوية ما هو مترتب على الشركتين من التزامات خاصة بضريبة الدخل، وهي التزامات تسوى نهائيا وفقاً لاحكام مرسوم ضريبة الدخل الكويتية. واخيراً نصت المادة السادسة على ان تصبح الاتفاقية نافذة المفعول عند التصديق عليها وفقاً لاحكام دستور الكويت. ومتى تم ذلك التصديق سرت احكامها وترتبت آثارها اعتباراً من 5 مارس عام 1975م. وفي 16 مارس عام 1976م صدر القانون رقم 10 لسنة 1976م القاضي بالموافقة على الاتفاقية المذكورة، لتصبح الدولة المالك الوحيد لكامل قطاع النفط والمسيطر على السياسة الانتاجية والتسعيرية والتشغيلية لاستخراج النفط والعمليات اللاحقة له. وكانت هذه الخطوات ضرورية لاتخاذ القرارات اللازمة بشأن تحديد معدلات انتاج النفط الخام، ومعدلات النمو للقطاع النفطي، واشكال هذا النمو، بما يخدم السياسات الانمائية والمصالح الرئيسية للكويت، ويؤمن الاستغلال الامثل لثروتها النفطية.
دور عائدات النفط في انماء الصناعات النفطية
لقد ادرك الشيخ جابر الاحمد منذ بداية النهضة ان مساهمة القطاع العام في عمليات التنمية الصناعية امر ضروري، لكون الدولة هي المسيطر الوحيد على قطاع النفط، بالتالي يقع عليها عبء تنمية المجتمع، وتحديث اقتصاده وتحقيق الرفاه لافراده، واختصار الطريق الى بناء المجتمع المدني العصري المتقدم. من هنا سعى، ومنذ توليه مسؤوليه تنظيم واستثمار العائدات النفطية، الى زيادة معدلات تصنيع النفط بدلاً من تصديره خاماً الى الاسواق العالمية. فقامت الدولة بتوسعة وتحديث المصافي المحلية في منتصف الثمانينات لانتاج منتجات بترولية بمواصفات عالمية ووقود نظيف، الامر الذي اصبحت معه المصافي الكويتية تضاهي المصافي العالمية في مواصفاتها. وكان من اوائل المشروعات التي اولاها الشيخ جابر الاحمد جل اهتمامه تأسيس شركة صناعة البتروكيماويات عام 1963م لتحقيق اهداف تنويع مصادر الدخل القومي، والاستفادة من موارد الدولة الطبيعية لاقامة صناعة بترو كيماويات متنوعة، واستغلال الغاز الطبيعي المصاحب لاستخراج النفط، وكانت اولى هذه الخطوات هي: استثمار هذا الغاز في صناعة الاسمدة النتروجينية المخصبة للتربة. وقد شهدت صناعة البتروكيمياويات عدة توسعات على مدار السنوات الماضية، وتعددت المصانع المتنوعة التي تمتلكها الشركة، وكان في مقدمة انجازاتها الضخمة «مشروع مجمع البتروكيماويات»: وهو مشروع مشترك تساهم فيه كل من شركة صناعة الكيماويات البترولية بنسبة 45% والشريك الاجنبي «يونيون كاربيد» بنسبة 45% وللقطاع الخاص «شركة بوبيان للبتروكيماويات» بنسبة 10% وكذلك «مشروع البولي بتروبيلين». وتخطط الشركة لانشاء مجمع العطريات، والذي من اهم منتجاته مادة البرازلين التي تدخل في العديد من الصناعات النسيجية وصناعة مواد الجراحة. وقد شكلت قيمة الانتاج المتولدة من الصناعة النفطية حسب البيانات والاحصائيات المتوفرة عام 1998م حوالي 67% من جملة قيمة الصناعات التحويلية في الدولة، وتدل هذه النسبة على مدى ارتفاع مساهمة صناعة النفط في جملة الصناعات التحويلية في دولة الكويت. وفي عام 1980م انشئت مؤسسة البترول الكويتية بموجب مرسوم القانون رقم 6 لسنة 1980م، والذي صدر بتاريخ 21 يناير 1980م بوصفها مؤسسسة ذات شخصية اعتبارية مستقلة يشرف عليها وزير النفط، ويكون مقرها القانوني الكويت، ولها حق انشاء الفروع والمكاتب والتوكيلات في الداخل والخارج. وقد حدد مرسوم قانون الانشاء اغراض المؤسسة بالقيام بالاعمال المتعلقة بصناعة النفط كافة، والمواد الهيدروكربونية بصفة عامة، او بالصناعات المتفرعة او المرتبطة بها. ونص القانون ـ ايضاً ـ ان تؤول للمؤسسة اسهم الدولة جميعاً في شركات: نفط الكويت، والبترول الوطنية الكويتية، وصناعة الكيماويات البترولية، وناقلات النفط الكويتية، وكذلك حصة الدولة في رأسمال شركة الزيت العربية المحدودة ـ الكويتية اليابانية ـ 60%، وكذا امتياز انتاج النفط والغاز في المنطقة المحايدة المغمورة، ومشروع الاستغلال الشامل للغاز الطبيعي، وملكية ناقلات الغاز المسال، وعقود ناقلات الغاز المسال، وقد حدد القانون رأسمال المؤسسة بألف مليون دينار كويتي في عام 1982م. كما ساهمت المؤسسة، في يونيو عام 1980م، بالمشاركة مع ثلاث شركات ـ امريكية وكندية وسويدية ـ في تأسيس «الشركة الدولية لتنمية الطاقة «لتباشر نشاطاتها في مجال الاستكشافات والتنقيب عن النفط الخام والغاز، وبخاصة في دول العالم الثالث. وفي ديسمبر عام 1981 تملكت المؤسسة «شركة سانتافي الامريكية» التي يرجع تاريخ تأسيسها الى عام 1948م، والتي تعمل في الصناعة النفطية من خلال اربع شركات كبرى. وفي الاول من فبراير عام 1983م وقعت المؤسسة في لندن، اتفاقية تملكت بموجبها المرافق المتممة للانتاج والتابعة «لشركة غلف اويل» في «هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ» وشملت هذه الصفقة مصفاة بطاقة تبلغ 75 الف برميل يومياً، واخرى لزيوت التزييت في روتردام بهولندا، بالاضافة الى شبكتها الخاصة بالتسويق والتوزيع التي تتضمن 705 محطات بنزين في بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ وتسعة مستودعات للمنتجات التي تحمل جميعها دلالة الكويت Q.8 وبهذه الخطة دخلت الكويت ممثلة بالمؤسسة مجال التسويق المباشر للمستهلكين في خارج حدودها. في الرابع من شهر مارس عام 1983م وقعت المؤسسة اتفاقية تم بموجبها امتلاك مرافق اخرى لشركة «غلف اويل»، منها: مصفاة طاقتها 85 الف برميل في اليوم في الدنمارك، ومرفقات لمزج زيوت التزييت، اضافة الى 825 محطة بنزين في الدنمارك والسويد. وفي شهر اغسطس من عام 1983م اقامت المؤسسة شركة اخرى هي الشركة الدولية الكويتية للبترول التي تتخذ من لنذن مقراً لها. وتتولى هذه الشركة عدة مهام من بينها: التنسيق بين العمليات المتممة للانتاج. وفي اغسطس عام 1984م قامت المؤسسة بتوقيع اتفاقية تعاون مشترك مع شركة «فولفو» السويدية للسيارات. تم بمقتضاها بيع الغازولين الكويتي لاصحاب الشركة بأسعار مخفضة، وتغطي الاتفاقية عمليات تنمية تجارية وفنية مشتركة. وفي ديسمبر عام 1984م اصبحت المؤسسة اول شركة نفط عالمية توفر بنزيناً خالياً من الرصاص للسائقين في خمس دول اوروبية هي: «الدنمارك والسويد وهولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ»، كما قامت المؤسسة بكثير من المشروعات النفطية المشتركة على المستوى الخليجي والعربي والدولي. | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:17 am | |
| الشيخ جابر الأحمد ودعمه للصناعة والتصنيع
تعد النهضة الصناعية في اي بلد من بلدان العالم عنواناً لتقدم وتطور مجتمعها المنتج، وتفاعله مع مقدرات اقتصاده الوطني، وتنمية ركائزه على اسس الانتاج. ويتطلع الاقتصاديون ورجال الاعمال الى القطاع الصناعي بنظرة مميزة بصفته قطاعاً حيوياً ذا اهمية بين القطاعات الاخرى، نظراً لطبيعة المنتجات السلعية لهذا القطاع والتي تتعدد استخداماتها في حياة الانسان المعاصر الى حد بعيد. ومع ان الكويت تسعى بجدية ملحوظة لتطوير مرافقها الاقتصادية بالشكل الذي يجعلها تنأى عن الاعتماد على اقتصاد احادي الجانب، فإن معوقات البيئة والطبيعة تجابه الطموح المحلي لجعل القطاع الصناعي قطاعاً مهماً في الحياة الاقتصادية، وعلى الرغم من ذلك فإن الانتاج الصناعي الكويتي اخذ في التزايد في السنوات الاخيرة في ضوء الامكانات المتاحة، والتي يسعى الاقتصاد الكويتي بطموح بارز الى تطويرها. لقد اولى الشيخ جابر الاحمد خلال هذه المرحلة، «مرحلة توليه لمهام دائرة المالية وحتى توليه ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزارة»، اهمية خاصة لهذا الجانب في الاقتصاد الكويتي، والذي يبرز جلياً في كلمته بمناسبة افتتاح بنك الكويت الصناعي ما يؤكد هذا التوجه، حين يقول:«... حظيت الصناعة بنصيب وافر من اهتمام الدولة منذ مطلع نهضتها الاقتصادية، مما كفل لها اسباب النجاح والنمو المضطرد، وقد تولت الحكومة بنفسها اقامة المشاريع الصناعية، واشركت معها مؤسسات القطاع الخاص في عدد من هذه المشاريع، وامدتهاجميعاً بالخبرة والمشورة الفنية. ووفرت لها الحوافز والتسهيلات كافة...». مبرزاً دور الحكومة ودعمها المتنامي لعملية التصنيع في البلاد، حين يشير: «... والحكومة في دعمها لقطاع الصناعة، تهدف الى اقامة اقتصاد وطني على اسس راسخة، وبتنويع مصادر الدخل، وباقامة صناعات توفر المزيد من الفرص لطاقة العمل الكويتية المتنامية، وايجاد فرص استثمار بديلة للفوائض العامة والمدخرات الخاصة....». وتعتبر اهداف هذا القطاع بالاساس جزءاً من الاهداف العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة لدولة الكويت، حيث يتركز هدفه الاساسي على تدعيم بنية الانتاج الحالية في الاقتصاد الكويتي، وتنمية مصادر انتاج سلعي جديدة تسهم في تنويع القاعدة الاقتصادية، مع احداث التغييرات الاجتماعية المطلوبة لايجاد هذا التنويع. هكذا، بدأ الاهتمام بالصناعة في دولة الكويت بعد اكتشاف وتصدير النفط، حيث نشأت صناعة نفطية استخراجية متقدمة من الناحية التكنولوجية والتنظيمية والادارية تؤول ملكيتها للشركات الاجنبية الكبرى، وليس لها ارتباط مباشر مع هيكل الاقتصاد الوطني. ويعتبر بدء مرحلة الاهتمام الفعلي بالقطاع الصناعي الوطني مع تولي الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح مهام دائرة المالية ثم وزارة المالية من بعدها. حيث اخذ على عاتقه بناء نهضة الاقتصاد الكويتي الوطني المستقل بكل جوانبه وقطاعاته المختلفة.
المرحلة الاولى (1961م ـ 1968م):
وتبدأ هذه المرحلة بعد حصول الكويت على استقلالها مباشرة، سواء من جانب الحكومة او من جانب القطاع الخاص الذي قام بدور الريادة، بينما اكتفت الحكومة بتسهيل سبل انشائها وتحفيزها، او المساهمة في الصناعات الكبرى المرتبطة بالنفط، والقيام بتوفير الهياكل الاساسية اللازمة لتطوير ونمو هذا القطاع المتمثل في انشاء الطرق ومحطات الطاقة والمناطق الصناعية، وغيرها من الخدمات التي يتطلبها القطاع الصناعي. ولعل اهم حدث في هذه الفترة هو انشاء منطقة الشعيبة الصناعية عام 1964م، والتي تعتبر مركزاً للتوطّن الصناعي في دولة الكويت، حيث عملت هذه المنطقة على جذب صناعات متعددة ترتبط فيما بينها بروابط خلفية او امامية كبيرة. وتضم منطقة الشعيبة الصناعية الموسعة، التي تبلغ مساحتها 24 مليون متر مربع، كلاً من المنطقة الشرقية «منطقة الشعيبة الصناعية حوالي 11 مليون متر مربع» والمنطقة الغربية «منطقة غربي ميناء عبد الله الصناعية حوالي 13 مليون متر مربع». وقد جاء قانون التنمية الصناعية عام 1965م ليدفع الحكومة الى تقديم المزيد من الدعم والعون لهذا القطاع، ومنها المساهمة بدعم نسبي «مباشر وغير مباشر»، وكذا تأجير الاراضي للاغراض الصناعية بأجور رمزية، بالاضافة الى فرض حماية على المنتجات المحلية.
المرحلة الثانية(1968م ـ 1974م):
وفي هذه المرحلة حاولت الدولة ان تنظم عملية التصنيع، وتغير الخطة من نمو صناعي عفوي الى تنمية صناعية مخططة ومبرمجة، وذلك باعداد مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الخمسية الاولى 67/1968م ـ 71/1972م، واعداد العديد من المسودات والمقترحات المطلوبة لاستراتيجية التنمية الصناعية.
المرحلة الثالثة (1974م ـ 1980م):
اتسمت هذه المرحلة بسيادة الانتعاش والرواج الاقتصادي، اذ تصاعدت معدلات نمو الطلب المحلي بكل مكوناته، وتسارعت، وتأثر الانفاق الحكومي والفردي بمعدلات غير مسبوقة، مما ترتب عليه دفع الموارد نحو الاستثمار في القطاع الصناعي لسد احتياجات هذا الطلب المتزايد. وهكذا حقق الناتج الصناعي المحلي الحقيقي خلال هذه الفترة معدلاً للنمو بنسبة 8.7% ولعل هذا الانتعاش كان نتيجة حركة تصحيح اسعار النفط وارتفاع ايرادات الدولة، وما صاحب ذلك من توسع في القاعدة الانتاجية، حيث شهد قطاع الصناعات التحويلية نمواً كبيراً بلغ في المتوسط 45%. واذا ما استبعدنا المنتجات البترولية من قطاع الصناعة التحويلية، فإننا نرى الاستثمار الصناعي في هذا القطاع قد ارتفع من 4،6 ملايين دينار كويتي عام 1974م الى 4،20 مليون دينار كويتي عام 1977م، ثم الى 3،40 مليون دينار كويتي عام .1980 وهكذا فيما بين عامي 1974م و1980م زاد الاستثمار في قطاع الصناعة التحويلية بمعدل زيادة سنوية قدرها 9،35%.
المرحلة الرابعة (1980م ـ 1988م):
وفي هذه المرحلة تعرّض الاقتصاد الكويتي الى ثلاث صدمات حادة، هي الحرب العراقية الايرانية واثارها، وتراجع سوق النفط العالمي الذي ادى الى تدني اسعار النفط الخام بشكل كبير، وانعكس ذلك على تراجع مساهمة القطاع النفطي في الناتج الاجتماعي بالاضافة الى ازمة سوق الاوراق المالية سوق المناخ. وقد تفاعلت هذه المتغيرات مع بعضها وأدت الى تراجع نصيب قطاع الصناعات التحويلية ـ باستبعاد صناعة التكرير ـ الى 3،7% عام 1984م. لكن الاستثمار الصناعي ظل عام 1981م عند نفس مستوى عام 1980م ثم زاد خلال الفترة من عام 1982م وحتى 1984م، بمعدلات متباطئة بلغت 11% سنويا، ثم بدأ حجم الاستثمار الصناعي في الانخفاض بشكل مطلق، وتراجع بمعدلات سريعة حتى بلغ حجم الاستثمار الصناعي عام 1989م حوالي 50% عن مستواه عام 1980م و1981م. وفي هذه الفترة انضمت دولة الكويت الى المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين وعلى وجه التحديد عام 1983م كما انضمت الى منظمة الامم المتحدة للتنمية الصناعية وتحقيق هدف التكامل الصناعي العربي والعالمي، ودعم المشروعات على المستوى المحلي والاقليمي والعالمي:
المرحلة الخامسة 1989م ـ 1998م):
وتعتبر هذه المرحلة مرحلة استثنائية بسبب العدوان والاحتلال العراقي لدولة الكويت في الثاني من اغسطس عام 1990م وما تركه من آثار تخريبية وتدميرية رهيبة. وبناء عليه انخفض الانتاج الصناعي عام 1990م بنسبة 45% مقارنة بمستوى عام 1989م. حيث يعتبر هذا العام نقطة انتقال بين مرحلتين، هما: المرحلة السابقة، والمرحلة اللاحقة للعدوان والاحتلال. وتعتبر الفترة من عام 1990م ـ 1993م فترة قائمة بذاتها لها ظروفها وتطوراتها المتغيرة المؤثرة فيها بمفردها، وبالتالي فهي ليست امتدادا للفترة الزمنية السابقة. وكما اشرنا انه في عام 1990م انخفض الانتاج الصناعي بنسبة 45% مقارنة بالاسعار الثابتة لعام 1989م. اما في عام 1991م ونتيجة لعدم عودة النشاط الصناعي بعد التحرير «في نهاية فبراير 1991م» الى المستويات الطبيعية مباشرة نظرا للتخريب والتدمير الذي تعرضت له الاصول المستخدمة في قطاع الصناعة التحويلية «بالاسعار الثابتة لعام 1989م». فقد انخفض الانتاج الصناعي بنسبة 63% عن مستوى انتاج عام 1990م. ونتيجة للجهود التي بذلت لاعادة بناء ما دمره العدوان والاحتلال العراقي، والمحاولات المتواصلة لعودة النشاط الصناعي الى مستوياته الطبيعية قبل العدوان والاحتلال، حققت الطاقة الانتاجية الصناعية باسعار عام 1989م زيادة نسبتها 45% مقارنة بمستوى عام 1990م في حين بلغت الزيادة نسبة 129% مقارنة بمستوى عام 1991م كما بلغت الطاقة الانتاجية الصناعية في عام 1992م حوالي 88% من الطاقة الانتاجية الساندة عام 1989م وهو العام السابق على سنة العدوان والاحتلال. أما في عام 1993م فقد تابع قطاع الصناعات التحويلية نموه حيث بلغت قيمة مساهمته نحو 586 مليون دينار كويتي الا ان مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي انخفضت الى 7،8% وذلك نتيجة ازدياد قيمة مساهمة القطاعات الاخرى، وفي مقدمتها قطاع النفط. ثم اخذ هذا القطاع يسترد عافيته، وبدأت تظهر صناعات تصديرية غير نفطية، وازداد الوعي الصناعي بين المستثمرين في هذا القطاع. وفي عام 1996م صدر قانون الصناعة رقم 56 لسنة 1996م بانشاء الهيئة العامة للصناعة، والتي تهدف الى تنمية النشاط الصناعي والنهوض به عن طريق تشجيع الصناعا المحلية، وتنمية وتشجيع الحرف الصناعية وتهيئة المناخ الملائم لجذب المزيد من الاستثمارات وتعميق الوعي الصناعي لدى المواطنين وتوثيق التعاون الصناعي مع مختلف الدول والمنظمات الدولية.
العوامل المحفّزة لنمو القطاع الصناعي
بتوجيهات من الشيخ جابر الاحمد وزير المالية صدر قانون الصناعة رقم 6 لسنة 1965م المتضمن مجموعة الحوافز التي توفرها الدولة للمستثمر الصناعي لتشجيعه وضمان بقاء واستمرارية المشروعات الصناعية. وتشمل هذه الحوافز دعما عينيا مباشرا ودعما اداريا خلال الاحكام الواردة في هذا القانون، ومن اهم الحوافز والتشجيعات التي كفلها القانون وتعمل الدولة بموجبها ما يلي:
حوافز الحماية وتشجيع التصنيع:
وتشمل الحوافز المقدمة قبل مرحلة الاستثمار وبعده، نظاما مؤسسيا يسعى لتشجيع المستثمر في المضي قدما في نشاطه. ففي المرحلة الاولى تقوم الدولة بتقديم كل ما يحتاجه المستثمر من بيانات ومعلومات واستشارات دون مقابل، بالاضافة الى شمول منتجه الصناعي بنظام حماية من المنافسة الاجنبية. وقد تضمن نظام الحماية شروطا الزامية تهدف الى المنشآت الصناعية على تطوير مواصفات منتجاتها باستخدام علامة الجودة الكويتية والالتزام بالمواصفات والمقاييس الكويتية، او الخليجية، او العالمية، بالاضافة الى السعي للحصول على شهادة المواصفات العالمية «الايزو». كما تضمن هذا النظام الحماية الجمركية كمعايير تشجيعية استهدفت تشجيع المنشآت الصناعية التي ترغب في حماية منتجاتها، وزيادة حجم صادراتها وقدراتها على تكثيف راس المال العامل في المنشأة، وتكثيف استخدام العمالة الوطنية، وزيادة مساهمتها في تغطية متطلبات السوق المحلي.
إنشاء المناطق الصناعية:
تقوم الحكومة بتخصيص قسائم صناعية للمستثمر الصناعي في المناطق الصناعية المختلفة التي هيأتها مسبقا لهذا الغرض، ويتم تأجيرها باسعار رمزية، كما يتم تزويد المصانع بالمياه للتبريد ومياه الشرب والطاقة الكهربائية باسعار رمزية وتجدر الاشارة الى ان عدد المناطق الصناعية في دولة الكويت تصل الى اكثر من اثنتي عشرة منطقة، حيث بلغت مساحتها الاجمالية نحو 35.1 مليون متر، وان اغلب هذه المناطق تم تجهيزها بالكامل. وفي احصائية لوزارة التجارة والصناعة عام 1998م تشير الى ان حوالي (35%) من المنشآت الصناعية، المسجلة في السجل الصناعي، تتركز في منطقة الشويخ الصناعية، بينما (62%) من تلك المنشآت تتركز بالمناطق الصناعية الاخرى بنسب تتراوح ما بين (06،1%) الى (08،9%).
إنشاء البنك الكويتي الصناعي:
يعود تاريخ تأسيس البنك الصناعي الى اواخر عام 1973م برأسمال قدره عشرة ملايين دينار كويتي عند التأسيس وارتفع ليصل الى 20 مليون دينار كويتي. وقد دعمت الحكومة البنك من خلال تقديم قرضين قيمتهما 200 مليون دينار كويتي، بفائدة منخفضة تراوحت بين 5،2و3% لدعم نشاطه. وقد اوضح الشيخ جابر الاحمد دور البنك الصناعي وواجباته في مواجهة هذه النقلة النوعية في تاريخ الكويت الحديث، عندما علق قائلا: «إن البنك الصناعي يختلف في أهدافه ومجال نشاطه عن البنوك التجارية الاخرى، وليس ثمة شك في ان الاهداف التي تسعى البنوك المتخصصة لتحقيقها، والسبل التي تسلكها اصعب من اهداف وسبل البنوك التجارية، ولذا فان من الضروري ان تكرس البنوك المتخصصة اعمالها في المجالات المخصصة لنشاطها وان لا تخرج عن نطاق تخصصها». ويمضي في هذا السياق، فيقول: «والبنك الصناعي حيث يركز نشاطه على خدمة الصناعة في البلاد لا يخدم قطاع الاقتصاد فحسب، بل يؤدي واجبا وطنيا اوسع باسهامه في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تسعى الدولة الى استكمالها، ومن هنا، كان لزاما على البنك ان يضع لنفسه مقاييس خاصة في تقييم المشاريع المعروضة عليه، وان يراعي في ذلك التوازن المعقول بين متطلبات التنمية العامة واعتبارات الربح التجاري». ويضيف مؤكدا، حين يقول: «وان على البنك الصناعي قبل ان ينظر في المشاريع الجديدة ان يهتم بدعم الصناعات القائمة حاليا، وخاصة تلك التي قامت بجهود فردية، واستطاعت ان تسهم في خدمة الاقتصاد الوطني، وان تسد بعض احتياجات البلاد، والتي تحمّل اصحابها المصاريف الباهظة والفوائد المصرفية المرتفعة من اجل اقامة هذه المشاريع الصناعية التي تفخر الكويت بالكثير منها. واود ان اؤكد ان الحكومة من جانبها لن تألو جهدا في تدعيم بنك الكويت الصناعي لتحقيق الاهداف التي انشىء من أجلها». ويعمل البنك على اتخاذ الاجراءات الخاصة بتشجيع التنمية الصناعية، وتأسيس المشروعات الصناعية، والمشاركة في ملكية مشروعات جديدة، بالاضافة الى منح القروض لآجال متوسطة وطويلة بفائدة لا تتجاوز5% سنويا، وكذلك اقراض مشروعات توسعة وتحديث الصناعات القائمة بفائدة 6% سنويا.
التمويل الصناعي:
استكمالا لجهود الدولة في تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في الصناعة جاء انشاء بنك الكويت الصناعي اواخر عام 1973م بتشجيع ورغبة من الشيخ جابر الاحمد، فتبنته الحكومة في مبادرة لتوفير وسائل الدعم والحماية والتمويل الصناعي للمستثمرين في هذا القطاع، وقد عمد البنك منذ ذلك التاريخ الى تمويل المشروعات الصناعية عن طريق تقديم قروض ميسرة متوسطة وطويلة الاجل، او المساهمة في راس مال المشروعات الصناعية. وقد ساهمت الحكومة بشكل مباشر في تمويل العديد من المشروعات الصناعية، وخاصة في قطاع البترول والبتروكيماويات كما ان هناك مؤسسات تمويلية اخرى كالبنوك التجارية ومؤسسات الاستثمار التي ساهمت في تمويل عدد من المشروعات الصناعية، بجانب العديد من المشروعات الصناعية التي طرحت للاكتتاب العام، واسهم في تأسيسها وملكيتها افراد ومؤسسات ذات طابع غير مالي.
تدريب القوى العاملة الوطنية:
اهتمت الدولة اهتماما كبيرا بتدريب وتأهيل القوى العاملة للعمل في القطاع الصناعي فمنذ الخمسينيات انشأت مراكز للتدريب المهني، بالاضافة الى الادارة المركزية للتدريب والاشراف على المعاهد، وفي نهاية عام 1982م قامت الدولة بانشاء الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب التي أخذت على عاتقها تدريب الكوادر الوطنية، وذلك ما تقدمه من برامج لأنشطتها المختلفة.
الاعفاءات الجمركية:
نصت المادة (14) من قانون الصناعة رقم 6 لعام 1996م ، بانه يجوز لوزير التجارة والصناعة بناء على توصية لجنة تنمية الصناعة، وبعد موافقة مجلس الوزراء، اعفاء المنشآت الصناعية المسجلة او المرخصة من دفع الرسوم الجمركية على الواردات من الآلات والمعدات وقطع الغيار والمواد الاولية، والبضائع نصف المصنعة التي تحتاجها المنشأة لاغراضها الانشائية، بالاضافة الى رفع التعرفة الجمركية على البضائع المستوردة المشابهة للمنتج المحلي ولمدة اقصاها عشر سنوات، واعفاء صادرات منتجات الصناعة المحلية من رسوم وضرائب التصدير كافة، وبذلك اعتبرت هذه الاعفاءات من اهم وسائل تشجيع الدولة لصناعتها المحلية. | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:17 am | |
| تأهيل المنشآت الصناعية لانتاج السلع ذات المنشأ الوطني:
في اطار الاتفاقية الاقتصادية الموحدة بين دول مجلس التعاون، وطبقا لنص الفقرة (أ) من المادة الثالثة من هذه الاتفاقية التي اشترطت لاكتساب صفة المنشأ الوطني ان يتم انتاجه في احدى دول مجلس التعاون وان يحقق قيمة مضافة لا تقل عن 40%. بناء على ذلك ونظرا لاهمية تأهيل المنشآت الصناعية في تنشيط صادرات الكويت لدول مجلس التعاون، فقد سعت دولة الكويت الى تاهيل العديد من المنشآت الصناعية والحرفية التي بلغ عددها عام 1996م (39) منشأة، ارتفعت عام 1997م الى (116) منشأة. علما بان تأهيل المنشآت لاكتساب صفة المنشأ الوطني، يمنحها الحق في تصدير منتجاتها الى الاسواق الخليجية معفاة من الرسوم الجمركية. وهكذا يتضح لنا ان سياسة تحفيز الصناعة والتصنيع في دولة الكويت التي اسسها الشيخ جابر الاحمد وسعى الى الارتقاء بها، قد ساعدت في المساهمة الفعالة في نمو الصناعة وتطورها، مما ادى الى تقدمها وبلوغها الحجم الذي وصلت اليه اليوم، حيث زادت مساهمة القطاع الصناعي في الدخل القومي، وذلك بتوجيه منه، وبتشجيع من الحكومة للصناعة باعتبارها احد اهم الخيارات المتاحة لتنويع مصادر الدخل القومي، وتوسيه القاعدة الاقتصادية، ولذلك جاءت هذه الاهداف ضمن الاولويات التي حددتها خطط التنمية الاقتصادية وخطط تنمية القطاع الصناعي بثورة خاصة.
مجموعة الصناعات الوطنية:
تأسست شركة الصناعات الوطنية في عام 1960م وفي عهد المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح، تحقيقا لرغبة ملحة في اقامة شركة مشتركة بين القطاعين. العام والخاص تشجيعا للاستثمار الاهلي، ومحاولة لتوجيهه نحو تنمية وتنويع مصادر الدخل القومي، وتفعيل دور القطاع الخاص في المساهمة في خلق فرص صناعية واستثمارية. تسهم في نهوض وتطوير دولة الكويت الناشئة. وكان للشيخ جابر الاحمد دور كبير ومميز في تأسيس شركة الصناعات الوطنية لكونها ثمرة طالما دعا اليها وعمل من اجلها. ففي بيان للشركة تحت عنوان «دعامة متينة للاقتصاد الوطني» بمناسبة زيارة الشيخ جابر الاحمد التي قام بها للشركة في 14 ابريل عام 1963م عندما كان وزيرا للمالية والصناعة، ما يوضح اهتمامه البالغ بالنهضة الصناعية في الدولة ورعايته المستمرة لها منذ اوائل الستينات. ففي هذه الزيارة كتب في سجل الشركة ما يلي: «لقد كان بودي ان املأ صفحات عديدة من هذا الكتاب، لأسجل بكل فخر واعتزاز ما قام به المسؤولون عن هذه الشركة من تعب وجهد في سبيل تحقيق دعامة الاقتصاد الوطني الذي سيأتي بالثمرة المرجوة منه قريبا جدا، وسيتضح للشعب الكويتي ما لهذا المجهود من نتائج ستعرفها الاجيال القادمة. كما قلت، فانني مهما كتبت فلن اوفي الجهد الذي بذل في سبيل تحقيق هذه الدعامة. والله اسأل ان يوفق القائمين عليها من مجلس ادارة وموظفين وعمال الى ما يصبون اليه من نجاح، وستكون الحكومة ـ وعلى الاخص ـ وزارة المالية والصناعة سندا دائما والله الموفق». ولقد كان من اغراض شركة الصناعات الوطنية، عند تأسيسها برأسمال قدره عشرون مليون روبية، اي ما يعادل مليونا ونصف مليون دينار كويتي في ذلك التاريخ، تملّك واستغلال مصنع الطابوق الرملي الجيري ومصنع منتجات الاسمنت اللذين تم تأسيسهما من قبل حكومة الكويت في 1955م. من جهة اخرى، اسهمت شركة الصناعات الوطنية في تأسيس شركة الكيماويات البترولية، وشركة صناعات الاسبست الكويتية بنسبة 75% وبدأت بانتاج انابيب وملحقات الاسبست لشبكات المياه والصرف الصحي في عام 1962م كما تبنت الشركة خلال عقد الستينات العديد من دراسات الجدوى الاقتصادية لمجموعة متنوعة من المشروعات والفرص الاستثمارية الصناعية، بغية خلق قاعدة صناعية مع تنميتها لتساند القطاع النفطي وتنوع من موارد الدخل القومي. وكذلك المساهمة في الحد من الاستيراد واستغلال المواد الاولية المتوافرة في الدولة، وخلق فرص استثمارية وصناعية جديدة لاستثمار اموال ومدخرات المواطنين وتوفير مجالات العمل لهم. كما اهتمت الشركة خلال عقدها الاول بالاستثمار والتأسيس في صناعات جديدة، وشركات زميلة تحتل اليوم موقعا رياديا وبارزا في الكويت. منها على سبيل المثال الشركة الكويتية للمباني والتعمير والشركة الكويتية لصناعة الانابيب المعدنية، وشركة الخدمات البترولية، وشركة اسمنت الكويت وغيرها من الشركات الصناعية الرائدة. وجاء الغزو والاحتلال العراقي في 2 اغسطس عام 1990م وجلب معه الدمار لمختلف اوجه الحياة في الكويت. ولم تسلم شركة الصناعات الوطنية من التخريب، وتعرضت مصانعها للتدمير والسرقة المنظمة والمدبرة واتلفت معدات التحكم الالكترونية واجهزة الكمبيوتر، وتعطلت مراكز البنى التحتية وتكبدت الشركة خسائر باهظة جراء هذا العدوان والاحتلال. وبتأييد وعون المولى القدير، وتوجيهات ودعم الشيخ جابر الاحمد تحدت شركة الصناعات الوطنية هذه الظروف البالغة الصعوبة، وبادرت فور التحرير الى اعادة تجهيز مصانعها وتشغيلها لتتمكن من اداء دورها، والمساهمة في خطة اعادة الاعمار التي تبنتها الدولة. وفي 11 مايو عام 1997م وافقت الجمعية العمومية على تحويل شركة الصناعات الوطنية الى شركة قابضة باسم مجموعة الصناعات الوطنية ¢Ni Grop"، تهتم بانشاء شركات جديدة وطرحها للمساهمين، مع المحافظة على نسبة تملك معينة حتى تحصل هذه الشركات على الدعم اللازم.
لقد واجهت شركة الصناعات الوطنية، وهي اقدم واكبر شركة صناعية في الكويت خارج القطاع النفطي، منذ انشائها العديد من الصعوبات، ولم يكن لديها من خيار سوى ان يكون لها استراتيجية مستقبلية ثاقبة، فعملت ـ وما زالت تعمل ـ بدعم وتشجيع من الشيخ جابر الاحمد راعي قيام هذا الصرح الاقتصادي والصناعي العملاق، حيث تبنت سياسة مالية متطورة وواعية، استغلت من خلالها مواردها المالية افضل استغلال من اجل توفير متطلبات النمو والتوسع.
دعم وتشجيع القطاع الزراعي:
انطلاقا من توجهات الشيخ جابر الاحمد في تنويع مصادر الدخل، وتوسيع القاعدة الاقتصادية في الدولة، فقد أولى الكثير من اهتمامه للقطاع الزراعي وتشجيعه، ودعمه لمشروعاته اسوة بالقطاع الصناعي. ففي عام 1969م انشئت اول وحدة من نوعها في الشرق الاوسط لزراعة الخضراوات بدون تربة، وذلك بالتعاون مع خبراء من منظمة الاغذية والزراعة الدولية، حيث امكن الحصول على معلومات قيمة عن هذا النظام الزراعي الذي ثبتت صلاحيته من الناحية الفنية. وفي عام 1972م اقيم مركز لانتاج الخضراوات المحمية بالتعاون مع البرنامج الانمائي للامم المتحدة ¢UNDP"، ومنظمة الاغذية والزراعة الدولية ¢FAO"، وقد حقق هذا المركز تقدما كبيرا في مجال ابحاثه، حيث نجح في ادخال نظم حديثة باستعمال المياه المحلاة بطرق اقتصادية. وفي عام 1983م تم انشاء الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية التي انيط بها الاشراف على قطاع الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية في الدولة، بعد ان كان هذا القطاع تابعا لادارة الزراعة التي تأسست بوزارة الاشغال العامة عام 1968م. وعلى الرغم من الظروف الطبيعية التي تقف في مواجهة اتساع القطاع الزراعي، والتطورات الايجابية التي شهدها هذا القطاع منذ مطلع الخمسينيات، وبالتحديد عام 1953م، عندما اسست محطة التجارب الزراعية، وزوّدت بالخبرات الفنية الكافية لاجراء التجارب الزراعية، واستخلاص النتائج الملائمة في القطاعين: النباتي، والحيواني، ونشرها بين المواطنين المهتمين في القطاع الخاص. نقول، منذ ذلك التاريخ، كان الاعتقاد السائد بين المختصين يؤكد على انه لا تزال هناك طاقات كامنة لم تستغل بالطريقة المثلى بعد. وان الانتفاع بدرجة استغلال الامكانات المتاحة الى حدودها القصوى من شأنه تحقيق نهضة زراعية تساعد بنصيب اكبر في الدخل القومي. | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:19 am | |
| الانماء الاقتصادي والمسألة السكانية:
وفي معترك الطموح المتفائل للآمال نحو ازدهار وتقدم الازدهار الكويتي الوطني ركز الشيخ جابر الاحمد، على عدد من القضايا ذات الاولوية القصوى في الشأن الكويتي، وان مسألة التركيبة السكانية والمسيرة الاقتصادية المتعلقة بطبيعة المجتمع وشخصيته، وبمستقبل الكويت والتخطيط لصيانة امنها ورفاهية شعبها، كانت في مقدمة هذه الآمال والطموحات. لقد ابرزت الدراسات والخطط الانمائية مدى اختلال توزيع قوة العمل في القطاعات الاقتصادية وفي الانشطة الانتاجية داخل كل قطاع، باستثناء القطاع الحكومي، من هنا كانت توجيهات الشيخ جابر الاحمد بضرورة ربط الجهد الانمائي المتعلق بالتركيبة السكانية بتعديل هذه التركيبة، لتصبح في صالح السكان الكويتيين ضمن اجمالي التعداد العام للسكان وقوة العمل، وهذا يعني السعي لتقليل حجم مجتمع السكان الوافدين بما يتوافق مع المعطيات الاقتصادية والاجتماعية في الكويت. وفي ظل هذه التوجيهات عمدت الحكومة الكويتية الى تحقيق المعادلة الاقتصادية التي تربط مستوى المعيشة بحجم الانتاج وعدد السكان، على ان يكون انخفاض عدد السكان لصالح نمو السكان الكويتيين، ووقفا لخطة مدروسة، وبغض النظر عن الجدل الفكري المتعلق بربط الحجم الامثل للسكان وعلاقته بمستوى المعيشة الامثل، نجد ان الاقتصاد الكويتي ـ وبتوجيهات الشيخ جابر الاحمد ـ قد حقق دخلا متوسطا للفرد، يماثل ما تحقق في الدول الصناعية المتقدمة، اضافة الى ان الكويت قد حققت مواقع ايجابية متقدمة في نوعية الحياة كافة، كمؤشرات التحضر، نصيب الفرد من الاستهلاك الغذائي، مستوى الخدمات الصحية، ودرجة انتشار التعليم والوعي الثقافي، وهي كلها مؤشرات تعكس قفزة في تطور نمط ونوعية الحياة للسكان، وليس من المبالغة القول ان توجه الدولة نحو استخدام التقنيات الحديثة في تصنيع الموارد المتاحة ممثلة في النفط ومشتقاته، والتوسع في بعض القطاعات الحديثة كالقطاع المالي والتجاري، يمكن ان يعمل على توسيع النشاط الاقتصادي في الدولة. وخلاصة القول، ان القابلية للتوسع الاقتصادي التي يتمتع بها الاقتصاد الكويتي، لا يمكن ان تكون وحدها سندا لتوجيه معدل التركيبة، السكانية في الكويت. لذلك ارتأت الدولة ـ وبتوجيهات من الشيخ جابر الاحمد ـ ان يكون هذا التوجه قائما على دوافع اخرى مساندة مثل: 1 ـ تشجيع وحفز الاستثمار 2 ـ ربط زيادة المقدرة الانتاجية بمستوى قوة العمل وهيكلها. 3 ـ حرية اختيار نمط واسلوب الانتاج. وهكذا يتبين لنا ان تعديل التركيبة السكانية الذي يمثل اهم التوجيهات التخطيطية في الكويت، لا يستند الى دوافع اقتصادية بالدرجة الاولى، بل ايضا الى دوافع اجتماعية وثقافية، ومن هنا، يتوجب استعراض المصاحبات الاخرى المتصلة بالاعتماد على العمالة الوافدة، والتي تحرص الحكومة على معالجتها بما يتمشى والمصلحة الوطنية للدولة.
سموه اهتم بدعم القطاعات الثلاثة: المشترك والخاص والاقتصاد التعاوني الأمير استلهم النظام الاقتصادي الرأسمالي ــــ الاشتراكي من كفاح الشعب الكويتي التنمية وتنويع القاعدة الاقتصادية
ينصرف مفهوم القاعدة الاقتصادية «الانتاجية» لدى الشيخ جابر الاحمد، منذ توليه رئاسة دائرة المالية، الى بناء الاقتصاد الوطني بين انشطة انتاجية سلعية ذات وجه اقتصادي خالص، وانشطة انتاجية خدمية ذات ابعاد اجتماعية. ويقصد بعملية التنويع هذه خلق التوازن بين المساهمات النسبية لهذه الانشطة ـ مجتمعة ـ في تكوينها للدخل المحلي، ومدى استيعابها لقوة العمل والاستثمار. وينصرف مفهوم المقدرة الاستيعابية الى مجموع الفرص الاستثمارية التي يمكن انجازها في الاقتصاد الوطني بأقصى عائد اجتماعي ممكن خلال فترة محددة. ونلاحظ من سياق مفهوم تنويع القاعدة الاقتصادية، ومفهوم المقدرة الاستيعابية، ان هناك ارتباطاً وثيقاً بين كلا المفهومين، وبين الجهد التخطيطي والانمائي على المستوى الوطني. واستمرار نمو المجتمع ومسيرته الانمائية على النحو الذي يحقق اقصى كفاءة ممكنة في تعبئة الموارد واستخدامها وتنميتها، سواء أكان للجيل الحاضر ام للاجيال المقبلة. وفي هذا السياق يقول فيصل المزيدي: «... وادراكاً من سموه لحقيقة هذه العلاقة، منذ ان بدأ العمل بهذا التصور وحتى تاريخه، فقد احتل مبدأ تنويع القاعدة الاقتصادية مكاناً بارزاً بين اهداف برامج التنمية، سواء أكان في مشروعات الخطط الانمائية الخمسية السابقة التي بدأت عام 1967م، ام ما جاء ضمن اهداف الخطة الخمسية للفترة (85/1986م ـ 89/1990م) بجانب التصورات المتوقعة لمسيرة التنمية المستقبلية الصادرة عن وزارة التخطيط، وكذلك تصورات المجلس الاعلى للتخطيط حول الاستراتيجية الانمائية بعيدة المدى الصادرة في نهاية عام 1989م...». ويمضي المزيدي موضحاً اهداف القاعدة الاقتصادية، فيقول: «.... كما ان من اهداف تنويع القاعدة الاقتصادية التي تتمحور حول هدفين متكاملين في التخطيط الوطني، مايلي: 1ـ زيادة المساهمة النسبية للقطاعات غير النفطية، مثل الصناعات التحويلية والزراعية والخدمات في مجمل الناتج القومي. 2ـ عدم الارتكاز على الموارد النفطية كمصدر وحيد للايرادات العامة. ولكي يتحقق الهدفان فلابد من الاستفادة من الايجابيات المستخلصة من ريع النفط في توسيع القاعدة الاقتصادية وزيادة كفاءتها...». واخيراً يشير «المزيدي» الى الايجابيات التي تحققت للاقتصاد الكويتي على يد الشيخ جابر الاحمد فيقول: «... من اهم الايجابيات التي تحققت للاقتصاد الكويتي باعتماده على الموارد الريعية، وتوزيعها، مايلي: 1ـ رفع متوسط دخل الفرد الى مصاف مستويات الدخول في الدول الغنية، والاكثر تقدماً، وهذه كانت احدى طموحات الشيخ جابر الاحمد في خلق مجتمع الرفاه. 2ـ توفير رؤوس الاموال اللازمة لتنفيذ برامج الاستثمار الضخمة. 3ـ بناء استثمارات انتاجية متطورة في مجال استخراج النفط وصناعة مشتقاته البتروكيماويات....».
تأسيس القطاع المشترك (الشركات المساهمة)
لقد اجمع الرعيل الاول من الاقتصاديين الكويتيين، الذين عملوا مع الشيخ جابر الاحمد منذ توليه مسؤولية دائرة المالية في اواخر عقد الخمسينيات، واوائل الستينيات ، بأنه كان يسعى دوماً الى تشجيع ودعم قيام القطاع المشترك «الحكومي/الاهلي» وتيسر السبل والاجراءات الخاصة بتأسيس الشركات المساهمة الكفيلة بتفعيل دور هذا القطاع، ليأخذ دوره النشط في مسيرة الاقتصاد الكويتي منذ بدء مراحل بنائه الاولى. ويعبر عن هذا الرأي احد هؤلاء الاقتصاديين، وهو عبد العزيز البحر، فيقول: «.... من اهم انجازات الشيخ جابر الاحمد المتميزة في المجال الاقتصادي هي فكرة انشاء القطاع المشترك، وكان هذا التوجه الاقتصادي هو الاول من نوعه في المنطقة العربية، حيث تقوم الحكومة بدراسة المشروعات الاقتصادية المقترحة، فإذا ثبتت جدواها الاقتصادية نفذتها على شكل شركات مساهمة تطرح جزءاً من رأس مالها للاكتتاب العام، وذلك لاتاحة الفرصة للمواطنين للمساهمة بمدخراتهم في مشروعات مضمونة ومربحة في مجالات مختلفة، سواء اكانت مصرفية ام استثمارية، ام شركات تأمين، ام صناعة. ومثالاً على ذلك: شركة الصناعات الوطنية، شركة البترول الوطنية الكويتية، الشركة الكويتية للتجارة والمقاولات والاستثمارات الخارجية، بنك الكويت والشرق الاوسط، بنك برقان، شركة الخليج للتأمين، وشركة وربة للتأمين. وقد باشرت الحكومة مؤخراً خصخصة الجزء العائد لها في هذه المؤسسات الناجحة..». ويؤكد خالد ابو السعود هذا الاهتمام الفائق للشيخ جابر الاحمد بدعم القطاع المشترك، ووضعه للبنات الاساس للشركات المساهمة الكويتية، فيقول: «... وفي عام 1960م بدأ العمل بتنفيذ سياسة، وضعها سمو الشيخ جابر الاحمد بوصفه رئيساً للمالية، تقضي باستخدام جزء من الوفورات المستثمرة في لندن لدعم الاقتصاد الوطني، وتأسيس الشركات المساهمة الكويتية، وتشجيع القطاع الخاص بجميع فئاته للاكتتاب. بأسهمها، مما ادى الى ازدياد عددها، وتحقيق اغراض تجارية وصناعية ومالية وخدمات، وبالتالي ادى الى تطور اقتصاد الدولة وازدهارها..». ويمضي ابو السعود، فيقول: «... عندما استلم سمو الشيخ جابر الاحمد دائرة المالية، كانت الشركات المساهمة لا تزيد على عدد محدود من الشركات، منها بنك الكويت الوطني، وشركة ناقلات النفط. حيث ان الجمهور لم يكن معتاداً على الاستثمار في مثل هذه الشركات. وهذا ما حدا بسموه للعمل على سرعة اصدار قانون تحت رقم 15 لسنة 1960م، ينظم تأسيس وادارة الشركات، اباح للدولة ان تؤسس منفردة اي شركة مساهمة، ثم تطرح اسهمها للاكتتاب العام..».
وفي هذا السياق، يقول ابو السعود: «.... وبتوجيه من سمو الشيخ جابر الاحمد بوصفه وزيراً للمالية، قامت الوزارة بتأسيس اكثر من 15 شركة مساهمة شاركت شخصيا باجراءات تأسيسها ووضع انظمتها الداخلية واغراضها بتوجيهات سموه، وتم طرحها للاكتتاب العام. وكان الاقبال على الاكتتاب ضعيفاً في البداية ثم زاد تدريجياً الى ان وصلت تغطية المطروح من اسهم احداها، «شركة صناعة الكيماويات»، الى 40 مرة وزاد عدد المساهمين على 100 الف مكتتب.
واذكر ان اول شركة اسستها الدولة على هذا النحو، هي شركة البترول الوطنية، تبعتها شركة صناعة الكيماويات، فمطاحن الدقيق والمواصلات، والشركة الكويتية للاستثمار، والشركة الكويتية للتجارة والمقاولات والاستثمارات الخارجية. وقد شجع ذلك القطاع الخاص، فأسس عدداً من الشركات كبنك الخليج والبنك الاهلي، والشركة الدولية للاستثمار.. الخ. وتلا عمليات التأسيس وتحقيق اغراض الشركات بدء عمليات التداول بأسهمها، بيعاً وشراء، على اسس استثمارية وتجارية، مما خلق سوقاً منتظمة تحكمها قواعد ونظم، تضعها، وتشرف عليها الدولة...». وفيما يلي، بعض النماذج من هذه الشركات التي تكفل الشيخ جابر الاحمد برعايتها ووضعها على بداية الطريق، دعماً لمسيرة الاقتصاد الكويتي:
شركة النقل العام الكويتية:
يحدثنا عبد اللطيف البحر بأن فكرة انشاء شركة للنقل العام نبعت من فكر الشيخ جابر الاحمد، فيقول: «.... كان سموه ينظر الى قيام اي مشروع اقتصادي من منظوره الثلاثي الشهير السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فجاءت شركة النقل العام الكويتية احدى الشركات التي تأسست وليدة فكره ابان توليه وزارة المالية، بهدف توفير الخدمات الاساسية بأيسر السبل واقل تكلفة للفئات غير القادرة من المواطنين والوافدين، ولضمان قيام الشركة بوظائفها المطلوبة لذوي الدخول المحدودة، وبالتالي فإنه، من الناحية المجتمعية لم يكن الهدف هو معيار الربح....». وهنا تجدر الاشارة بأن شركة النقل العام الكويتية تأسست بموجب المرسوم الاميري رقم 60 لسنة 1962م، وكان اسمها في حينه «شركة المواصلات الكويتية» كما كانت اسهم الشركة موزعة بين الافراد والحكومة، وبنسبة 50% لكل منهما. وفي اغسطس عام 1985م تم تغيير الاسم لتصبح «شركة النقل العام الكويتية» وتشجيعاً للمواطنين للمساهمة في هذا المشروع، أمنت الدولة للمساهم في حينها حداً ادنى مضموناً بفائدة قدرها 5%.
شركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية:
ولما كان اهتمام الشيخ جابر الاحمد عظيماً بكل الامور الخدماتية التي تهدف الى خدمة ورفاهية المواطن ورفع المعاناة عن كاهله وتلبية احتياجاته الضرورية، فقد بارك بحماس فكرة تأسيس شركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية كاحدى المؤسسات الخدمية المباشرة لمختلف فئات الشعب، محققاً بذلك ضمان توافر الامن الغذائي للشعب بأسعار مدعومة من الحكومة.وفي هذا السياق يقول عبد اللطيف البحر: «... كان تأسيس شركة المطاحن الكويتية نظرة ذات ابعاد عميقة، اقتصادياً وتنموياً واجتماعياً، وكانت هي الاخرى شركة خدماتية توفر احتياجات الناس. وقد ساهمت الحكومة فيها ايضاً بنسبة 50%، وضمنت ـ تشجيعاً للمساهمين ـ عائداً بحد ادنى قدره 10% كربح مضمون، وهي نسبة اعلى من الارباح البنكية، وفي الوقت نفسه فإن منتجاتها على اعلى درجة من الجودة وبسعر مناسب للمستهلك، وهي اعباء لا يمكن ان يتحملها القطاع الخاص وحده. وقد قامت هذه الشركة نتيجة لدمج شركتين هما: شركة مطاحن الدقيق الكويتية التي تأسست عام 1961م وأدمجت في عام 1988م مع شركة المخابز ليصبح الاسم بعد الدمج «شركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية»، حيث بدأ نشاط الشركة الصناعي بانتاج الدقيق عام 1965م. وانطلقت منه لتتخصص في قطاع الصناعات الغذائية التي لها صلة وثيقة مباشرة بكل مواطن، فانشأت في عام 1969م مصنع انتاج المعكرونة والشعيرية، وفي عام 1970م انشأت مصنع البسكويت لتنجز في عام 1976م مصنعها الرابع لانتاج الدهون والزيون النباتية. وفي عام 1978م تبنت الشركة خطة طموحة لبناء وتشغيل تسعة مخابز آلية موزعة جغرافيا على مناطق الكويت لضمان انسياب واستمرار الانتاج للمستهلكين كافة، وسهولة التوزيع على مختلف المناطق. دعم وتشجيع القطاع الخاص:
انطلاقا من جهود الشيخ جابر الاحمد في انشاء وارساء دعائم القطاع المشترك، فقد جاء اهتمامه برعاية وتشجيع القطاع الخاص عظيما كأحد ركائز الاقتصاد الكويتي الحر، وتميزه بين النظم الاقتصادية العالمية الرأسمالية منها، والموجهة. وفي هذا المضمون يتحدث بدر النصرالله فيقول: «لقد اهتم سمو الشيخ جابر الاحمد بالقطاع الخاص ودفعه الى الامام، وكان يستشير في أمره الخبراء الاقتصاديين الكويتيين منذ توليه امور دائرة المالية، ومن أجل مساندة هذا القطاع وتقويته فقد اولى القطاع المشترك، الحكومي والاهلي كامل عنايته وتشجيعه مع السعي لحمايته وضمان استمراره». وانسجاما مع هذا الاهتمام والرغبة الاكيدة في دفع عجلة الصناعة، قامت الحكومة بدعم وتشجيع الصناعيين على ارتياد المجالات الانتاجية الصناعية والزراعية وتنشيط التجارة الداخلية والخارجية من خلال: 1 ـ توفير القروض طويلة الاجل ذات الفائدة المخفضة من جانب البنك الصناعي والتي لا تتعدى 4% فقط. 2 ـ توفير القسائم الصناعية بايجار رمزي لا يتجاوز 50 فلسا للمتر المربع في السنة. 3 ـ المساهمة في رأس مال الشركات التي يؤسسها القطاع الخاص. 4 ـ دعم وتكويل القطاع الصناعي. 5 ـ توفير الخدمات المرافقية «المياه والكهرباء» اللازمة للانتاج والاستهلاك بأسعار مخفضة. 6 ـ فرض القيود والرسوم والضرائب على بعض السلع المستوردة بصفتها بدائل للانتاج المحلي. 7 ـ الاعفاء الكامل من ضرائب الدخل وضرائب التصدير.
دعم وتشجيع الاقتصاد التعاوني:
من الثوابت الراسخة في البناء الاقتصادي والسياسي لدولة الكويت، انها اتخذت الوسطية منهجا ونهجا في امورها الحياتية. وعلى الرغم من ارتباط الكويت بالنظام الرأسمالي واقتصاديات السوق الحر، الا انها لم ترفض يوما كل ما هو صالح ومفيد من النظام الاقتصادي الموجه. لهذا جاءت سياسة الكويت الاقتصادية مزيجا من النظامين الرأسمالي والاشتراكي، يمكن ملاحظة مظاهره في مجالات متعددة كمجانية التعليم والصحة، ودعم المواد الاساسية الاستهلاكية وقيام حركة تعاونية فاعلة في المجتمع، وضمان الوظيفة وتوفير السكن المناسب للمواطن. لم يأت هذا التوجه عفويا او انتقائيا، بل كانت له جذور في عمق تاريخ الكويت.. هذا التاريخ الذي يحدثنا عن ماضي الكويت، بانه مجتمع تضامني تكافلي متراحم، قائم على التعاون بحكم طبيعة النظام الاقتصادي الذي ساد المجتمع الكويتي عبر عصور مختلفة، تمثلت في التجارة الخارجية مع دول اسيوية وافريقية فقد ركب الكويتيون الامواج العاتية بسفنهم الشراعية غير عابئين بمخاطر الطريق الذي كان يمتد بهم في رحلة طويلة بعيدا عن الاهل والوطن.. هذه الحياة الشاقة علمتهم ان التعاون والمشاركة الشعبية من اجل نمو وتطور الوطن امر اساسي ومهم. وكان الكويتيون يمارسون هذه المفاهيم عمليا دون ان يدركوا ماذا تعني الرأسمالية او الاشتراكية لكنهم كانوا يدركون تماما المعاني السامية للاية الكريمة (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا). لا شك ان الشيخ جابر الاحمد قد اولى هذا النضال مع الحياة اهمية بالغة، ورأى فيه صفحات من تاريخ الكويت المشرّف، استقى منها اتجاهاته الفكرية والفلسفية في الحياة، وخاصة في جانبها الاقتصادي.. وفي هذا يقول: «لقد عاش شعبنا على هذه الارض الطيبة على مر السنين، تجمع بيننا اواصر القربى والتراحم، وتشدنا عرى التكاتف والتكافل وقد الف الله بين قلوبنا». ويمضي مؤكدا: «ان من واجب الوفاء على هذا الجيل ان لا ينسى الرعيل الاول الذين قامت على سواعدهم كويتنا الحبيبة، والذين ضحوا بارواحهم واموالهم في سبيلها». | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:19 am | |
| لقد كانت توجهات الشيخ جابر الاحمد الاقتصادية جزءا اساسيا من تلك الثوابت، فعلى الرغم من ميوله الكبيرة نحو اقتصاديات السوق، ودور القطاع الخاص كشريك فاعل في بناء المجتمع والدولة، الا ان الجوانب المشرفة، وخاصة الانسانية منها في النظام الاقتصادي الموجه، كان لها بريقها وكانت تجذبه دوما للاخذ بها. من هنا جاء اهتمامه بالاقتصاد التعاوني، والحركة التعاونية ـ بصفة عامة ـ كقطاع اجتماعي اقتصادي مواز لاقتصاديات السوق، وعامل توازن في ضبط الاسعار والاحتكارات للمواد والسلع الاستهلاكية والخدمات. وقد بدأت الحركة التعاونية في دولة الكويت بشكلها المنظم بصدور القانون رقم 20 لسنة 1962م، المعدل بالقانون رقم 24 لسنة 1979م... هذا القانون وتعديله قاما على اساس قاعدة مستمدة من حياة الكويتيين كمجتمع تعاوني، يجنح دوما نحو العمل الجماعي والمشاركة الشعبية في اثراء الحياة الكويتية.
وقد بلغ عدد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية حتى نهاية عام 2000م (46) جمعية غطت جميع مناطق الكويت، بالاضافة الى جمعيتين زراعيتين، وجمعيتين انتاجيتين، وجمعية توفير لموظفي ومستخدمي القطاع الحكومي، وجمعية مشتركة للانتاج والتسويق، وجمعية حرفية «جمعية السدو» واتحادين تعاونيين: احدهما استهلاكي، والاخر انتاجي زراعي. وتضم الجمعيات التعاونية الاستهلاكية حسب حركة العضوية في عام 2000م، حوالي 246325 مساهما، بلغ اجمالي رأس المال المدفوع لها في العام نفسه 082،785،8 دينارا كويتيا، وبلغت جملة مبيعاتها خلال العام المذكور حوالي 337.766.320 دينارا كويتيا، وبلغ صافي ارباحها في العام نفسه حوالي 465،804،22 دينارا كويتيا، يقتطع منها 25% للخدمات الاجتماعية، يصرف منها 20% داخل منطقة عمل الجمعية، وترحل 5% الى اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية للصرف منها على المشروعات الكبيرة على مستوى الدولة، ويعتبر هذا الاجراء خطوة جماعية للتعبير عن مبادرة المساهمين التعاونيين في خدمة بلدهم ومجتمعهم المحلي. لا شك في ان هذه القدرة المالية، التي ترعرعت ونمت في ظل توجيهات الشيخ جابر الاحمد ودعمه المباشر لها، قد مكنت الحركة التعاونية الكويتية من ان تلعب دورا رائدا في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، استطاعت معه ان تستحدث اقتصادا موازيا لاقتصاديات السوق، تمكنت من خلاله من المحافظة على اسعار السلع والخدمات عند حدودها المعقولة والمقبولة لدى المستهلك، وذلك بسبب سياسة البيع وتسعيرة المواد والسلع والخدمات المتبعة في الجمعيات التعاونية باعتماد هامش الربح اساسا لذلك. اما في الجانب الاجتماعي، فان الخدمات الاجتماعية والثقافية والارشادية والترفيهية التي تقدمها الجمعيات التعاونية في مناطق عملها لها دور ايجابي كبير داخل المجتمع المحلي، وهي في مجملها جهود رائدة تتلاحم فيها ارادة الشعب والحكومة في تقديم صور انسانية رائعة للعمل الاجتماعي الشعبي التطوعي. وهنا يجب الا ننسى دور الحكومة وجهودها في اقامة مراكز الضواحي في كل منطقة سكنية، وتقديمها للحركة التعاونية بأجور رمزية، بالاضافة الى تسهيلات وخدمات اخرى مكنت الحركة التعاونية الكويتية من ان تصبح احدى دعائم وركائز الاقتصاد الوطني في دولة الكويت في عهد الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح.
الاتفاقيات التي تمت مع دول العالم لتسهيل الاستيراد والتصدير والتعاون آتت ثمارها على التطور التجاري الأمير حدد أوجه توزيع المال الاحتياطي للدولة لضمان تحقيق أكبر استفادة ممكنة للبلاد أهم المنجزات الاقتصادية
بثاقب فكر الشيخ جابر الاحمد وبعد نظره المستقبلي حفلت مرحلة البناء بالعديد من الانجازات والقرارات الاقتصادية التي أرسى من خلالها دعائم الاقتصاد المؤسسي الوطني، التي كان لها اثرها في دعم كيان الدولة الاقتصادي محلياً واقليمياً ودولياً، والمتمثلة في القرارات الاقتصادية الوطنية، وانشاء المؤسسات والهيئات التي كان لها ابلغ الاثر في دعم كيان الدولة، ووقوف دول العالم مع حق الكويت وشرعيتها ابان محنة العدوان والاحتلال العراقي في 2 اغسطس عام 1990م.
تنمية التجارة الخارجية:
يرتبط الاقتصاد الكويتي ارتباطا وثيقا في مجال التجارة والمال بالسوق العالمية، ولذلك فلا غرو ان اولى الشيخ جابر الاحمد رعايته التامة للتجارة الخارجية، ومن هنا كان حرص الحكومة على تنسيق وتيسير التبادل التجاري مع دول العالم، والعمل على تنمية وتقوية الروابط الاقتصادية والفنية معها، وبخاصة الدول العربية، مستهدفة في ذلك ما يعود بالنفع المتبادل وزيادة حجم التبادل التجاري بما يحقق المصالح المشتركة. وجرياً وراء كل سياسة تحقق الاهداف التجارية المرجوة، عقدت دولة الكويت اتفاقيات تجارية واقتصادية مع مختلف دول العالم تحقيقاً للاهداف الرامية الى تسهيل استيراد وتصدير المنتجات الزراعية والحيوانية والصناعية، وتشجيع اقامة تعاون اقتصادي وتجاري، وتشجيع المشروعات الاقتصادية المشتركة، وانشاء الشركات والمؤسسات الاقتصادية، وضمان وتشجيع انتقال رؤوس الاموال واستثمارها، والسماح بتحويل العوائد والارباح الناتجة عن الاستثمار. وقد حدث نتيجة لذلك تطور كبير في تجارة الكويت بشقيها الاستيرادي والتصديري، اذ توالى الارتفاع السنوي في قيمة تجارة الاستيراد ولا شك في ان مثل هذا التطور يبعث على تفاؤل كبير باعتباره مؤشراً دقيقاً من مؤشرات التطور الاجتماعي والنمو الاقتصادي، والتوسع الكبير والسريع في المشروعات العامة والخاصة، وفي المناهج الاجتماعية والصحية التي تنفذها الدولة، كما يشير الى ارتفاع مستوى المعيشة لعدد متزايد من افراد الشعب.
الاحتياطي العام خطوة على الطريق:
في اطار الخطوات التي اتخذتها الحكومة لتنظيم الاوضاع المالية للدولة. صدر
المرسوم بالقانون رقم 1 لسنة 1960 المتعلق باقرار طريقة اعداد الميزانية
العامة واسلوب تنفيذها، وقد اعلن هذا القانون انشاء الاحتياطي العام، ووضع
التشريع اللازم لتمويله من فائض الميزانية، واناط مسؤولية ادارته بوزارة
المالية، وشمل الاحتياطي العام في ذلك الحين، جميع استثمارات الدولة التي
تضمنت فيما بعد، المشاركة في العديد من المشروعات التنموية والاقتصادية
والاجتماعية، منها ـ على سبيل المثال ـ بنك التسليف والادخار والصندوق
الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، وعشرات من المشروعات المحلية الاخرى،
هذا بالاضافة الى الاستثمارات الخارجية كافة التي تملكها الدولة.
ويخصص قانون الميزانية كل عام مبلغاً معيناً لمواجهة المصروفات العادية
والانشائية للدولة خلال السنة المالية، ومبالغ محددة للاحتياطي العام.
وكان الاتفاق مع الحكومة البريطانية ان تتصرف الكويت بمبالغ الايرادات
التي تتسلمها من شركات النفط بمقدار احتياجاتها، وتحتفظ بالفائض «بصفته
احتياطياً» مع بنك انجلترا بالجنيه الاسترليني، ويتولى مجلس الاستثمار
الكويتي في لندن استثماره لحساب الحكومة الكويتية في سوق الاوراق المالية
البريطانية، وفي الاسواق النقدية البريطانية ايضاً.
ومنذ عام 1960م تولت دائرة المالية في الكويت الاشراف الكامل على تحصيل
الايرادات من شركات النفط، وادراجها ضمن الايرادات العامة في ميزانية
الدولة، وتقوم باستثمارها لحين الحاجة اليها، كما قامت باستثمار المال
الاحتياطي مباشرة. او بواسطة مكاتبها ومؤسساتها.
ونظراً لان الدولة كانت تحصّل ايرادات النفط خلال الستينات والسبعينات في
فترات متقاربة تسبق مواعيد الصرف، كانت دائرة المالية، ثم «ادارة
الاستثمار في وزارة المالية»، تقوم باستثمار تلك الايرادات خلال الفترة من
تاريخ استلامها الى حين الحاجة اليها لمواجهة مصاريف الدولة. وبعد ان كانت
تستثمر في سوق الاسترليني فقط، اصبحت تستثمر في استثمارات قصيرة ومتوسطة
الاجل، وبأنواع متعددة من الاستثمارات النقدية، كالودائع تحت الطلب وسندات
الخزينة والمؤسسات العامة والخاصة، وبالعملات المختلفة، واهمها الدولار
والاسترليني.
وفي عام 1964م تم التوصل الى اتفاق خاص مع شركتي النفط ¢Gulf&BP" على
دفع قيمة النفط المصدر مقدماً. وكانت المبالغ المحصلة من مبيعات النفط
تعتبر ايرادات تخص السنة التالية طبقاً لقانون خاص، وتودع في حساب مستقل
يستثمر في استثمارات سائلة، بالاضافة الى استثمار جزء منه في اسهم وسندات
من الدرجة الاولى. وتضاف حصيلة الاستثمار الى الاحتياطي العام. وقد خفض
رصيد هذا الحساب المستقل خلال السنة المالية 74/75 نظراً لامتلاك الدولة
60% من شركة نفط الكويت، والغي كلياً عند امتلاك الدولة لكامل موجودات
الشركة وحولت مبالغه الى الاحتياطي العام للدولة. واعتبرت ايرادات النفط
المحصلة ايراداً للسنة التي يتم فيها التحصيل. | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:20 am | |
| تطور الاحتياطي العام ونمو الاستثمار:
تُحوّل الى المال الاحتياطي كل عام نسبة من الايرادات العامة يحددها قانون الميزانية كما يحول له وفر الميزانية للعام السابق، فضلاً عن فوائد وارباح الاحتياطي للفترة السابقة. ومنذ استلام الشيخ جابر الاحمد مهام وزارة المالية بدأت الادارات المختصة باستثمار المال الاحتياطي في عدة انواع من الاستثمارات، روعي في انتقائها تنفيذ سياسته الاقتصادية بشأن دعم الاقتصاد الوطني، «عن طريق تأسيس الشركات المساهمة الكويتية واقراضها، وانشاء دعم المؤسسات القائمة»، ومساعدة الاشقاء العرب، ودعم البنوك الوطنية عن طريق الودائع، واستثمار ارصدة المال الاحتياطي لتحقيق عائد جيد بأقل المخاطر. وعلى هذا الاساس ، ومنذ الستينات، وبتوجيه من الشيخ جابر الاحمد، توزعت ارصدة المال الاحتياطي على الشكل التالي: 1ـ المؤسسات الحكومية، ومنها: «صندوق التنمية، البنك المركزي، الخطوط الجوية الكويتية، بنك التسليف والادخار». 2ـ المؤسسات الدولية، ومنها: «صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للانشاء والتعمير، وملحقاته». 3ـ الودائع والاستثمارات في البنوك المحلية وشركات الاستثمار. 4 ـ الشركات المساهمة الكويتية تأسيسا ومساهمة وقروضا». 5 ـ المؤسسات والشركات والمشاريع العربية. 6 ـ الاستثمار في العقارات داخليا وخارجيا. 7 ـ محافظ الاوراق المالية الاجنبية من اسهم وسندات في الاسواق الامريكية والبريطانية والاوروبية والاسيوية. 8 ـ الاستثمارات النقدية في العملات القوية المهتلفة. وتشرف وزارة المالية على عدد من المؤسسات والشركات المتخصصة في الاستثمارات الموضحة اعلاه، والتي تساعد الوزارة على تحقيق السياسة الاستثمارية التي يرسمها الشيخ جابر الاحمد منذ عام 1960م والتي تقضي بان يكون لادارات الاستثمار الكويتية وجود فعلي في السوق المستثمرة فيه الاموال، وذلك اما عن طريق مكاتب متخصصة كمكتب الاستثمار الكويتي في لندن، او عن طريق اتفاقيات مع بنوك عالمية وفي الاسواق الامريكية والاوروبية والاسيوية، او عن طريق بعض مؤسساتها وشركاتها، كشركة الانابيب المعدنية والفنادق والصناعات الوطنية، وشركتي الاستثمار، والمجموعة العقارية، وبهذا اصبح لوزارة المالية وادارتها الاستثمارية قدرة استثمارية هائلة، واتصالات ضخمة مباشرة باكبر البيوتات المالية والمصرفية في العالم. وبتوجيه من الشيخ جابر الاحمد، بوصفه وزيرا للمالية، استعانت الوزارة بلجان وهيئات استشارية دولية ومحلية في رسم وتنفيذ سياستها الاستثمارية، وتوزيع استثماراتها على الاسواق المختلفة، ومن هذه اللجان كانت اللجنة الدولية التي كان يرأسها الشيخ جابر الاحمد، وهي التي كان من بين اعضائها عدد من كبار الخبراء العالميين في عالم المال والاقتصاد والاستثمار ومنهم:
1 ـ صموئيل شفيليزر رئيس بنك الاتحاد السويسري 2 ـ ماركوس ولينبورنغ رئيس بنك «اسكتلندا» 3 ـ اللورد بيرسي من كبار اقتصاديي بريطانيا. 4 ـ هيرمان أبس رئيس بنك «دويتش» وكبريات المؤسسات الاقتصادية الالمانية 5 ـ يوجين بلاك رئيس البنك الدولي للانشاء والتعمير وقد اضاف الشيخ جابر الاحمد الى عضوية هذه اللجنة بعض الاقتصاديين الكويتيين، منهم: خالد الخرافي، خليفة الغنيم، يعقوب الحمد، عبدالرحمن العتيقي، حيدر الشهابي. كما حرص الشيخ جابر الاحمد ـ إبان توليه رئاسة الحكومة ـ على تشكيل لجان محلية للاستثمار منها: لجنة للاستثمار برئاسة وزير المالية عبدالرحمن العتيقي وعضوية وكيل وزارة المالية، ومدير الاستثمار، ومدير الصندوق الكويتي للتنمية، ومحافظ البنك المركزي، ورئيس مجلس ادارة البنك الصناعي، وغيرهم. إن سياسة استثمار اموال الدولة «الاحتياطي» التي بدأ بتطبيقها الشيخ جابر الاحمد عندما اصبح رئيسا لدائرة المالية، ثم وزيرا للمالية، قد بنيت على اسس. اهمها: 1 ـ ضمان القيمة الاصلية لهذه الموجودات مع تحقيق اكبر عائد ممكن بأقل مخاطرة محتملة. 2 ـ المساهمة في دعم الاقتصاد الكويتي. 3 ـ المساهمة في دعم الاقتصاد العربي على اسس استثمارية تجارية بالقدر الممكن. 4 ـ التركيز على الاسواق الاستثمارية والمالية الجيدة، والبحث عن اسواق اخرى، والمشاركة في تطويرها واستيعابها. 5 ـ توزيع الارصدة بين استثمارات متنوعة مختلفة لتوفير الحماية اللازمة. ولضمان التوازن بين ارباح بعضها وخسائر الاخرى. 6 ـ المساهمة في الوصول الى نظام نقدي دولي سليم عن طريق المشاركة في المؤسسات الدولية، والاستثمار في ارصدتها من الاسهم والحصص في المشروعات. يقول خالد ابو السعود: «وباستعراض استثمارات الدولة المرتكزة على الاسس اعلاه، يتضح ان نسبة الاستثمارات الملموسة من اسهم وعقارات، وغيرها، تزيد على نسبة الاستثمارات الاخرى، حيث انها تمثل موجودات حقيقية عملت وزارة المالية، بتوجيه من الشيخ جابر الاحمد، على زيادتها تدريجيا، مراعية سياسة التنويع في محافظها من الاسهم، حيث توزع الاسهم في كل محفظة الى عدة انواع من الاسهم لتحقيق التوازن وتلافي الخسارة والهزات. ونتيجة لهذه السياسة تشكلت للحساب الاحتياطي محافظ للاوراق المالية تدار من البنوك العالمية المؤهلة من الدرجة الاولى». ويمضي ابو السعود قائلا: «وتم انتقاء هذه المؤسسات تدريجيا، وبتوجيه وموافقة سمو الشيخ جابر الاحمد، وقد حوت محافظ الاوراق المالية نسبا مهمة من اسهم الشركات العالمية قبل ان تحتويها المحافظ الاخرى لمستثمرين اخرين، وهذه المحافظ تحوي مجموعات.، اهمها: 1 ـ اسهم صناعية منها: الكهربائية، والميكانيكية، والاستهلاكية، والنسيج، والكيماوية. 2 ـ اسهم مالية، كشركات الاستثمار، والبنوك والتأمين، وصناديق الادخار. 3 ـ اسهم خدمات، كالمرافق العامة، والمخازن التجارية. والنسبة الكبيرة من هذه الاسهم تمثل موجودات حقيقية تحتفظ الدولة بقيمتها، ولا تتأثر كثيراً بتقلبات العملات، وقد حققت الدولة ارباحاً حقيقة جيدة تفوق الارباح السائدة في السوق...». لقد حرص الشيخ جابر الاحمد ـ ومنذ البداية ـ على استثمار جزء من المال الاحتياطي في الشركات المساهمة المحلية، وقدم لها من القروض، وهذا ما مكنها من الاستمرار والنمو. وقد حققت الدولة من ذلك هدفين: الاول، دعم الاقتصاد الوطني عن طريق انشاء الشركات الصناعية والمالية، والثاني، تحقيق ارباح مادية تتمثل فيما تعطيها هذه الشركات من فوائد. وتتحرر الكويت من يد الظلم والطغيان العراقي، لتعقد الدورة الثانية عشرة للمجلس الاعلى لمجلس التعاون في رحاب ارضها المحررة خلال الفترة من 23 ـ 25 ديسمبر عام 1991م، حيث تدارس المجلس التطورات الاقليمية في منطقة الخليج على ضوء تحرير دولة الكويت واستعادتها لحريتها واستقلالها وسيادتها. وقد عبر المجلس عن اعتزازه بروح التضامن الاخوي والتآزر المبدئي فيما بين دوله، وسجل باكبار وقوف مواطني دول المجلس وقفة تؤكد عمق الانتماء والترابط، ووحدة المصير بين افراد الاسرة الخليجية. كما اشاد المجلس بمساندة الدول الشقيقة والصديقة التي وقفت الى جانب الحق والعدل، ومبادىء القانون الدولي، مؤكداً على ضرورة تنفيذ العراق لكافة بنود القرار 687 وشروط وقف اطلاق النار. هذا، وقد صدر عن المجلس في ختام اعماله اعلان سمي «باعلان الكويت»، متضمناً القرارات التي تم التوصل اليها خلال مداولاته ومناقشاته. وكان للشيخ جابر الاحمد كلمة في افتتاح اعمال دورة المجلس، جاء فيها: «... الكويت تستقبل اليوم قادة مجلس التعاون الخليجي في ظلال ممدودة لروابط قديمة وحديثة. وعلائق اصيلة ومتجددة، ضرب الماضي بأصولها في الاعماق، ومد الحاضر فروعها في الآفاق، وينتظر المستقبل المزيد من اثمارها، والكويت المحررة تضم اليوم بين ثناياها اخوة بررة، تجرعوا معها مرارة المحنة، وتحملوا من أجلها الكثير حتى انزاح البلاء وتحقق النصر». ثم يمضي مؤكدا: «سوف يسجل التاريخ لشعوب مجلس التعاون ان شعاراتها كانت مبادىء، وان مقولاتها تحولت الى وقائع، ولئن ارتابت أجيال أمتنا المعاصرة بكثير من الشعارات المطروحة، والمقولات المعلنة بسبب مواقف البعض المتباينة، وممارساتهم المناقضة، فقد اعادت المواقف الخليجية اثناء المحنة الكويتية كثيرا من الثقة الى نفوس اجيالنا، بان الاخاء بين شعوبنا حقيقة شعورية، لها براهينها الموضوعية. ويضيف، فيقول: «ان انعقاد هذه القمة على ارض الكويت ـ وفي هذه الآونة بعد التحرير ـ يفصح عن مضامين عديدة، منها: الوحدة بين بلادنا وشعوبنا، والروابط الثابتة بينها وبين اصولها العربية وانتمائها الاسلامي، والعلاقات المتجددة بالدول الصديقة في العالم كله. فان التغييرات المتسارعة، والعلاقات المتشابكة في العالم من حولنا، تفرض علينا مواجهتها واتخاذ الخطوات المناسبة للتعامل معها، واضعين نصب اعيننا ان تتفق جميع خطواتنا مع مبادئنا الثابتة التي يفرضها علينا ديننا الحنيف وتاريخنا العربي». لا شك في ان للشعوب قيمة عظيمة في المنظومة الفكرية للشيخ جابر الاحمد، لان الشعب هو عماد المجتمع وصانع تاريخه، من هنا، وامام قادة دول مجلس التعاون، كان له الوقفة التالية: «ان اللقاء بيننا، هو تعبير عن إرادة شعوبنا، وصياغة عملية للروابط الثابتة بينها. ومن ثم فان موضوعات هذا اللقاء ونتائجه، مبعثها وغايتها هي هذه الشعوب.. هي هذه الامال التي تطمح اليها قلوبهم، والتطلعات التي تستشرفها نفوسهم والحاجات التي تمتلىءء بها صدورهم والتي تتلخص في مزيد من روابط اوثق. ووشائج اصفى واعمق، وحياة كريمة حرة، تقوم على العدالة، وتهدف الى الرخاء، وتسودها الثقة في مستقبل آمن، لاجيال لا يتهددها الخوف، ولا يعصف بها الفزع، ولا تزيغ بخطواتها الريب». وفي الجلسة الختامية كان للشيخ جابر الاحمد رئيس الدورة كلمة اخرى، عبر فيها باسم شعب الكويت وقيادته عن شكره وتقديره لقادة دول مجلس التعاون، متمنيا لهم ولشعوبهم كل الخير والرفعة والازدهار، منوها بالنوايا الخيرة، والآراء النيرة والعمل الدؤوب الذي واكب اعمال الدورة، مؤكدا ومعلقا على طبيعة اللقاء بانه: «كان لقاء نبيل المقاصد، كريم الغايات، لم يشغله علاج الحاضر بمطالبه الملحة ومشكلاته القائمة عن النظرة للمستقبل، والتخطيط لمواجهة احتمالاته، ليتحقق لنا مكان فيه يليق بنا وبطموحات شعوبنا. كما انه لم تنسه همومه حق امته العربية والاسلامية عليه في الاهتمام بقضاياها المركزية، بل وحق البشرية عليه في الاسهام المادي والحضاري لخدمة الانسان وتخفيف معاناته». وفي البيان الختامي لاعمال الدورة الرابعة عشرة للمجلس، التي عقدت في الرياض في الفترة من 20 ـ 22 ديسمبر عام 1993م، ادان قادة دول المجلس النظام العراقي بشدة لممارسته سياسة انتقائية في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وأكدوا على اهمية التزام العراق بالقرارات الدولية ذات الصلة في عدوانه على دولة الكويت، ومن بينها ضرورة اعترافه بالترسيم الحدودي بين البلدين، واطلاق سراح الاسرى والمرتهنين، والكف عن تهديداته وادعاءاته بالكويت. وجدد البيان دعوة مجلس الامن لمواصلة جهوده لالزام النظام العراقي بتنفيذ قرارات مجلس الامن ذات الصلة بعدوانه على دولة الكويت، والكف عن ممارسته التي تمس سيادتها واستقلالها. وكان الشيخ جابر الاحمد قد ادلى بتصريح صحفي لدى وصوله الى الرياض، اشار فيه الى: «ان اّمال شعوبنا، وهي كثيرة ومنوعة، تتركز في ضمان حياة آمنة، يمكن من خلالها العمل بطمأنينة وثقة بعيدة عن التوترات والمخاوف لبناء مستقبل زاهر لدولنا، يصاحب ذلك طموحات شعوبنا في مزيد من التلاحم بينها من خلال تعاون وثيق وتلاحم اكثر، اضافة الى اتخاذ ما يناسب المواقف المبدئية المنوطة بنا جميعا تجاه امتنا العربية والاسلامية. ولدي امل كبير في تحقيق خطوات ايجابية ناجحة تتمشى وطموحات شعوبنا». وفي حديث امام مجلس الوزراء الكويتي بتاريخ 25 ديسمبر عام 1993م نوّه بالكلمة الشاملة التي القاها خادم الحرمين الشريفين في افتتاح اعمال المجلس، قائلا: «انها ترجمت اهتمامات ابناء دول مجلس التعاون واولوياتهم، وعبرت بصدق عن مشاعر الكويتيين، وجاءت استمرارا للوقفة التاريخية الشجاعة للمملكة الشقيقة في نصرة الحق الكويتي». مشيدا بالدعم المطلق الذي اعطته القمة لدولة الكويت في مواجهة محاولة الالتفاف العراقي على الشرعية الدولية. وفي الدورة الخامسة عشرة التي عقدت في المنامة في الفترة من 19 ـ 20 ديسمبر عام 1994م، تدارس المجلس خلالها التطورات الاقليمية ومسار تنفيذ العراق لقرارات مجلس الامن ذات الصلة بعدوانه على دولة الكويت. وفي هذا السياق ـ ايضا ـ تابع المجلس قرار العراق الاعتراف بسيادة دولة الكويت، وسلامتها الاقليمية، وحدوده الدولية معها وفقا لمتطلبات القرارين 687 و833، وقد اعتبر المجلس هذا القرار خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح نحو تنفيذ العراق لقرارات مجلس الامن ذات الصلة كافة. وفي رسالة مسهبة للشيخ جابر الاحمد في ديسمبر عام 1994م الى اخوانه قادة دول مجلس التعاون اشار فيها الى ان قيام مجلس التعاون عام 1981م كان حالة من الاحساس بالاخطار قبل وقوعها، وادراكا لفاعلية التقارب والتعاون. وان انشاء المجلس جاء بارقة امل احيت اماني وطموحات شعوب المنطقة، منوها بان اطرافا معينة ما فتئت تكيد لمجلس التعاون الخليجي منذ قيامه، وذلك من أجل عرقلته واضعافه تمهيدا لتصفيته. مشيرا الى رياح التغير التي تجتاح دول العالم، وعلى وجه الخصوص دول العالم الثالث ومن بينها منطقتنا. وانه لا بد لنا ان نكون على درجة من الوعي والادراك تؤهلنا للتكيف مع المرحلة التي نعيشها. مؤكدا في هذه الرسالة على ان: «وحدة الاعراف، والعقيدة، واللغة والتاريخ، واتحاد الاقليم، وحرمة الجوار، والقيم العربية، وتشابه الملامح النفسية والاجتماعية والاقتصادية لشعوبنا، فضلا عن الروابط الشخصية بيننا جميعا، كلها، بحمد الله، وشائج تقرب، تدني ولا تقصي، تجمع ولا تفرق، من اجل ذلك، فان اي فكرة تسنح لأحدمنا وتحقق صالح دولته وشعبه هي في الوقت نفسه فكرة لصالح جميع دولنا في مجلس التعاون الخليجي، وما من فكرة تخطر لي الا وانا موقن ان مثلها ـ بل وخيرا منها ـ موجود لديكم ولدي بقية اخوتنا الاعزاء قادة دول مجلس التعاون، وعلى ذلك فقد آثرت ان اعرض ما يجول في خاطر من افكار يطول تردادها في ضميري لثقتي التامة بان هذه الافكار سوف تجد من بصيرتكم وخبرتكم مدى اوسع، وغورا اعمق، وتفهما لمستقبلنا ومستقبل اجيالنا». ويمضي في رسالته، فيقول: «وقد شاءت إرادة الله ـ جلت حكمته ـ ان نعيش في بقعة مهمة حساسة من بقاع الارض، ضم باطنها موردا حيويا تقوم عليه صناعات العالم الرئيسية في البلدان والدول التي تتصدر قيادة العالم، بل تعتمد عليه حياة شعوبها ورقيها وازدهارها، مما يفرض علينا وضعية بالغة الخصوصية، ولكن الخطر الاكبر ان لدينا على مد اليد اخطارا متربصة، يجب ان نعمل لها الف حساب، سواء أكان ذلك في وقتنا الراهن أم المستقبل فالتهديدات تتكرر بين حين وآخر، ولا تخفي هذه التهديدات الطمع في الاستيلاء على الارض وثرواتها، او تدمير كل ما تم تحقيقه من الانجازات لابناء أجيالنا الحاضرة والمستقبلية». ويضيف قائلا: «انني انظر الى عالمنا اليوم فاذا معظم الدول فيه قد شعرت بان الانفرادية والانعزالية لا تتلاءم والظروف العالمية المتغيرة، فاخذت دول عديدة في مناطق مختلفة من العالم تنشىء فيما بينها الاتحادات والمجموعات بشكل او بآخر، ضمانا لحاضرها ومستقبلها، وتطلعا الى تحقيق المزيد من الرخاء والازدهار لشعوبها، ان كثيرا من هذه الدول قد انتظم في اشكال من التنظيمات السياسية او التجارية او الاقتصادية، بل وخططت بعض هذه المجموعات لالغاء الكثير من الشكليات والحواجز التي تعوق تلاحمها، او تعرقل التقارب بينها لتجعل مجتمعاتها اكثر اندماجا، وايسر حركة، واقوى فاعلية». وتأتي دعوته واضحة من اجل ايجاد شكل من اشكال الوحدة الخليجية، فيقول: «واذا كان النظر، بناء على تجارب جرت في امريكا اللاتينية والقارة الافريقية، يجعل تأييد جميع القوى الاجتماعية، في كل دولة من الدول التي تقيم بينها اتحادات او منظمات اقليمية، شرطا لنجاح هذه الاتحادات وتلك المنظمات، فان لدينا في دول مجلسنا مسألتين: اولاهما ايجابية وهي وحدة السمات الاجتماعية، وتقارب الظروف الموضوعية الاخرى لشعوب مجلسنا الخليجي، وهي ظروف مواتية تسهل لنا بدرجة كبيرة التفاهم والتطابق في تحقيق هذه الطموحات والامال. التي ستعزز الثقة والطمأنينة في قلوب ابناء الخليج. واخراهما بحاجة الى توجيه وتربية وتأصيل، وهي الايمان بجدوى الوحدة الجزئية من خلال اتحادات ومنظمات محددة المجال، مع السعي في الوقت نفسه الى اشعاء جميع الفئات الاجتماعية في بلداننا بجدوى ملموسة لصالحهم، تعينهم على قبول بعض التضحيات، او تحمل مرارة الحق، كما قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله». | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:22 am | |
| لم تكن الدورة السابعة عشرة لاجتماعات المجلس الاعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي عقدت في مدينة الدوحة خلال الفترة من 7 ـ9 ديسمبر عام 1996م، اقل حماسا عن غيرها من دورات المجلس في الدفاع عن الحق الكويتي، فقد اعرب البيان الختامي الذي صدر عن اجتماعات المجلس عن الاسف البالغ لاستمرار حكومة العراق في سياسة المماطلة حيال تنفيذ جوانب أساسية في التزاماتها الدولية، وفي مقدمتها استكمال ازالة اسلحة الدمار الشامل، والافراج عن الاسرى والمرتهنين من مواطني دولة الكويت والدول الاخرى، والالتزام بآلية التعويضات، واعادة جميع الممتلكات الكويتية، والامتناع عن القيام باي عمل عدواني او استفزازي للدول المجاورة، امتثالا لقرار مجلس الامن رقم .949 كما اعرب البيان عن قلقه الشديد ازاء استمرار الحكومة العراقية في اخفاء اسلحة خطرة وفتاكة، واعاقة اعمال مهمة للجنة الخاصة التابعة للامم المتحدة المكلفة بازالة اسلحة الدمار الشامل العراقية، مؤكدا دعمه المستمر لجهود اللجنة الدولية. لقد قدرت الكويت هذا الموقف الاخوي الملتزم، وبدا ذلك واضحا في كلمة الشيخ جابر الاحمد التي القاها في الجلسة الختامية لاعمال الدورة نيابة عن اخوانه قادة دول الخليج، جاء فيها بين امور اخرى: «لقد منّ الله ـ تعالى ـ على دولنا بكثير من الخير، واعلى ذلك واكثره بركة نعمة الاخاء بين شعوبنا، التي قربت بينها الحياة الاجتماعية الواحدة لقرون متتابعة، فضلا على روابط الاعراق والاوطان واللغة والدين، ثم كان من صنع الله لنا ما اتسمت به قياداتنا من الحكمة والرفق وايثار الصالح العام، مما جعل ما بيننا من روابط تمتد وتترسخ، فتزداد المحبة والاخاء، وتنمو المودة والصفاء واصبحت منظومة مجلس التعاون مضربا للمثل في التعاون بين الدول الهادفة الى خير الشعوب وصالحها المشتركة». كما بدا ذلك واضحا في تصريحه الصحفي، اثر عودته الى أرض الوطن، من اشادة بالحوار البناء، وبروح الاخوة والتفاهم اللذين سادا اعمال الدورة، معبرا عن تقديره واعتزازه لما انتهت اليه الاجتماعات من قرارات مهمة، وبما اكده قادة دول المجلس من قلق ازاء استمرار النظام العراقي في مماطلته في تنفيذ قرارات مجلس الامن كافة. بدءا من اطلاق سراح الاسرى والمرتهنين، ومرورا بالتعاون مع اللجنة الخاصة المكلفة بازالة اسلحة الدمار الشامل، والالتزام بآلية التعويضات واعادة الممتلكات الكويتية، الى جانب الامتناع عن ممارسة اي تهديد او عمل عدواني او استفزازي لجيرانه، وكذا ما اكده البيان الختامي من مسؤولية النظام العراقي وحده تجاه المعاناة التي يعيشها سعب العراق. وفي لقاء جديد على ارض الكويت عقدت الدورة الثامنة عشرة خلال الفترة من 20 ـ 22 ديسمبر عام 1997م، وكان للشيخ جابر الاحمد ـ رئيس الدورة ـ كلمة في الجلسة الافتتاحية، قال فيها: «وبالامس القريب، الذي ما زالت اثاره قائمة، تصدى هذا المجلس لأعتى ضربة مخربة، ونجح في صدها، وما زال يعالج جراحها. والامر الثاني: ان اعباء العمل الجماعي من خلال مجلس التعاون الخليجي، ظلت منذ البداية والى الان، معصوبة في معظمها برؤوس القادة، معتمدة على حكمتهم، تتقدم رويدا رويدا، تضبط الاناة خطواتها، وتكف من غلوائها حتى تتبع الخطوة سابقتها، مؤمنين ان الحركة الوئيدة الى الامام، انجح الف مرة من هرولة تضطرنا الى الارتداد او التوقف. وكان دور الشعوب في تلك الفترة، مفعما بالحماسة مليئا بالطموحات والاحلام، تغلب عليه «الفزعة» العربية المعروفة، دون فلسفة متبلورة للعمل الجماعي، حتى تتحقق ثمراته للمجموع. وعلى المدى المستمر». ويمضي قائلا: «ان حروب المصالح اليوم اعتى عتوا وأشد ضغطا وأشرس فعلا من حروب الجيوش. فحرب المصالح تعني الاستئثار بالمنافع الى اقصر درجة ممكنة. وجنود حرب المصالح واسلحتها تسعى الى الاستيلاء على العقول والنفوس قبل الاستيلاء على المواد والمنافع، فهناك الاعلام الذي غدا يندس الى اعمق اعماق القلوب، وهناك التكنولوجيا التي يعني تطورها اليومي تكثيفا لقوى قاهرة وقدرات مهيمنة، وهناك الارهاب، الذي يبدو انه صناعة محكمة، لا يدري احد من مفردات سفرتها الا القليل، وهناك التناقضات التي لا يخلو منها مجتمع، والتي غدت كقنابل موقوتة، يلعب بها القادرون على ملئها، وعلى دقة توقيتها». ويستطرد مؤكدا: «ان مفهوم الامن لدى شعوبنا ودولنا، ومهما تختلف الاجتهادات في توصيفه، يرتكز على حماية دولنا، وصيانة مجتمعاتنا، والمحافظة على ثرواتنا. وليس خافيا ان مكامن الخطر ومصادر التهديد لا يمكن تجاهلها ولا اغفال مصادرها فهي موجودة مهما بعدت. ومن ثم فانه لا بد لنا من التاكيد على تحقيق مبدأ الدفاع الجماعي والبناء العسكري الشامل لقدراتنا، لنتمكن من التصدي للاخطار». ويتجدد لقاء المجلس في دورته التاسعة عشرة في رحاب دولة الامارات العربية المتحدة في الفترة من 7ـ9 ديسمبر عام 1998م، لدراسة جملةمن الامور اتفقت عليها جميع الاطراف في مقدمتها تطور الاوضاع السياسية والامنية في المنطقة. شارك الشيخ جابر الاحمد في اعمال الدورة بفاعلية ومسؤولية كعادته في الدورات السابقة. وما تصريحه الصحفي الذي ادلى به لدى وصوله الى ابو ظبي الا انعكاس مسبق للاهمية البالغة التي اولاها للقاء.. ذلك التصريح الذي جاء فيه: «ان منطقتنا التي تمثل بموقعها محطة جذب عالمي بحاجة دائمة الى التعامل الديناميكي والمتجدد وفق تغيرات الروابط الدولية، فضلا عن خصوصية العلائق داخل الاقليم، وضمن المنظومة العربية والاسلامية، والمنظمات العالمية». ويمضي في تصريحه الصحفي: «ومن ثم فان لقاءنا، في هذه القمة التاسعة عشرة، هو احد السبل التي تعبر عن موقف موحد يضمن لنا ما تصبو اليه كل الشعوب من الاستقرار والرخاء، كما ان الحوار بين الاخوة القادة، وتبادل المشورة، ومناقشة وجهات النطر نهج لنا دائم ومستمر». وفي مثل هذه اللحظة لم ينس ان يشير الى آماله وتطلعاته المستقبلية لمسيرة المجلس، حين يقول: «وفي هذه القمة يحدوني الامل في ان تسهم القرارات التي نتوصل اليها في تلبية بعض طموحات شعوبنا، مع ثقتي بان الرئاسة الحكيمة للقمة التي يتولاها اخي الشيخ زايد بن سلطان، سيكون لها اثر واضح في مسيرة الحوارات وعلاج المسائل المطروحة باذن الله». ولدى وصوله الى ارض الوطن عائدا من رحلة الخير والعمل، ادلى بتصريح صحفي جسد فيه روح التعاون والتضامن الذي ساد اعمال دورة المجلس، وما دار فيها من مناقشات وحوارات ايجابية، حين قال: «كان لقاؤنا الخليجي ـ كما هو معهود ـ لقاء مفيدا للغاية تبادل فيه الاخوة قادة دول الخليج العربية الآراء والافكار حول الاوضاع والشؤون المحلية المشتركة بصراحة ووضوح، وبروح اخوية مخلصة، عكست عمق الترابط وقوة التلاحم، والرغبة الاكيدة في تعزيز وتقوية اواصر الاخاء والتعاون». وفي هذا السياق أكد الشيخ جابر الاحمد على اهمية الدور الذي يلعبه مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مسيرة السلام والتعاون الدولي، حين يشير: «ولقد أظهرت القمة لاالخليجية التاسعة عشرة ما يحتله مجلس التعاون الخليجي من مكانة مهمة في المجال الدولي، وذلك لما يحضره من ضيوف، وما توجه اليه من رسائل من الدول الكبرى، ولا شك في ان هذا يمثل تقديرا للدور البناء الذي يضطلع به على الساحة الدولية، وما يتبناه من اهداف خيرة تعمل على اشاعة السلام والتفاهم والتعاون لخير الجميع». وكعادته في مثل هذه المناسبات المهمة، ترأس الشيخ جابر الاحمد اجتماعا استثنائيا لمجلس الوزراء بتاريخ 12 ديسمبر 1998م حضره رئيس مجلس الامة الكويتي ووزير شؤون الديوان الاميري الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح حيث قام بتقديم عرض وشرح للقضايا والموضوعات التي تم بحثها في الدورة التاسعة عشرة للمجلس الاعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتي تمت في مناخ مفعم بروح الاخوة الصادقة، وروح المسؤولية والتفاهم التي ترجمت الوعي المشترك بحجم التحديات الكبيرة التي تواجهها دول المجلس في ظل التطورات والمتغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، وما تستلزمه من خطوات جادة تعكس عمق الروابط، وقوة التلاحم بين دول المجلس وتجسد وحدة الهدف والمصير المشترك لابنائه كافة. وفي البحرين وخلال يومي 30 ك 31 ديسمبر عام 2000م صدر عن الدورة الحادية والعشرين للمجلس الاعلى لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اعلان «اعلان المنامة» تضمن تسعة بنود، اعتبرها المراقبون مؤشرات مستقبلية جادة نحو الوحدة الخليجية المرتقبة، وهي: اولا: تعزيز وتقوية مسيرة مجلس التعاون بمزيد من التنسيق والتعاون والترابط والتكامل، وذلك بتبني استراتيجية موحدة، في المجالات السياسية والاقتصادية والامنية والعسكرية والاجتماعية والاعلامية والثقافية والعلمية، قوامها وحدة الهدف والمصير المشترك. ثانيا: ترسيخ مبدأ الامن المشترك لدول المجلس بتعزيز التعاون والتنسيق في القضايا الامنية والدفاعية حماية لامنها القومي والاقليمي، وحفاظا على استقلال دولها وسيادتها ووحدة اراضيها في اطار مبادىء اتفاقية الدفاع المشترك بين دول المجلس والالتزام بها. ثالثا: حث الخطى لاقامة الاقتصاد الخليجي الموحد، الذي لا يمكن ان يظل بعيدا عن تأثيرات الاقتصاد العالمي لتمكينه من التعامل مع الكيانات الاقتصادية الكبرى، وذلك من خلال اعادة النظر في الانظمة والقوانين الاسترشادية لتحويلها ـ بعد تقييمها ـ الى انظمة وتشريعات جماعية، وفق قاعدة عامة. وفي اطار زمني محدد. رابعا: اعطاء الاولوية في المرحلة المقبلة من مسيرة التعاون للقطاعات الاقتصادية، تمشيا مع ما يسمى بالاقتصاد الجديد القائم على المعرفة والتقنية، وخصوصا قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتجارة الالكترونية، حيث يتوقع ان تشكل هذه القطاعات في المستقبل مصدرا مهما من المصادر الرئيسية للنمو الاقتصادي، الامر الذي يحتم سياسات واجراءات من شأنها اعطاء دول مجلس التعاون السبق والميزة النسبية في استقطاب وتوطين هذه الانشطة الاقتصادية والتجارية. خامسا: تعزيز استقرار اسعار صرف عملات دول مجلس التعاون، وذلك من خلال الاتفاق على مثبت مشترك لعملات دول المجلس، وتنسيق السياسات المالية والاقتصادية والنقدية تمهيدا للوصول الى العملة الموحدة لدول المجلس، وقيام الاتحاد النقدي فيما بينها. سادسا: النظر في تسريع برنامج قيام الاتحاد الجمركي، وتوحيد التعرفة الجمركية بين دول مجلس التعاون التي تم الاتفاق عليها في القمة العشرين بالرياض، والتعجيل كذلك بقيام السوق الخليجية المشتركة. سابعا: التنسيق فيما بين دول المجلس لدراسة الالتزامات والتعهدات التي تقدمت بها دول المجلس الى منظمة التجارة العالمية، ضمن الاتفاقات التي تضمنها المنظمة ووضع آلية مناسبة، وجدول زمني مناسب للبدء في تطبيق تلك الالتزامات فيما بين دول المجلس. ثامنا: دراسة امكانية استحداث آليات فعالة، يناط بها تسوية المنازعات التي تحيلها اليها الدول الاعضاء المعنية فيما يتعلق بتطبيق الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لدول المجلس، والقرارات الصادرة عن المجلس الاعلى في الشؤون الاقتصادية واعطاء دور اكبر لمركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون. تاسعا: اعادة النظر في اعتماد اسلوب الاجماع بشان اتخاذ القرارات الاقتصادية، وذلك بعد ان قطعت دول المجلس شوطا كبيرا في مسيرة التعاون المشترك.
وفي تصريح صحفي للشيخ جابر الأحمد أمير دولة الكويت، لدى وصوله الى منفذ النويصيب الحدودي بين الكويت والمملكة العربية السعودية، وصف فيه اتفاقية الدفاع المشترك، التي وقعها قادة دول مجلس التعاون الخليجي في ختام قمة المنامة، بانها انجاز تاريخي، وخطوة عملية رائدة في تكاتف وتلاحم بلدان المجلس وشعوبها ضد كل المخاطر والتهديدات التي قد يتعرض لها امنها واستقلالها وسيادتها. وفي هذا السياق اضاف قائلا: «لقد اثبتت الاحداث، ان التعاون والتماسك بين دولنا وشعوبنا الشقيقة، هما ضمان قوي لامننا واستقرارنا وخاصة في عالم نرى فيه ان لا خيار لنا الا تعزيز التعاون وتقوية روابط الاخاء فيما بيننا والاحداث المتسارعة تفرض علينا ضرورة التباحث والتشاور المستمر لاختيار الاسلوب السليم،والمنهج الصحيح إزاء كل ما يستجد على الساحة الخليجية». كما تعرض امير دولة الكويت في تصريحه الصحفي الى الامور الاقتصادية والاوضاع النفطية في العالم، مؤكدا على ضرورة التنسيق الدائم بين دول المجلس في هذا الشأن، وتبني سياسة موحدة لمواجهة ما يطرأ في السوق العالمية من اتجاهات وتطورات. سموه كان أكثر قادة الدول العربية حزناً وألماً على المحن التي كانت تصيب الشعب الفلسطيني الأمير أولى القضايا العربية أولوية قصوى بطريقة ليست مرضية لأوروبا وأمريكا الحلقة التاسعة عشر
لقد كان الشيخ جابر الاحمد ـ دائماً وابداً ـ ذا توجه ديمقراطي في تعامله مع القضايا والاحداث، سواء أكانت داخلية ام خارجية، كما انه شديد النزوع نحو الاخذ بالممارسات الشعبية، وتأكيد دورها في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وهو ايضاً من المؤمنين اشد الايمان بأن النشاط الحكومي يظل ناقصاً اذا لم يسانده ويؤازره دعم ومشاركة اهلية. وهذا ما جعله ـ باستمرار ـ يدفع مؤسسات المجتمع المدني قدماً الى الامام لكي تساهم كشريك فاعل في بناء كويت المستقبل. يقول في كلمة له في العشر الاواخر من شهر رمضان عام 1411 هـ الموافق 7 ابريل عام 1991م :«... ان الشورى والمشاركة الشعبية في أمور البلاد كانت من طبيعة الحياة في بلدنا...». كما يشير فى كلمة اخرى له في افتتاح دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي السابع لمجلس الامة الكويتي في 29 اكتوبر عام 1994م الى انه: «.... من خلال تجربتنا الديمقراطية، اشعر، وتشعرون ان تلاحم الطاقات والدراسة الموضوعية للمسائل المطروحة، والحوارات الجادة البعيدة عن المصالح الذاتية والمنافع الشخصية، ووضع مصلحة الكويت فوق اي اعتبار، هو السبيل الاقوم، والمنهج الاسلم، لخدمة الوطن والمواطنين...». هذه الرؤية الديمقراطية للمشاركة الشعبية، ودورها في بناء الوطن، وضمان سلامة المجتمع لم تقف عند حدود الكويت، بل حملها الشيخ جابر الاحمد في فكره ليطرحها نقية صافية صادقة امام اخوانه قادة دول مجلس التعاون في لقاءاتهم الدورية، خاصة ما جاء في الرسالة التي وجهها اليهم في ديسمبر عام 1994م، والتي اكد فيها ـ بين امور اخرى ـ على ضرورة العمل كي تتلاحم الارادة الشعبية بالجهود الرسمية لدفع مسيرة العمل الخليجي المشترك قدماً الى الامام، وتحقيق المزيد من المكاسب الوطنية. مشيراً الى تجارب وحدوية جرت في مناطق اخرى من العالم رغم اختلاف العادات وتباين اللغات. وان تطابق السمات الاجتماعية بين شعوب مجلس التعاون يسهل بدرجة كبيرة تحقيق مثل هذه الطموحات، والامال التي ستعزز الثقة في قلوب ابناء الخليج، وتجعل الايمان بجدوى الوحدة الجزئية من خلال اتحادات ومنظمات محدودة المجال حقيقة واقعة. | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:22 am | |
| وفي الدورة السابعة عشرة للمجلس الاعلى التي عقدت في الدوحة في ديسمبر عام 1996م، كان الشيخ جابر الاحمد في تلك اللحظات يسعى بفكره لان يكمل مجلس التعاون مقوماته بصفته مؤسسة دستورية جماعية، وكان لابد له من ان يتقدم بخطوة عملية في هذا الاتجاه، حين تقدم باقتراح لانشاء مجلس استشاري شعبي يكون رديفاً للمجلس، وهو ـ بلا شك ـ اقتراح حضاري يقوم على دعم الدور الشعبي والمبادرة الشعبية من اجل دفع مسيرة مجلس التعاون خطوات الى الامام، وخلق حالة من التفاعل الرسمي والشعبي لصالح دول المجلس. ان هذا المقترح الذي تقدم به الشيخ جابر الاحمد يدل على قناعته الراسخة بأهمية الدور الشعبي وضرورة افساح المجال له لكي يعمل. كما ان موافقة قادة دول المجلس على هذا الاقتراح الحضاري لمناقشته في دورة قادمة، انما يدل كذلك على اقتناعهم بالدور الذي تلعبه الشعوب من خلال ممثليها، وهذا في حد ذاته يمثل نظرة اهتمام وتقدير حيال شعوبهم. وجاء البيان الختامي للدورة الثامنة عشرة، التي عقدت في الكويت خلال الفترة من 20 ـ 22 ديسمبر 1997م، معلناً حرص المجلس على تعزيز دور المواطن في تفعيل مسيرته، متخذاً اول خطوة عملية في هذا الاتجاه، حين قرر انشاء هيئة استشارية من مواطني دول المجلس ذوي الخبرة والكفاءة، تتولى ابداء الرأي والمشورة فيما يحيله المجلس الاعلى اليها من امور. وهكذا، وجد المقترح الذي تقدم به الشيخ جابر الاحمد طريقه الى التنفيذ بصدور النظام الخاص بالهيئة وفقا لاحكامه، عدد الأعضاء بثلاثين عضواً يختارون من مواطني دول المجلس على اساس الخبرة والكفاءة، وبواقع خمسة أعضاء من كل دولة. وان للهيئة ان تختار لها رئيسا لمدة عام من بين ممثلي الدولة التي تتولى رئاسة دورة المجلس، ونائباً للرئيس من بين ممثلي الدولة التي ستتولى رئاسة الدورة التالية للمجلس الاعلى. وقد تم تشكيل الهيئة في السنة ذاتها التي تولت الكويت فيها رئاسة المجلس، وعقدت اول اجتماع لها برئاسة عبد الله يعقوب بشارة الذي تم اختياره بصفته احد ممثلي الكويت المرشحين لهذه المهمة. لقد اولى الشيخ جابر الاحمد قضايا الامة العربية اولوية قصوى في فكره السياسي، تشهد لها الساحة العربية، ولقاءات القمم التي عقدت تحت مظلة جامعة الدول العربية. ويتجسد ذلك الفكر بوضوح عند الازمات السياسية التي تعرضت لها الامة العربية، والمحن الكبرى التي مرت بها هذه الامة، كالاعتداء الثلاثي الذي تعرضت له مصر من قبل انجلترا وفرنسا واسرائيل عام 1956م، ونكسة الامة العربية في حربها مع اسرائيل عام 1967م، وحرب تحرير جزء من الارض العربية في اكتوبر عام 1973م.
وكانت مواقفه على الدوام واضحة، سواء أكان من خلال طرحه السياسي اثناء المداولات في لقاءات القمة ام من خلال مقترحاته لكيفية التصدي للعدوان اينما كان مصدره، حتى باتت سياسة الكويت يوماً، في نظر بعض الدول الاوروبية والولايات المتحدة الامريكية، سياسة غير مرضية، ولم يسلم هو نفسه من هذه النظرة، والتحليل والتفسير السياسي، حين اتهم بأنه ينحى منحى يسارياً في سياسته الدولية، وكان رده حينها، بقوله: «... اهلاً بذلك اذا كان فيه سعادة لشعبي، وسعادة للامة العربية...». وكان للقضية الفلسطينية حضور مستمر في فكر الشيخ جابر الاحمد السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وكان يرفض دوماً المساومة على قضية الشعب الفلسطيني، وكانت افكاره في هذا الصدد تسبق عباراته وكلماته، وكان اعتزازه بحركة التحرير الفلسطينية اعتزازاً كبيراً، ليس لكونها نبتت على أرض الكويت وفي ظل رعايته فحسب، بل لكونها واحدة من حركات التحرر العالمي الذي كان مولعاً بالدفاع عنها، ايماناً منه بحق الانسان في الحياة وحقه الكامل في استعادة ما سلب منه. لم يترك الشيخ جابر الاحمد فرصة او مناسبة تمس القضية الفلسطينية الا كان في صدارة قادة الدول العربية في الدفاع عن الحق الفلسطيني، بل نستطيع ان نقول: انه اكثر قادة الدول العربية حزناً والماً على المحن التي كانت تصيب الشعب الفسلطيني في الشتات. لقد كان حزنه بالغاً في ايلول الاسود، وما اصاب الشعب الفسلطيني في مخيمات اللاجئين في صبرا وشاتيلا. وكان دوماً متضامناً مع الشعب الفلسطيني في يوم التضامن، حتى باتت مشاركته في هذا اليوم من القضايا السياسية المحورية في فكره الانساني والسياسي. وفيما يلي شيء من تلك المواقف المشرفة مع الشأن الفلسطيني على جميع المستويات، وذلك على سبيل المثال لا الحصر: في نوفمبر عام 1979م وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى السكرتير العام للأمم المتحدة بمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني. جاء فيها: «... لقد صمد الشعب الفلسطيني طوال ثلاثين السنة الماضية امام انواع الظلم والجحود كافة في المجتمع الانساني، وظل وحيداً يكافح ويناضل من اجل حقوقه واسترجاع وطنه. فإذا لم ينصف العالم هذا الشعب المظلوم، ويقف بجانبه حتى ينال حقوقه المشروعة، فإن مأساة الشعب الفلسطيني ستظل تعكر اجواء السلام والتفاهم بين الدول، وبخاصة في منطقة حساسة من العالم كالشرق الاوسط...». وفي نوفمبر عام 1980م، وبمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى السكرتير العام للامم المتحدة، دعا فيها: «... الى كل محب للسلام، ونصير للحق والعدالة والحرية، وكل ذي ضمير حي نبيل الاحساس من المؤمنين بالقيم والمبادىء الاخلاقية العليا، لان يبذلوا جهوداً جادة في سبيل مساندة قضية هذا الشعب المظلوم، والعمل من اجل التوصل الى حل عادل لقضيته التي ـ وبالتأكيد ـ يشكل عدم حلها خطراً على السلام العالمي...».
وفي نوفمبر عام 1982م اكد الشيخ جابر الاحمد على ان المأساة التي عاشها الشعب الفلسطيني، اكثر من اربعة عقود مضت، تعد بحق صورة مؤلمة لتنكر المجتمع الانساني للقيم الاساسية التي يجب ان تعم هذا الكون، وتسود العلاقات بين اممه المختلفة. وقال في الرسالة التي وجهها الى السكرتير العام للامم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني: «... ان قضية هذا الشعب واجهت من الظلم والتعسف والتشويه مالم تواجهه اي قضية اخرى..». وناشد في رسالته الشعوب المحبة للسلام والعدل كافة، وكل نصير للحق والعدالة والحرية للعمل على تضافر الجهود المخلصة لمساعدة الشعب الفلسطيني من اجل نيل حقوقه الانسانية المشروعة، حتى لا تكون مأساته عنواناً لتجاهل المجتمع الدولي والانساني لابسط الحقوق الانسانية. وفي نوفمبر من عام 1983م وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى المجتمع الدولي، من خلال السكرتير العام للامم المتحدة بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، اكد فيها مجدداً تضامن الكويت الكلي مع الشعب الفلسطيني، حين قال: «... ان مأساة هذا الشعب لم يشهد عصرنا الحاضر لها نظيرا، وان الكلمات تعجز عن وصف ابعادها.. هي قضية شعب انتهكت فيها حقوق الانسان والاعراف والقوانين المرعية كافة..». ويمضي في رسالته قائلاً: «... ان ستة وثلاثين عاماً مرت على القضية الفلسطينية، وهي تستصرخ العدالة، وما من مجيب، ولا يزال العدو جاثماً على صدور الشعب الفلسطيني يلاحقه، ويضع العراقيل تلو الاخرى للحيلولة دون حل القضية، وابقائها معلقة بين السماء والارض...». ويدعو الامم المتحدة، والمجتمع الدولي للعمل على رفع لواء الحق والعدل والانصاف في ربوع العالم دون تمييز، بدلاً من الاخذ بيد الظالم ومؤازرته على ظلمه، وبذل كل جهد ممكن لاتاحة الفرصة للشعب الفلسطيني لتحقيق امانيه المشروعة، والعيش بسلام على ارض آبائه واجداده. ويشدد على مبدأ العدالة، فيقول: «... ويكفي القاء نظرة واحدة على خريطة فلسطين، عند التقسيم، وعلى خطً تعيين الحدود ـ آنذاك ـ لفضح محاولات المعتدي التوسعية، فيظهر للعيان الى اي مدى تمادى في غيه دون ان يردع، عندها يتساءل كل ذي ضمير ماذا اقول لاصحاب البلاد الشرعيين؟.. اين العدالة يا ترى؟...». وفي نوفمبر عام 1984م، وبمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني اعلن الشيخ جابر الاحمد ان استمرار المشكلة الفلسطينية دون حل يشكل تحدياً للقوى الكبرى وللشرعية الدولية. وطالب في رسالة وجهها الى السكرتير العام للامم المتحدة، بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بالعمل من اجل تحقيق حل سريع وعادل لهذه القضية. واعرب عن امله في ان تتوج بالنجاح الجهود المبذولة لتحقيق آمال وأماني الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والكرامة الانسانية. وبمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى السكرتير العام للامم المتحدة في نوفمبر عام 1985م، دعا فيها المجتمع الدولي والدول الكبرى الى مساعدة هذا الشعب من اجل استرداد حقوقه المشروعه على تراب وطنه، مشيراً الى الممارسات غير الانسانية لقوات الاحتلال الاسرائيلي ضد الفلسطينيين في الاراضي المحتلة التي تتم تحت سمع وبصر الامم المتحدة والمجتمع الدولي. ويضيف مستعرضاً مأساة الشعب الفلسطيني، فيقول: «... لقد مر نحو اربعين عاماً على النكبة التي حلت به والتي لم يشهد التاريخ المعاصر نظيراً لها، ولا يسع المرء الا ان يتساءل حائراً، لماذا تعثرت قضيته، وبقيت تسير في متاهات، وفي حلقة مفرغة طوال هذه المدة؟.. كيف عجزت الأمم المتحدة عن تنفيذ قراراتها؟.. «والى متى يظل المعتدون ماضين في سياستهم التعسفية القمعية القائمة على الامر الواقع؟».
ويمضي في تساؤلاته قائلا: «واين هي حقوق الانسان؟.. هل حقوق الانسان هي
فقط في هجرة اليهود من شتى بقاع العالم الى فلسطين؟.. أما اصحاب البلاد
الشرعيون.. اولئك الذين اغتصبت ارضهم، وطردوا، وشردوا، وفقدوا حريتهم،
وهدرت كرامتهم، فليسوا على البال مطلقا. وفي غضون ذلك يحظى المعتدون ـ على
الدوام ـ بالتأييد التام من القوى العظمى، مما يشجعهم على التمادي في
غيهم، ويزيد المسألة تعقيدا، بل يقف حجر عثرة في وجه تنفيذ القرارات».
وفي هذه الرسالة يقدم الشيخ جابر الاحمد للاسرة الدولية حلا عمليا لقضية
انسانية مزمنة، مر عليها اكثر من اربعة عقود من الزمان، فيقول: «وفي
رأينا، ان خير وسيلة للتوصل الى نتائج ملموسة في هذا السبيل. هي عقد مؤتمر
دولي تحت رعاية دولية، تشترك فيه جميع الاطراف المعنية بما فيها منظمة
التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني».
وفي ديسمبر عام 1986م وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى السكرتير العام
للأمم المتحدة، اكد فيها ان الوقت قد حان لاتخاذ خطوات عملية وفعالة لحل
القضية الفلسطينية. وان تجاهلها يمثل ـ بدون شك ـ عائقا كبيرا لعملية
التطور والتنمية في الدول العربية، والمنطقة باسرها.
داعيا في الوقت نفسه الدول الكبرى والتكتلات الدولية بان تقوم بدور اساسي
في حل المشكلة، احقاقا للعدل، واحلالا للسلام والامن العالميين. وقد توجه
في دعوته هذه الى دول السوق الاوروبية المشتركة على وجه الخصوص، حين قال:
«ان باستطاعة السوق الاوروبية المشتركة ان تساهم ايجابيا في حل المشكلة
الفلسطينية، حتى يتسنى لهذا الجزء المتفجر من العالم ان يعيش حقبة جديدة
في الرفاه والاستقرار، وفي جو تعمه المحبة والرخاء».
ويضيف مستنكرا: «اننا ندين كل سياسة تقف حائلا امام المساعي الهادفة الى
حل القضية الفلسطينية، ونجدد تأكيدنا لمناصرة الشعب الفلسطيني في كفاحه
لاستعادة حقوقه المشروعة.
ثم يتساءل، الى متى ستبقى القضية الفلسطينية تدور في حلقة مفرغة؟ ألم يحن الوقت لحلها بطريقة عملية وبخطوات فعالة؟ | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:23 am | |
| وفي نوفمبر عام 1987م وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى السكرتير العام للأمم المتحدة، بمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، اكد فيها على اهمية عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الاوسط لتحقيق الاماني الوطنية للشعب الفلسطيني، ونصرة قضيته العادلة في مواجهة التحديات والممارسات التعسفية التي تهدف الى تصفية القصية، والتي تشكل انتهاكا صارخا لميثاق الامم المتحدة،. والاعلان العالمي لحقوق الانسان. وفي ديسمبر عام 1987م وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى قادة ورؤساء الدول الاسلامية، من خلال منظمة المؤتمر الاسلامي، يناشدهم فيها استخدام الوسائل المتاحة كافة للوقوف الى جانب انتفاضة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحداث التعسفية الاسرائيلية في الاراضي المحتلة. لقد أراد من خلال هذه الرسالة ان يضع العالم الاسلامي امام مسؤولياته التاريخية، حين قال: «وفي تقديرنا، ان العالم اذ يتناول الآن، وفي اعلى مستوياته، وعبر منظماته، قضية حقوق الانسان، فان ما تشهده الآن الاراضي الفلسطينية المحتلة من التعسف الصهيوني ضد هذه الحقوق، ليمثل حالة صارخة من حالات الانتهاك الخطيرة لحقوق الانسان، وان ما يقوم به الاشقاء الفلسطينيون في الاراضي المحتلة ـ هو في الواقع ـ مدعاة لاعتزازنا جميعا، حيث انهم يؤكدون مجددا للعدو الصهيوني، بل وللعالم اجمع، استمرار ثباتهم على موقفهم الرافض للاحتلال، والذي لا يقبل بأقل من الاستعادة الكاملة لجميع الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني. اننا نرى ان ما يقوم به الاخوة الفلسطينيون يستوجب الدعم والاشادة من قبلنا بحقوقه مهما ضاقت به الحيل، او قلت امامه السبل في وجه الظلم، ومهما امتلك من وسائل البطش والعدوان، وبالتالي، فان الوقوف الى جانب الفلسطينيين في انتفاضتهم الحالية هو دعم لجميع الحقوق المسلوبة للانسان اينما كان». وبتاريخ 9 يناير عام 1988م اكد الشيخ جابر الاحمد ان يأس اخواننا الفلسطينيين في الاراضي المحتلة من امتهم العربية وزعاماتها، ومعاناتهم من القهر والاذلال على يد السلطات الاسرائيلية.، هما المحرك الاساسي والدافع وراء انتفاضة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وقطاع غزة المحتلين. جاء ذلك في رده على سؤال لرئيس مجلس الادارة المدير العام لوكالة الانباء الكويتية، حين أجاب قائلا: «إن اقل ما يمكن عمله الآن، هو ان يقف العرب وقفة جادة موحدة لمساندة هذه الانتفاضة العارمة، فهي فرصة مواتية لكي يثبت العرب للعالم صدق وعودهم باسترجاع حقوقهم السليبة، ويثبتوا لاخوانهم في الاراضي المحتلة، الذين يقدمون التضحيات كل يوم، ويضربون امثلة رائعة من الجهاد والفداء، انهم معهم ـ هذه المرة ـ قلبا وقالبا بالعمل الجاد، لا بالاقوال والتصريحات». ويمضي مؤكدا: «ان مساندة إخواننا الفلسطينيين في الاراضي المحتلة مسؤولية تاريخية يتحملها كل عربي مهما كان موقفه ومركزه. وان الشعب الكويتي في طليعة المتجاوبين مع اخوانهم الفلسطينيين، وقد بذل الكويتيون، وما زالوا يبذلون، عن قناعة ورغبة واستعداد متواصل، كل ما يستطيعون لمساندة ابناء فلسطين، ولجعلهم يشعرون انهم معهم فيما يواجهون من تعسف وظلم». ويضيف قائلا: «كما ان الكويت، التي ساهمت ـ ولا تزال تساهم ـ في دعم القضية الفلسطينية، ومساندة اخواننا «الشعب الفلسطيني» في الاراضي المحتلة بوسائلها الخاصة، تعمل كل ذلك منطلقة من ايمانها الراسخ بان الشباب هم امل المستقبل، وهم الذين سينتزعون حقهم وحريتهم بقوة الايمان والتضحية من المغتصب مهما كان لديه من قوة وجبروت». وفي كلمة وجهها الشيخ جابر الاحمد للاسرة الدولية، ومن خلال السكرتير العام للامم المتحدة في نوفمبر عام 1988م بمناسبة يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني اشار فيها، بين امور اخرى، انه: «منذ اربعين سنة ونحن نتكلم ونخطب ونتوعد، ونفرح شعوبنا باننا سنعيد هذه الارض عربية مرة اخرى، وانا باعتقادي. ان لم نبالغ، انه لا يقل عن تسعين بالمائة من مأساة فلسطين هو كثرة الكلام الذي نطلق ـ نحن ـ كمسؤولين في هذه الامة، لو كنا عملنا بجد وثابرنا وصدقنا في وعودنا لتحررت فلسطين منذ زمن». ويحدثنا بدر النصرالله ضمن ذكرياته حول هذه العلاقة، فيقول: لا ينكر احد موقف الشيخ جابر الاحمد القوي، وتعاطفه واحتضانه للقضية الفلسطينية، فكثيرا ما كان يستضيف القيادات الفلسطينية ويتحاور معهم في الشأن الفلسطيني، كانوا يحبونه ويستمعون اليه، لانه لم يكن يتردد لحظة واحدة في تلبية طلباتهم واحتياجاتهم، حتى بعد العدوان والاحتلال العراقي للكويت ظل موقفه ثابتا في دعم القضية الفلسطينية». مما سبق من فقرات حول القضية يتضح لنا كم كان الشيخ جابر الاحمد مناصرا لقضية الشعب الفلسطيني، وكم كانت هذه القضية تحظى بالاولوية القصوى في فكره السياسي. لم يكن يترك فرصة او مناسبة قومية ام دولية إلا يستغلها في الدعوة لمناصرة الشعب الفلسطيني، وبخاصة في السنوات التي ترأس فيها منظمة المؤتمر الاسلامي، حيث مكّنه ذلك الموقع من مخاطبة دول العالم، رئاسة وشعوبا، باسم ملايين المسلمين في ارجاء الدنيا للوقوف الى جانب الحق الفلسطيني، وايجاد حل عادل ومشرف لقضيتهم، بحيث تتاح لهم العودة الى وطنهم وديارهم وممتلكاتهم. هذا الفكر السياسي للشيخ جابر الاحمد لا يزال هو نهج الكويت وسياستها في التعامل مع القضية الفلسطينية، رغم تواطؤ القيادة الفلسطينية ومؤازرتها ومساندتها للنظام العراقي في عدوانه واحتلاله لدولة الكويت.. لقد ظل ذلك الفكر ـ على الرغم من كل ما حدث ـ نقيا صافيا، وظلت تلك السياسة محتفظة بمصداقيتها، وستظل كذلك الى ان يقيم الشعب الفلسطيني دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني. أضواء على دور الكويت وجهود سموه في تحقيق العمل العربي المشترك الأمير كان ولا يزال حريصاً على وحدة الكلمة العربية والتضامن العربي كان الشيخ جابر الاحمد ـ ولا يزال ـ حريصاً كل الحرص على وحدة كلمة العرب، وتضامن شعوبها، وعلى العمل العربي المشترك، ففي عام 1979م، جاءت مبادرته من اجل التوفيق بين شطري اليمن في سبيل اعادة وحدة البلد. فقد اختتم بقصر السلام في الكويت في 30 مارس من ذلك العام لقاء الرئيسين اليمنيين بحضوره. وصدر بيان مشترك تضمن خمس نقاط يحدد خطوات تحقيق الوحدة بين شطري اليمن، وبرنامجاً تنفيذياً زمنياً لترجمة ذلك البيان. ومما قاله في تلك الجلسات التوفيقية: «... نحمد الله ـ سبحانه وتعالى ـ على توفيقه وهدايته. لقد هيأ لقاؤكم الاخوي في الكويت الفرصة لتبادل الرأي، والتباحث بصراحة وامانة ومسؤولية تامة. وانني لنقدر تمام التقدير هذه الروح الاخوية التي ابداها كل من سيادة الاخ المقدم علي عبد الله صالح، وسيادة الاخ عبد الفتاح اسماعيل، والاخوة اعضاء الوفدين..». ثم يستطرد معبراً عما يدور في فكره، فيقول: «... ومنذ اللحظة الاولى شعرت بأن كل جانب يضع حقاً مصلحة اليمن والشعب اليمني في شطري البلاد فوق كل اعتبارات، وانهما اتيا الى بلدهما الكويت بدافع من الرغبة الاكيدة في التوصل الى التفاهم والتعاون، وتحقيق آمال وتطلعات اليمن الشقيق...». ويمضي قائلاً: «... ان الاختلاف في وجهات النظر بين الاشقاء امر طبيعي لكن هذا الاختلاف لم يكن بهدف الاختلاف ذاته، وانما من اجل البحث عن انسب وافضل السبل للتوصل الى الهدف المنشود، والغاية الكبرى، وهي ان تصبح الوحدة بين الشطرين حقيقة واقعة..». ويضيف مؤكداً: «.... ان اتفاقكم ـ هنا ـ على العمل معاً من اجل هذا الهدف المرجو، وتنقية الاجواء والعودة الى اسلوب الحوار المنطقي السليم، سيكون له الاثر البالغ على جميع اخوتكم العرب في كل مكان. فلقد ظلوا ينتظرون منكم مثل هذا القرار، وها أنتم تحققون توقعاتهم، وتضربون مثلاً رائعاً في تغليب المصلحة الوطنية التي كنتم دائماً تعملون من اجلها..». كما كان الشيخ جابر الاحمد حريصاً كل الحرص على حضور اجتماعات القمم العربية. وكان له دور فاعل ومؤثر في ايجاد الحلول المناسبة للقضايا العربية المثارة على جدول اعمال هذه القمم. وان دوره في تصفية وتنقية الاجواء العربية ـ وخاصة بين دولة واخرى ـ كان موضع اعتزاز الدوائر العربية الراصدة للقاء الرؤساء في مؤتمراتهم. ولم يكن الشيخ جابر الاحمد يتردد او يتوانى في تقديم كامل الدعم المادي والمعنوي من اجل مصالحة عربية اينما كانت.. وفيما يلي شيء من مواقفه حيال القضايا العربية والعمل العربي المشترك: ¼ في مؤتمر القمة العربي الحادي عشر، والذي عقد في المملكة الاردنية الهاشمية في نوفمبر عام 1980م، كان للشيخ جابر الاحمد كلمة في الجلسة الختامية نيابة عن الملوك والرؤساء، اكد فيها على ضرورة تخطي المصاعب التي تواجه الامة العربية، والحرص على تحقيق آمال وتطلعات الشعب العربي نحو المستقبل. ومما قاله في هذه الكلمة: «.... ان الانجاز الكبير لهذا المؤتمر له دلائله العظمى لدى شعبنا العربي في كل ركن من اركان وطننا الكبير. انه انجاز عملي وتاريخي، رغم الصعوبات والمشكلات التي تمر بها امتنا في ميدان العمل العربي المشترك، ومن خلال التيارات الاقليمية والدولية المتضاربة المتشابكة. انه تأكيد على تصميم الامة، الذي لا يتزعزع، على تخطي المصاعب، وحرص على تحقيق آمالنا وتطلعاتنا الى مستقبل اكثر اشراقاً، واعلى مكانة، واوفر عزة..». ¼ وفي سبتمبر عام 1982م، وعند عودته من مؤتمر القمة العربي الثاني عشر الذي عقد في فاس بالمملكة المغربية، ادلى الشيخ جابر الاحمد بتصريح صحفي اشار فيه الى العديد من الامور ذات الاهمية القصوى لقضايا الامة العربية المصيرية، منوهاً بأن المناقشات التي دارت خلال الجلسات العامة، والمداولات الجانبية، واللقاءات الثنائية التي اتسمت بالصراحة، ساعدت على الوصول الى القرارات المناسبة، مؤكداً بأن المؤتمر الذي ينعقد على هذا المستوى الرفيع، ويجد هذه الاستجابة الواسعة، ستكون اعماله منطلقاً الى لقاءات اخرى تعمل بنفس الروح والشعور بالمسؤولية التي سادت اعمال هذا اللقاء. وفي كلمة امام المؤتمر السادس عشر لاتحاد المحامين العرب، المنعقد في الكويت في ابريل عام 1987م، اكد الشيخ جابر الاحمد: «... انني اؤمن ان المحامين العرب يحملون نصيباً كبيراً في بناء الفكر العربي، وتأييده في استقامته، وتصحيح مساره اذا انحرف، وتوضيحه اذا اختلطت مسالكه، والدفاع عن قضايا العروبة العادلة، وسلاحكم، في هذا، الكلمة الشريفة والمساهمة الايجابية. ان الحروب والخلافات التي التهب بها عالمنا العربي والاسلامي، كانت افكاراً في الاذهان قبل ان تترجمها السياسات والاندفاعات الى حروب في ميادين القتال...». ويضيف قائلاً: «... انه ليسعدني ان ارى بينكم اليوم ممثلين لكثير من المنظمات التي تمثل الرأي العام العالمي، والمعنيين فيه بحقوق الانسان وكرامته، وقد ارتفعوا فوق فروق الجنس واللغة والموطن الى الافق الذي يرون فيه الانسان انساناً، فلهم جميعاً ولمنظاماتهم التحية..». ويمضي مخاطباً هؤلاء المعنيين بالشأن الانساني، فيقول: «... كما اوجه اليهم القول بأن قضايا العروبة تلقى اكثر من حروب في اكثر من جبهة عالمية. وان حقوق العرب تلقى الكثير من الاهدار، وان صورتهم تتعرض لكثير من التشويه المتعمد. ومن ابرز مظاهره ذلك الالحاح الاعلامي والسياسي المخطط في بعض الدوائر على الربط بين العروبة والارهاب، دون اي تفرقة بين الحق المشروع في الدفاع عن النفس والوطن ـ وهو ما تؤيده القوانين الدولية ـ والعدوان على البريء، وهو ما ندينه، وتستنكره الشرائع والقوانين العادلة..». ويستطرد متطلعاً نحو المستقبل، فيقول: «... وانني اتطلع الى مزيد من توثيق الصلات بين منظمة المؤتمر الاسلامي واتحاد المحامين العرب، وسائر المنظمات والهيئات التي تعمل من اجل حقوق الانسان وتقدمه، وتعتني به في مراحل السنين المتتابعة، طفولة وشباباً وشيخوخة، وترعى رجاله ونساءه، فهي جميعاً روافد تمد الحق والعدل بفيض متجدد من القوة التي تعين على تحقيق السلام...». وينتهي من حديثه ناصحاً وموجهاً، فيقول: «.. ان اولى الناس بالحق من عاشوا للحق وقضوا به، فلنتعاون جميعاً على كفالة استقلال القضاء والمحاماة. فهما جناحا الحق يلحقان به في افق العدل، ويؤويانه الى صرحه الآمن. وليكن عليهم من انفسهم من ينبغي عن هذا الصرح من لا يرقى الى هذا المقام الكريم..». ¼ وعلى اثر عودة الشيخ جابر الاحمد من مؤتمر القمة العربي الطارىء، الذي عقد في المملكة الاردنية الهاشمية في نوفمبر عام 1987م، ادلى بتصريح صحفي اكد فيه: «... ان الظروف التي تجتاح امتنا العربية، حيث تتعرض لمختلف التهديدات التي تمس كيانها كأمة ذات رسالة انسانية خيرة، وكوجود عربي وحضارة عربية.. في ظروف كهذه جاءت القمة العربية غير العادية في عمان لتترجم احساس الفرد العربي بأن امته التي تواجه التحديات، منذ سنين، آن لها الاوان ان تقف موحدة في الرأي والهدف والعمل، وانها بدون هذا الموقف الجوهري ستفقد قدرتها على المخاطر المحدقة بها..». مستشرفاً المستقبل حين يمضي في تأكيده، فيقول: «... ان العرب اليوم يواجهون مسؤولياتهم تجاه اجيال الحاضر والمستقبل، ولابد من ان يكونوا على هذا المستوى الرفيع من المسؤولية، والامة العربية بكل تأكيد تستطيع ان تثبت للعالم اجمع انها قادرة على مواجهة مختلف العواصف بعزم وقوة وايمان...». ¼ وفي كلمة له امام الدورة السادسة لمجلس وزراء العدل العرب، الذي عقد في الكويت خلال شهر ابريل عام 1988م، تناول فيها قضايا عربية واسلامية ساخنة، وقد تصدرتها القضية الفلسطينية والحرب العراقية الايرانية والحرب الدائرة في افغانستان، وهي جميعاً احداث جسام، ونزيف مستمر للارواح والاموال، كان الاولى بها ان تكون مدداً للعمران، واسترداد الارض المسلوبة. وقد اكد الشيخ جابر الاحمد في هذه الكلمة: «... انه اذا ما قرأنا التاريخ والواقع العربي والاسلامي، وجدنا ان الحروب بين ابنائه لم تستطع ان تحل اي مشكلة فيه حلاً جذرياً، ولا تعدو هذه الحروب، وقد فرضها بعضنا على بعض، ان تكون صداماً استنزافياً بين اخوة تجمعهم اصول العقيدة، وتفرقهم تصوراتها..». ويمضي في هذا الاتجاه، فيقول: «.. وليس امامنا الا ان نجعل الاخاء لنا شعاراً ونوراً، وان نتعامل في مسيرة التقدم، وان يعيش كل قطر في اطار وحدته الوطنية، يمارس استقلاله وحرية ارادته في اختيار نظام حياته دون عدوان منه، او عدوان عليه..». موجهاً حديثه للمجتمعين قائلاً: «... اما عما نذرتم انفسكم له في امر القضاء، فإني احيي ما تبذلونه من جهود في تأكيد وحدة القضاء العربي، واتصوره صرحاً كبيراً له سماته العامة، ولكل جناح فيه خصائصه الاقليمية النابعة من تراثه، دون ان تذهب هذه الخصائص بوحدة الصرح وسماته، وانتم عليه حفظة والى بنائه تضيفون..». | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:23 am | |
| يتضح من هذه المواقف القومية كم كان الشيخ جابر الاحمد حريصاً وغيوراً على قضايا امته العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، فلم تطأ قدمه يوماً سوق المزايدات العربية، او المتاجرة بالشعارات او السعي من اجل كسب سياسي، او تحقيق مصلحة خاصة، فقد كانت خطواته واضحة لا لبس فيها، ومشاعره نقية صافية، وافكاره وطروحاته تصب جميعها في قنوات الاهداف العربية العليا، ومبادىء التعاون والعمل العربي المشترك، الامر الذي اكسبه احتراماً وتقديراً خاصاً بين اقرانه ملوك ورؤساء الدول العربية، مثلما حظي بنظرة اعجاب وثناء بين الاوساط الشعبية العربية، ومؤسسات المجتمع المدني في العالم العربي. وما سعيه الى انشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية عام 1961م. الا دليل قاطع على حرصه على المشاركة والمساهمة الفاعلة في عمليات التنمية الاقتصادية في العالم العربي. هذه الجهود والمساعي القومية، والمواقف العربية الناصعة الصادقة، كانت دوماً موضع التقدير والثناء الشعبي والرسمي في العالم العربي توجت باختيار الشيخ جابر الاحمد شخصية عربية متميزة، وذلك في الاستفتاء الذي اجراه المركز العربي للاعلام وبحوث الرأي العام في ديسمبر عام 1989م، بمشاركة عشرات آلاف مواطن عربي من الدول العربية والمهاجرين العرب في الولايات المتحدة الامريكية واوروبا واستراليا واليابان. كما نال في يونيو عام 1990م وسام الرأي العام العربي اثر استفتاء عالمي شمل عشر زعامات عالمية ادت ادواراً متميزة على المستوى العالمي والاسلامي والعربي.
الأسرة الاسلامية
ان فكرة عقد لقاءات اسلامية على اعلى المستويات لم تكن فكرة جديدة، وانما طرحت على ساحة العمل العربي والاسلامي مند امد بعيد، ولان الظروف لم تسمح في الماضي باخراجها الى حيز الوجود، فقد بادرت المنظمات الاسلامية والشخصيات المعنية بالعمل العربي والاسلامي. ورجال الفكر من قادة الاسلام الى الدعوة لعقد مؤتمرات، وانشاء تنظيمات اسلامية اقليمية دولية تمارس فعالياتها على صعيد التحرك لاقامة تعاون بين الشعوب والاقطار الاسلامية، خدمة ودفاعاً عن المصالح المشتركة التي تربط بين هذه الشعوب والاقطار في ظل الاسلام الذي يدعو المؤمنين الى الاعتصام بحبل الله جميعاً، واجتناب التفرقة والتباعد. ولا شك في ان التلاحم بين المسلمين شعوباً ودولاً، انما يكون مردوده خيراً يعم ديار الاسلام، ويخدم التقدم الانساني، ويحقق رسالة الدين الحنيف في هداية البشرية وصلاحها، وكان الشيخ جابر الاحمد من بين اهم الشخصيات التي نادت ودعت الى تنظيم مؤتمرات قمة اسلامية تبحث حال المسلمين في كل مكان. وهكذا، تبلور الوجود الاسلامي على الساحة الدولية بصفته تنظيماً اقليمياً يتمتع بالشخصية القانونية الدولية، ويضم 55 دولة مسلمة عدد سكانها من المسلمين اكثر من مليار ومائتي مليون نسمة، لتبدأ اولى خطوات مسيرة منظمة المؤتمر الاسلامي الذي كان الشيخ جابر الاحمد احد النشطاء والفاعلين في اخراجها الى حيز التطبيق عام 1969م. وفي هذا الصدد يقول عبد اللطيف البحر: «... منذ البداية، ومنذ نشأة فكرة انشاء منظمة المؤتمر الاسلامي بصفتها رد فعل على حريق المسجد الاقصى في اغسطس عام 1969م، وسمو الشيخ جابر الاحمد يؤمن وبوعي وادراك بالدور البناء لمنظمة المؤتمر الاسلامي في خلق تصور مشترك تجاه القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه العالم الاسلامي، ويسعى الى مواجهة تلك القضايا من خلال المبادىء السامية التي تعمل المنظمة بهديها، والمستمدة في جوهرها من عقيدتنا الاسلامية السمحاء..». لم تكن مشاركة الشيخ جابر الاحمد لاولئك الزعماء في العالم الاسلامي في الرأي بضرورة ايجاد تنظيم دولي يجمع الدول الاسلامية وشعوبها من اجل التنمية والتقدم وخدمة قضايا الامة الاسلامية هو الدافع الوحيد لتلك المشاركة والدعوة الى قيام هذا التنظيم الدولي، وانما ادراكه المبكر ـ بحسه السياسي ـ ان العالم مقبل على تحولات كبيرة لا يستطيع المرء ان يتكهن مداها ومخاطرها. وان الدول الصغيرة والكيانات الضعيفة في دول العالم الثالث لن تستطيع بمفردها ان تواجه صدمات وتداعيات تلك التحولات الرهيبة. وإن الواقع يلح عليها، وخاصة الدول التي يجمعها مصير مشترك ان تلتحم في كيانات اوسع واشمل تستطيع ان تمثل حالة من القوة تمكنها من العيش بسلام ضمن تلك التحولات المرتقبة، وما سيصاحبها من معطيات جيوسياسية واستقطابات دولية واقليمية. من هنا كان قيام منظمة المؤتمر الاسلامي ضرورة ملحة في المنظومة الفكرية للشيخ جابر الاحمد الذي سخر لقيامها واستمرارية وجودها كل جهوده وامكانيات بلده كتنظيم دولي فعال ضمن التكتلات والتنظيمات الدولية المعترف بها من قبل الامم المتحدة والاسرة الدولية. | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:23 am | |
| جهود الشيخ جابر الأحمد خلال ترأسه لمنظمة المؤتمر الاسلامي
لقد كانت جهود الشيخ جابر الاحمد، خلال ترأسه لمنظمة المؤتمر الاسلامي في دورته الخامسة التي عقدت في الكويت عام 1987م، عديدة ومتشعبة على المستوى الاقليمي والدولي، ارسى خلالها علاقات عمل جيدة لخلق مزيد من التفاعل بين اجهزة المنظمة. كما وسع دائرة الاتصال بالمنظمات الدولية والاقليمية وكانت القضية الفلسطينية تتصدر دوماً تحركاته ونشاطاته اينما اتجه بفكره وعمله.. وفيما يلي شيء من تلك الجهود: ’ بمناسبة اسبوع التضامن مع شعب ناميبيا، وجه الشيخ جابر الاحمد رسالة الى السكرتير العام للامم المتحدة، بصفته رئيساً للدورة الخامسة لمنظمة المؤتمر الاسلامي، اكد فيها بقوة التضامن الثابت للعالم الاسلامي، ودولة الكويت مع شعب ناميبيا، وحركة تحريره الشرعية «سوابو» في نضالها البطولي من اجل ممارسة الحقوق الثابتة، وغير القابلة للتصرف، بما في ذلك تقرير المصير، ونيل الاستقلال. ’حث الشيخ جابر الاحمد مجلس الامن الدولي على القيام بدور رئيسي بالنسبة للتصعيد في حرب المدن بين العراق وايران فقد بعث في الاول من مارس عام 1988م برسائل الى قادة الدول الخمسة عشر الاعضاء في مجلس الامن الدولي. ابلغهم فيها بالتطور المأساوي الجديد في الحرب العراقية الايرانية، واهاب باسم العالم الاسلامي وباسم ما يدعو اليه الاسلام من حب للسلام والاخاء بين ابناء البشرية جمعاء... وهو ايضاً ما دعا اليه جميع الانبياء. وباسم منظمة المؤتمر الاسلامي التي يحمل مسؤولية دورتها الحالية، وبخاصة الاعضاء الدائمون فيها، ان يتذكروا ان كل يوم يتأخرون فيه عن التدخل الفعال لايقاف هذه الحرب يحمل معه المزيد من الضحايا الابرياء من الطرفين المتحاربين. هذا، وقد اعرب عن امله في ان تمثل رسائله هذه الى قادة الدول الاعضاء في مجلس الامن حافزاً اضافياً لهم للتحرك السريع في هذا المجال، وبما يحقق تطلع شعوب العالم اجمع الى السلام في هذه المنطقة التي طالت تطلعاتها الى السلام. ’ بتاريخ 10 ابريل عام 1988 كان للشيخ جابر الاحمد، بوصفه رئيساً للقمة الخامسة لمنظمة المؤتمر الاسلامي، لقاء مع هيئة رئاسة المكتب، ورؤساء اللجان الدائمة بالمنظمة، عقد في قصر المؤتمرات في الكويت. وذلك في سابقة هي الاولى من نوعها في تاريخ المنظمة، حيث طرح خلاله جملة من الافكار تستهدف توثيق الروابط وتكثيف التشاور في القضايا الاسلامية بشكل شمولي، وتنشيط وتنسيق اعمال اللجان والاجهزة المتخصصة التابعة للمنظمة، وعلى وجه الخصوص في متابعتها لتنفيذ القرارات التي اتخذها مؤتمر القمة الاسلامي الخامس. وقد اكد في هذا اللقاء على القضية الفلسطينية بأنها مسؤولية متجددة، وهي كالكائن الحي يعيش برئتين، هما: المقاومة الداخلية والتأييد الخارجي. وكان الشيخ جابر الاحمد بهذا يشير الى ثورة الحجارة في فلسطين، التي وصفها بصوت الحق الذي شق جدار الصمت الذي يحاول الكيان الاسرائيلي فرضه على القضية الفلسطينية. كما اشار في هذا اللقاء الى الحرب الدائرة بين العراق وايران، آملاً ان تتحرر الاذهان من مناهج العدوان الفكري والسياسي والعسكري لتلتقي على التعاون وحسن الجوار، ومرحباً بما اعلنه الاتحاد السوفيتي عن رغبته في الانسحاب من افغانستان، ورأى في ذلك خير عون على قيام نظام حكم في هذا البلد المسلم نابع من ارادته الشعبية، ومسؤول عن تحمل اعباء التعمير والبناء. ويمضي الشيخ جابر الاحمد شارحاً وحاملاً هموم المسلمين بوصفه رئيسا لاكبر تنظيم اقليمي دولي يجمع الدول الاسلامية، ويشد انظار المسلمين اينما كانوا في العالم، حين يقول: «... اتحدث اليكم وعيوننا على اقليم الساحل في غرب افريقيا.. ذلك الاقليم الذي اشتدت فيه المجاعة منذ سنوات، وزحفت عليه الصحراء، ومات فيه ملايين الضحايا..». وفي موضع آخر، يقول: «... وهناك ايضاً في جنوب افريقيا وناميبيا مجاعة من نوع آخر، انها مجاعة الفقر والاستعباد الذي تمارسه السياسة العنصرية ضد الاخوة الافريقيين اصحاب الحق الاول في ارضهم التي تعتبر من اغنى الاقطار في ثرواتها، والتي لا تزال حكومة بريتوريا تفرض طغيانها عليهم فيها، وتصم آذانها عن الاستماع الى صوت الحق والعدل. وهي في هذا لا تختلف عن السياسة الاسرائيلية الباطشة ضد اخواننا المجاهدين في فلسطين..». ’ في النصف الثاني من مايو عام 1988م بعث الشيخ جابر الاحمد برسالة مماثلة موجهة الى كل من الرئيس رونالد ريغان رئيس الولايات المتحدة الامريكية، والى ميخائيل غورباتشيف السكرتير العام للحزب الشيوعي السوفيتي، بمناسبة انعقاد مؤتمر القمة الثنائي بينهما في موسكو، اشار فيها الى تطلع شعوب العالم ومن بينهم شعوب العالم الاسلامي للقائهما. وآمال هذه الشعوب في ان يسود هذا الكوكب السلام والامن والوئام والتعاون لما فيه خير البشرية. ويستطرد مؤكداً على القضية الفلسطينية: «... واننا لنعلم ان لقاءكم يشمل حقوق الانسان والمشكلات الاقليمية، وفي هذا تأكيد لكرامة الانسان والسلام، فالكرامة تاج الانسانية، والسلام غايتها، ومن هذين البابين باب الحق وباب السلام، تدخل الانتفاضة الفلسطينية الى لقائكم..و. ورغم اهتمام الشيخ جابر الاحمد البالغ بالقضية الفلسطينية، فإن اهتمامه بالحرب الدائرة بين ايران والعراق لم تقل اهمية وخطورة اقليمية ودولية، حين يشير في رسالته موضحاً: «... وان الحرب العراقية الايرانية ما زالت مستمرة بكل ما تحمله ايامها واعوامها من ضحايا في الانفس والاموال والعمران، وقد امتدت اخطارها براً وبحراً وجواً رغم صدور قرار مجلس الامن رقم 589 ولا يمكن ان يقوم اي قرار وحده، مهما تكن قيمته، دون ان تتولى اداة تنفيذه، او تفتح الطريق لهذا التنفيذ، وهذا امل آخر نعلقه على لقائكم..». ويمضي في رسالته ليؤكد الدور الفاعل للدولتين في معالجة البؤر المشتعلة التي تسحق البشرية في مناطق عديدة من العالم، وبخاصة في منطقة الشرق الاوسط، فيقول: «ان الدولتين العظيمتين بتكوينهما البشري من اكبر النماذج المتقدمة في عالمنا المعاصر على قبول التنوع في اطار الوحدة، ولهما من تجاربهما ما يعين لبنان، بل اقطار الشرق الاوسط كله على قناعة الوصول الى صيغ من التعايش السلمي بين المذاهب والاديان في اطار الوحدة الوطنية، والاحترام المتبادل، وحسن الجوار، لينطلق منها ازدهار جديد، بعد ان ارهقتها الحروب والعصبيات الضيقة».. بتاريخ 30 اغسطس عام 1988 م، وجّه الشيخ جابر الاحمد، باسم منظمة المؤتمر الاسلامي، الشكر والتحية الى السكرتير العام للأمم المتحدة خافيير بيريز دي كويار لجهوده المكثّفة في تسوية عدد من النزاعات الاقليمية الخطيرة وخاصة في العالم الاسلامي. بتاريخ 22 سبتمبر عام 1988م قام الشيخ جابر الاحمد برحلة سلام باسم اكثر من ألف مليون مسلم في انحاء المعمورة، بادئا زيارته لفرنسا، حيث عقد عددا من الاجتماعات والمباحثات مع الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران، كما واصل مباحثات مكثفة مع المسؤولين الفرنسيين شملت القضايا الاسلامية كافة، لينتقل بعدها الى نيويورك، ويلتقي بتاريخ 26 سبتمبر عام 1988م الرئيس الامريكي رونالد ريغان في مقر اقامته بنيويورك بناء على دعوة منه، حيث تناولت المباحثات بين الزعيمين الامور التي تهم البلدين والقضايا ذات الاهتمام المشترك. وكان الوضع في الخليج العربي والمفاوضات العراقية الايرانية في صلب محادثاته مع الرئيس الامريكي، اضافة الى القضية الفلسطينية، وقضايا المنطقة الساخنة.
وقد توّج الشيخ جابر الاحمد دور الكويت الاسلامي اثناء هذه الزيارة حين وضع حجر الاساس لمئذنة المركز الثقافي الاسلامي في نيويورك، كما تفضل بغرس اول شجرة في فناء المركز، وذلك في احتفال حضره رئيس مجلس الامناء في المركز الاسلامي والامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي. ولتأكيد القول بالعمل، تعهد بان تدفع الكويت الى المركز 000،700 دولار امريكي هي باقي نفقات اتمام مئذنة المركز. إن وللعلم فان الكويت من اوائل الدول التي اسهمت في بناء الجزء الاكبر من هذا المركز، حيث دفعت 8 ملايين دولار امريكي من اصل 5،13 ملايين دولار، هي القيمة الاجمالية للتكلفة. وفي عرض للشيخ جابر الاحمد للخط السياسي الذي سارت فيه منظمة المؤتمر الاسلامي منذ يناير عام 1987م، اورد بعض التطبيقات بصفتها نماذج لهذا الخط جاء ذلك في كلمة له امام وزراء خارجية الدول الاسلامية في نيويورك، حين أشار في دعوته لاجتماع مكتب المنظمة ورؤساء لجانها الدائمة في الكويت في ابريل عام 1988م بانه اراد بهذا التقليد ان يرسي مبدأ اللقاءات فيما بين القمتين.. لقاءات المكتب، ورؤساء اللجان الدائمة، لعله يستطيع ان يتوسع اكثر من ذلك بلقاء يجمع رؤساء اللجان والوحدات والمراكز المنبثقة عن المنظمة، حتى يتم بينهم حوار يساعد على تنسيق الجهود، وإزالة الازدواج في العمل، وتوثيق الصلة بين القائمين على الاجهزة وخاصة المتقاربة في الاختصاص. كما اشار، في هذا الصدد ايضا، برسائله التي وجهها الى الرئيسين رونالد ريغان، وميخائيل غورباتشوف عند لقائهما في ديسمبر عام 1987م ومايو عام 1988م.. تلك الرسائل التي نشرت عالميا في حينها، وتلقى من الزعيمين ردودا ايجابية وكريمة عليها.هذا، وقد انتهى الشيخ جابر الاحمد من عرضه للخط السياسي التي سارت عليه المنظمة، خلال فترة ترؤسه لها، بتقديم اربعة مشروعات هدية من الكويت الى العالم الاسلامي، وهي: الاول: مشروع قاموس القرآن الكريم، وهو اول قاموس يصدر باللغة العربية يجمع الجوانب التشريعية والتاريخية والاثرية والجغرافية والنباتية بالكلمة والصورة والخريطة وقد اشرفت على اعداده مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، والذي سيترجم فيما بعد الى لغات اخرى. الثاني: مشروع اطلس الخدمات الاسلامية، وهو اطلس يضع الاساس العلمي للخدمات في العالم الاسلامي، ويبدأ بالجوانب الصحية والتعليمية والاجتماعية. وقد أشرفت على اعداده وزارة التخطيط بالكويت، متعاونة في ذلك مع الوزارات المختصة، متصلة بالدول الاسلامية، وبالخبراء من هذه الجهات. الثالث: مشروع الطب والقانون والاخلاق، وهو حصاد عدد من الندوات قامت بها المنظمة الاسلامية للعلوم الطبية، جمعت بين رجال الطب، والتشريح الاسلامي، والقانون والاخلاق، لبيان اجتهادات الاسلام في المستجدات الطبية المعاصرة وقد نشر هذا العمل على مستوى عالمي باللغات العربية والانجليزية والفرنسية، وبالتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي. الرابع: مشروع تعارف الشباب الرياضي الاسلامي وقد وضع هذا المشروع بهدف توثيق الصلة بين شباب العالم الاسلامي، وذلك حين بادرت الكويت بتوجيه الدعوة الى لقاء رياضي فوق ارضها باستضافة كاملة، يلتقي فيه شباب عالمنا الاسلامي متآخين متحابين. في 27 سبتمبر عام 1988م، وامام الدورة 43 للجمعية العامة للامم المتحدة القى الشيخ جابر الاحمد خطابا تار يخيا باسم اكثر من الف مليون مسلم في العالم بصفته رئيسا لمنظمة المؤتمر الاسلامي وقد جاءت ابرز محاور ذلك الحديث حول العلاقة بين دول الشمال ودول الجنوب، والتي اصبحت الديون وفوائدها المتزايدة نقطة الارتكاز السلبية في تلك العلاقة، للحصول على انتاجه من المواد الاولية باسعار متدنية، وبيع انتاج الشمال له من مصنوعات وحبوب غذائية باسعار مستمرة في الارتفاع مما تزداد معه الفجوة اتساعا بين الشمال والجنوب. كما دعا الى قيام نظام اقتصادي وانساني جديد، والى مقاومة الارهاب مع ضرورة التفريق بين الارهاب الظالم فرديا كان، ام جماعيا، ام حكوميا. وبين الحق المشروع في الدفاع عن النفس والوطن باعتباره حقا شرعته القوانين الدولية. مؤكدا على دور الامم المتحدة في التصدي للمشكلات العالمية، ودورها في تحقيق امال الشعوب في السلام والحياة الكريمة، ودور الدول والشعوب في دعم هذه المنظومة العالمية.. وفي هذا، يقول الشيخ جابر الاحمد: «لقد تعلق امل الانسانية بهيئة الامم المتحدة منذ انشائها، باعتبارها اعلى المنابر التي تتحدث منها شعوب العالم عن آمال مستقبلها ومشكلات حاضرها، وفي رحابها تلتقي اكثر الدول ثروة وقوة وعلما مع اشدها فقرا وضعفا واحتياجا. والامم المتحدة من العوامل الرئيسية التي حالت دون قيام حرب عالمية ثالثة، وهي المختبر الاكبر للاخاء الانساني والتعاون الدولي، واحلال الحوار والتعايش السلمي محل المواجهة، واذا كان اي جهد عالمي بهذه الضخامة والمسؤولية يحتاج الى مراجعات، فان هذا لا يحول دون العون والدعم المتصل، حتى تقوم الامم المتحدة بمسؤولياتها، فيتوازى تطويرها مع استمرارها». منوها بمنظمة المؤتمر الاسلامي بصفتها شريكا في صنع الحضارة الانسانية، وهي في هذا تسعى للتعاون مع التنظيمات الاقليمية، والمنظمات الدولية صعودا الى الامم المتحدة.. يقول في هذا السياق: «ولقد كان انشاء منظمة المؤتمر الاسلامي عام 1969م بعد جريمة حريق المسجد الاقصى في القدس الشريف، تعبيرا عن اليقظة الاسلامية المعاصرة، ورفضا للعدوان والارهاب، ورغبة في المشاركة في الركب الحضاري العالمي، وجاءت قرارات مؤتمر القمة الاسلامي الخامس الذي شرفت الكويت باستضافته في يناير عام 1987م مؤكدة ما سبقها من مؤتمرات المنظمة، مستجيبة في الوقت ذاته للمتغيرات العالمية التي تمر بها على مستوياتها الشاملة والاقليمية». ويمضي مؤكدا للاسرة الدولية: «ونحن في اطار منظمة المؤتمر الاسلامي نحاول دائبين تنسيق خطانا داخليا وخارجيا على اساس احترام سيادة الوحدات الوطنية والتعاون الاقليمي، ومن امثلته مجلس تعاون دول الخليج العربية، والتعاون الاوسع في جامعة الدول العربية، ولنا تعاوننا مع مجموعة دول الانحياز، ومنظمة الوحدة الافريقية والمجموعة الاوروبية، والدول الكبرى صعودا الى المستوى العالمي في هيئة الامم المتحدة ومنظماتها». | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:24 am | |
| ردود أفعال عالمية على خطاب سموه التاريخي أمام الدورة 43 للجمعية العامة للأمم المتحدة مقترحات الأمير الداعمة لحق الإنسان في العالم الثالث غطت على أحداث الاجتماعات والدول الإسلامية أيدتها الحلقة الثانية والعشرون
لقد حظي الخطاب المنهجي التاريخي، الذي القاه الشيخ جابر الاحمد في 27 سبتمبر عام 1988، امام الدورة 43 للجمعية العامة للامم المتحدة، باهتمام العديد من رؤساء الدول ورؤساء الحكومات، كما كان تعليق الكثيرين من وزراء خارجية دول العالم. ووكالات الانباء والصحف العالمية والعربية، الامر الذي جعل الخطاب، وما ورد فيه من مقترحات داعمة لحق الانسان في دول العالم الثالث، يغطي على احداث دورة الجمعية العامة للامم المتحدة وفيما يلي شيء من تلك المواقف والتعليقات على ما جاء في ذلك الخطاب الذي اعتبر من اهم وثائق الامم المتحدة: ¼ بتاريخ 30 سبتمبر عام 1988 وافق وزراء خارجية الدول الاسلامية بالاجماع على بيان مشترك، يؤيد بقوة الاقتراحات التي عرضها الشيخ جابر الاحمد في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها الثالثة والاربعين باسم منظمة المؤتمر الاسلامي، والتي تمحورت حول اهم القضايا التي تهم العالم الاسلامي، والعالم الثالث بصفة عامة، وخاصة فيما يتعلق بتنظيم العون العلمي والتقني الذي تقدمه دول الشمال الغنية الى دول الجنوب الفقيرة، وكذا المديونيات التي ترزح تحت وطأتها معظم الدول النامية، وخاصة الاشد فقرا، اضافة الى دعوة صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي لاعادة النظر في شروطهما الاقتراضية القاسية على الدول التي تطلب المساعدة لتحسين اوضاعها. ¼ اعلن وزير الخارجية البريطاني جيفري هاو انه يتفق مع سمو امير دولة الكويت على ان الديون المستحقة على الدول النامية تشكل احد اخطر المشاكل التي يجب مواجهتها. وقال في مؤتمر صحفي: «... ان بريطانيا قدمت اقتراحاتها الخاصة للقضاء على جزء من المشكلة عبر ايجاد حلول لديون الدولة الافريقية المتاخمة للصحراء الكبرى. وان رئيسة حكومته السيدة مارجريت تاتشر طرحت تلك الاقتراحات على بساط البحث خلال القمة الصناعية التي عقدت بمدينة «تورنتو» الكندية خلال صيف عام ..1988». واضاف: «... انني سعيد لانه تم التوصل الى اتفاق بهذا الشأن خلال الاجتماعات المشتركة لصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي في مدينة برلين في الاسبوع الماضي...». ¼ بتاريخ 10 اكتوبر عام 1988م، حياً رئيس منظمة الوحدة الافريقية الرئيس المالي موسى تراوري مقترحات الشيخ جابر الاحمد حول ايجاد تعاون اقتصادي اوثق واوسع بين الشمال والجنوب، ووضع اجراءات تسهيل عبء مديونية دول العالم الثالث. وابلغ الرئيس تراوري مؤتمراً صحفياً في نيويورك: «... ان منظمة الوحدة الافريقية ترحب بمقترحات سمو امير دولة الكويت التي وردت في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة بشأن خفض عبء ديون العالم الثالث، وتحسين الوضع الاقتصادي الحرج للدول النامية، وخاصة الدول الافريقية الاكثر فقرا، والغاء الفائدة المستحقة على جميع الديون، واعادة النظر من قبل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي بشروطهما المتشددة على مساعدات التنمية...». ومضى الرئيس تراوري قائلاً: «... انه يتعين التعامل مع مشكلة الديون في اطار التنمية الاقتصادية لجميع الدول الافريقية، وضرورة ان يشارك المجتمع الدولي في حوار مثمر بين الدائنين والمدينين، وذلك في مسعى جاد لايجاد حل مرض لديون افريقيا الخارجية..». ¼ اعرب مدير عام منظمة الامم المتحدة للتنمية الصناعية «دومينجو سيازون» عن تأييد المنظمة للاقتراح الذي تقدم به امير دولة الكويت امام الجمعية العامة بايجاد تعاون بين الدول الدائنة من اجل التوصل الى حلول معقولة لمشكلة الفوائد على الديون التي تعاني منها الدول النامية، والتي تعيق نموها الاقتصادي. ¼ رحبت السوق الاوروبية المشتركة على لسان مفوضها العام «كلود شيسون» بمقترحات امير دولة الكويت بشأن المديونية المستحقة على دول العالم الثالث، ووصفها، في مؤتمر صحفي في القاهرة في 12 نوفمبر عام 1988، بأنها حدث مؤثر ورمزي، وقال: ان ما يثير الاعجاب، هو ما صدر عن رئيس دولة جنوبية قدمت قروضاً لدول نامية وتعرض الغاء جزء منها والكويت ـ بهذا ـ تؤكد تضامنها مع الشعوب الاكثر فقراً، اذ قدمت مساعدات جوهرية وسخية لاغراض التنمية. واعرب عن امله في ان تتجه قمة الدول الصناعية، التي ستعقد في يوليو عام 1989 نحو حل جذري لمشكلة المديونية. ¼ بثت وكالات انباء دول اوروبا الشرقية في نشرتها الرئيسية باللغة الانجليزية، وكذا عدد من وكالات الانباء في دول اوروبا الغربية، مقتطفات مطولة من الخطاب، ركزت فيها على القضايا المهمة والمصيرية التي تناولها الخطاب، وخاصة فيما يتعلق بالحوار بين دول الشمال ودول الجنوب، وازمة الديون التي تعاني منها الدول النامية، ومشكلة دفن النفايات النووية والكيماوية من قبل الدول الصناعية في مناطق متفرقة من دول العالم الثالث. كما ابرزت هذه الوكالات النداء الذي وجهه الشيخ جابر الاحمد الى جميع دول العالم للعمل على اقامة نظام اقتصادي عالمي جديد اكثر توازناً، وعدلاً بين الشعوب. كما اشار تعليق سوفييتي حول الخطاب، واصفاً اياه، بأنه: « كلمة متزنة اثبتت ان الكويت، دولة واميراً، تتمتع عن جدارة بالاحترام والثقة، ليس فقط في الوسط العربي والاسلامي، بل وفي جميع انحاء العالم». من جانب آخر، ابرزت وكالة انباء «نوفستي» في تعليق لها على الخطاب، بأن مقترح الشيخ جابر الاحمد حول اعفاء الدول النامية من الفوائد المستحقة على ديونها، وعقد مؤتمر دولي موسع لبحث قضية الديون.. هذه المقترحات تنسجم مع الرؤية السوفيتية لقضايا التطور الدولي المعاصر وان الاتحاد السوفييتي مثله ـ في ذلك ـ مثل الكويت يعتبر ان قضية الديون واحدة من اهم قضايا العالم الملحة التي لم تحظ بالاهتمام، في الوقت الذي يشكل بقاؤها تهديداً وخطراً من حيث امكان تحولها الى قنبلة اجتماعية بطيئة الانفجار. ووصفت الوكالة مقترحات الشيخ جابر الاحمد بأنها تشكل مخرجاً من مأزق قضية الديون، لاسيما انها تأتي من قبل دولة دائنة، ونامية في الوقت نفسه وعبرت الوكالة عن اتفاق الاتحاد السوفييتي والكويت على حقيقة ان تحسين الوضع المالي، وقيام علاقات دولية طبيعية مرهون بالسرعة التي يتم فيها ادراك هذه الحقيقة في كل القارات. واعتبرت الوكالة موقف الكويت من الارهاب الدولي رؤية منسجمة تماماً مع التصور السوفييتي لهذه القضية الخطيرة، مؤكدة على ان الاتحاد السوفييتي يشاطر دولة الكويت ضرورة الفصل بين الارهاب وبين النضال العادل للشعوب من اجل تقرير مصيرها وحريتها وحقوقها المشروعة. واستدركت، بانه من الضروري، من اجل القضاء على الارهاب، العمل ايضا على ازالة الاسباب التي تولد الصراعات، وينتج عنها الارهاب مؤكدة على ان الاتحاد السوفييتي ودولة الكويت يريان في تصور واشنطن وتل ابيب ان النضال الفلسطيني من اجل نيل حقوقه المشروعة ارهاب، انه محاولة للخلط بين السبب والنتيجة، وقلب الامور رأسا على عقب. واعتبرت الوكالة انه من الاهمية بمكان، في ظل الظروف الدولية الصعبة بالنسبة للفلسطينيين، تبني الموقف الداعم الذي عبر عنه امير دولة الكويت باسم منظمة المؤتمر الاسلامي للانتفاضة الفلسطينية، ولاقامة دولة فلسطينية مستقلة. واشادت الوكالة في ختام تعليقها بمطالبة امير دولة الكويت للاطراف المعنية بالالتزام باتفاقيات جنيف حول التسوية الافغانية، وضمان حق الشعب الافغاني في تقرير طريقة حياته، وكيفية ترتيب علاقاته مع جيرانه. ¼ امتدحت مجموعة الـ 77 في الامم المتحدة مبادرة الشيخ جابر الاحمد لتخفيف عبء الديون على دول العالم الثالث من خلال التعاون بين الشمال والجنوب... جاء ذلك في اجتماع للمجموعة عقد في نيويورك على هامش دورة الجمعية العامة برئاسة وزير خارجية تونس عبد الحميد الشيخ، حيث عبرت عن التقدير والرضا العميقين لمبادرته، واشادت ـ على وجه الخصوص ـ بدعوته للمؤسسات الدولية الى اعادة النظر في شروطها القاسية على الدول التي تسعى للحصول على مساعدات لتحسين اوضاعها الاقتصادية، كما اشادت المجموعة باقتراحه الداعي الى تطوير الموارد البشرية من خلال التوسع في نقل العلوم والتكنولوجيا من الشمال الى الجنوب. ¼ ابلغ المندوب الامريكي الدائم لدى الامم المتحدة «فيرنون وولترز» ان الولايات المتحدة الامريكية ستدرس بعناية الخطة التي اقترحها سمو امير دولة الكويت على المجتمع الدولي من على منبر الامم المتحدة، وخاصة فيما يتعلق بالتعاون بين دول الشمال والجنوب. ¼ وقال: «... ان بلاده اهتمت دائما بهذه العلاقة، وانها تقدم مساهمة كبيرة للغاية للدول النامية تقدر بثلاثة بلايين دولار سنويا، وركز «وولتر» في تعليقه على الخطاب بان الشيخ جابر الاحمد رجل مهم، عميق التفكير، سنكون سعداء بالتأكيد ان ندرس اقتراحه بعناية».... ¼ اكد وزير خارجية المغرب عبد اللطيف الفيلالي على ما ورد في الخطاب في كلمة بلاده امام الجمعية العامة للامم المتحدة قائلا: ... اننا ندعم ما ورد في هذا الخطاب بكل قوة، ونشاطر سمو امير دولة الكويت فيماقدمه للأسرة الدولية من افكار انسانية عملية...». ¼ قال وزير خارجية النمسا نائب المستشار الاتحادي لوس موك:«... ان الخطاب المنهجي والتاريخي الذي القاه سمو امير دولة الكويت، بصفته رئيسا لمنظمة المؤتمر الاسلامي، امام الجمعية العامة للامم المتحدة، كان من ابرز الكلمات التي القيت خلال الدورة الثالثة والاربعين للجمعية العامة للامم المتحدة»... واضاف في حديث أدلى به لوكالة الانباء الكويتية: «... ان خطاب سمو الامير حظي باهتمام مختلف الدول والوفود في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة لكونه تطرق الى جميع القضايا الحاسمة والمهمة التي تواجه عالمنا اليوم، كالتعاون بين الشمال والجنوب، وازمة الديون للدول الفقيرة، ومشكلة الارهاب الدولي، والدعوة الى اقامة نظام اقتصادي عالمي جديد اكثر توازنا»... واوضح موك: «... ان ما لفت انتباه الوفود، التي حضرت جلسات الجمعية العامة للامم المتحدة ان سمو الامير منح مكانة لقضايا ما يسمى بالعالم الثالث في خطابه المهم، وابرز بذلك تضامن الدول العربية والاسلامية مع الدول الفقيرة، وتأييدها للبحث عن الحلول المطلوبة لمشكلاتها»... واكد في حديثه: «... ان للنمسا وجهة نظر مطابقة لما اقترحه سمو امير دولة الكويت لمعالجة ازمة الديون في الدول النامية ووصف الاقتراح بانه مثالي. لان كل دولة في العالم تعاني في الحقيقة من مشاكل انمائية، بغض النظر عن مستوى النمو الحالي الذي حققته حتى الآن، وعن دخلها القومي الاجمالي في الوقت الحاضر»... وقال موك: «... ان القضايا التي تطرق لها الامير في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة، والمقترحات العملية التي طرحها سموه للبحث عن حلول ايجابية لمختلف المشاكل المعلقة في الساحة الدولية، ستكون ايضا من القضايا التي ستتناولها مباحثاته مع كبار المسؤولين في الحكومة الكويتية، وذلك خلال الزيارة التي من المقرر ان يقوم بها الرئيس النمساوي كورت فالدهايم للكويت خلال الفترة من 31 اكتوبر حتى الثالث من نوفمبر عام 1998م»... واوضح موك: «... انه سيرافق رئيس الجمهورية في هذه الزيارة الرسمية الى الكويت، والتي ستكون مسبوقة بزيارة رسمية الى سورية ايضا، مؤكدا ان المباحثات سوف تتركز بالدرجة الاولى على العلاقات الثنائية بين النمسا والكويت، والسبل الكفيلة بتعزيزها في شتى المجالات، وبخاصة السياسية والاقتصادية والثقافية»... واضاف: «... ان حكومته تولي اهمية كبرى لموقف الكويت من التطورات الراهنة في منطقة الخليج العربي، وبخاصة بعد التوصل الى وقف اطلاق النار في الحرب العراقية ـ الايرانية، وامكانية تحويل وقف اطلاق النار الى «سلام حقيقي ودائم» في المنطقة»... وقال: «... ان موقف الكويت مهم جدا بالنسبة الى الموقف العربي ككل، ازاء مشروع عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الاوسط، نظرا للدور المهم الذي تضطلع به الكويت في منطقة الخليج العربي، والعالم العربي بشكل عام»... | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:25 am | |
| ردود أفعال عالمية على خطاب سموه التاريخي أمام الدورة 43 للجمعية العامة للأمم المتحدة مقترحات الأمير الداعمة لحق الإنسان في العالم الثالث غطت على أحداث الاجتماعات والدول الإسلامية أيدتها الحلقة الثانية والعشرون
لقد حظي الخطاب المنهجي التاريخي، الذي القاه الشيخ جابر الاحمد في 27 سبتمبر عام 1988، امام الدورة 43 للجمعية العامة للامم المتحدة، باهتمام العديد من رؤساء الدول ورؤساء الحكومات، كما كان تعليق الكثيرين من وزراء خارجية دول العالم. ووكالات الانباء والصحف العالمية والعربية، الامر الذي جعل الخطاب، وما ورد فيه من مقترحات داعمة لحق الانسان في دول العالم الثالث، يغطي على احداث دورة الجمعية العامة للامم المتحدة وفيما يلي شيء من تلك المواقف والتعليقات على ما جاء في ذلك الخطاب الذي اعتبر من اهم وثائق الامم المتحدة: ¼ بتاريخ 30 سبتمبر عام 1988 وافق وزراء خارجية الدول الاسلامية بالاجماع على بيان مشترك، يؤيد بقوة الاقتراحات التي عرضها الشيخ جابر الاحمد في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها الثالثة والاربعين باسم منظمة المؤتمر الاسلامي، والتي تمحورت حول اهم القضايا التي تهم العالم الاسلامي، والعالم الثالث بصفة عامة، وخاصة فيما يتعلق بتنظيم العون العلمي والتقني الذي تقدمه دول الشمال الغنية الى دول الجنوب الفقيرة، وكذا المديونيات التي ترزح تحت وطأتها معظم الدول النامية، وخاصة الاشد فقرا، اضافة الى دعوة صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي لاعادة النظر في شروطهما الاقتراضية القاسية على الدول التي تطلب المساعدة لتحسين اوضاعها. ¼ اعلن وزير الخارجية البريطاني جيفري هاو انه يتفق مع سمو امير دولة الكويت على ان الديون المستحقة على الدول النامية تشكل احد اخطر المشاكل التي يجب مواجهتها. وقال في مؤتمر صحفي: «... ان بريطانيا قدمت اقتراحاتها الخاصة للقضاء على جزء من المشكلة عبر ايجاد حلول لديون الدولة الافريقية المتاخمة للصحراء الكبرى. وان رئيسة حكومته السيدة مارجريت تاتشر طرحت تلك الاقتراحات على بساط البحث خلال القمة الصناعية التي عقدت بمدينة «تورنتو» الكندية خلال صيف عام ..1988». واضاف: «... انني سعيد لانه تم التوصل الى اتفاق بهذا الشأن خلال الاجتماعات المشتركة لصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي في مدينة برلين في الاسبوع الماضي...». ¼ بتاريخ 10 اكتوبر عام 1988م، حياً رئيس منظمة الوحدة الافريقية الرئيس المالي موسى تراوري مقترحات الشيخ جابر الاحمد حول ايجاد تعاون اقتصادي اوثق واوسع بين الشمال والجنوب، ووضع اجراءات تسهيل عبء مديونية دول العالم الثالث. وابلغ الرئيس تراوري مؤتمراً صحفياً في نيويورك: «... ان منظمة الوحدة الافريقية ترحب بمقترحات سمو امير دولة الكويت التي وردت في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة بشأن خفض عبء ديون العالم الثالث، وتحسين الوضع الاقتصادي الحرج للدول النامية، وخاصة الدول الافريقية الاكثر فقرا، والغاء الفائدة المستحقة على جميع الديون، واعادة النظر من قبل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي بشروطهما المتشددة على مساعدات التنمية...». ومضى الرئيس تراوري قائلاً: «... انه يتعين التعامل مع مشكلة الديون في اطار التنمية الاقتصادية لجميع الدول الافريقية، وضرورة ان يشارك المجتمع الدولي في حوار مثمر بين الدائنين والمدينين، وذلك في مسعى جاد لايجاد حل مرض لديون افريقيا الخارجية..». ¼ اعرب مدير عام منظمة الامم المتحدة للتنمية الصناعية «دومينجو سيازون» عن تأييد المنظمة للاقتراح الذي تقدم به امير دولة الكويت امام الجمعية العامة بايجاد تعاون بين الدول الدائنة من اجل التوصل الى حلول معقولة لمشكلة الفوائد على الديون التي تعاني منها الدول النامية، والتي تعيق نموها الاقتصادي. ¼ رحبت السوق الاوروبية المشتركة على لسان مفوضها العام «كلود شيسون» بمقترحات امير دولة الكويت بشأن المديونية المستحقة على دول العالم الثالث، ووصفها، في مؤتمر صحفي في القاهرة في 12 نوفمبر عام 1988، بأنها حدث مؤثر ورمزي، وقال: ان ما يثير الاعجاب، هو ما صدر عن رئيس دولة جنوبية قدمت قروضاً لدول نامية وتعرض الغاء جزء منها والكويت ـ بهذا ـ تؤكد تضامنها مع الشعوب الاكثر فقراً، اذ قدمت مساعدات جوهرية وسخية لاغراض التنمية. واعرب عن امله في ان تتجه قمة الدول الصناعية، التي ستعقد في يوليو عام 1989 نحو حل جذري لمشكلة المديونية. ¼ بثت وكالات انباء دول اوروبا الشرقية في نشرتها الرئيسية باللغة الانجليزية، وكذا عدد من وكالات الانباء في دول اوروبا الغربية، مقتطفات مطولة من الخطاب، ركزت فيها على القضايا المهمة والمصيرية التي تناولها الخطاب، وخاصة فيما يتعلق بالحوار بين دول الشمال ودول الجنوب، وازمة الديون التي تعاني منها الدول النامية، ومشكلة دفن النفايات النووية والكيماوية من قبل الدول الصناعية في مناطق متفرقة من دول العالم الثالث. كما ابرزت هذه الوكالات النداء الذي وجهه الشيخ جابر الاحمد الى جميع دول العالم للعمل على اقامة نظام اقتصادي عالمي جديد اكثر توازناً، وعدلاً بين الشعوب. كما اشار تعليق سوفييتي حول الخطاب، واصفاً اياه، بأنه: « كلمة متزنة اثبتت ان الكويت، دولة واميراً، تتمتع عن جدارة بالاحترام والثقة، ليس فقط في الوسط العربي والاسلامي، بل وفي جميع انحاء العالم». من جانب آخر، ابرزت وكالة انباء «نوفستي» في تعليق لها على الخطاب، بأن مقترح الشيخ جابر الاحمد حول اعفاء الدول النامية من الفوائد المستحقة على ديونها، وعقد مؤتمر دولي موسع لبحث قضية الديون.. هذه المقترحات تنسجم مع الرؤية السوفيتية لقضايا التطور الدولي المعاصر وان الاتحاد السوفييتي مثله ـ في ذلك ـ مثل الكويت يعتبر ان قضية الديون واحدة من اهم قضايا العالم الملحة التي لم تحظ بالاهتمام، في الوقت الذي يشكل بقاؤها تهديداً وخطراً من حيث امكان تحولها الى قنبلة اجتماعية بطيئة الانفجار. ووصفت الوكالة مقترحات الشيخ جابر الاحمد بأنها تشكل مخرجاً من مأزق قضية الديون، لاسيما انها تأتي من قبل دولة دائنة، ونامية في الوقت نفسه وعبرت الوكالة عن اتفاق الاتحاد السوفييتي والكويت على حقيقة ان تحسين الوضع المالي، وقيام علاقات دولية طبيعية مرهون بالسرعة التي يتم فيها ادراك هذه الحقيقة في كل القارات. واعتبرت الوكالة موقف الكويت من الارهاب الدولي رؤية منسجمة تماماً مع التصور السوفييتي لهذه القضية الخطيرة، مؤكدة على ان الاتحاد السوفييتي يشاطر دولة الكويت ضرورة الفصل بين الارهاب وبين النضال العادل للشعوب من اجل تقرير مصيرها وحريتها وحقوقها المشروعة. واستدركت، بانه من الضروري، من اجل القضاء على الارهاب، العمل ايضا على ازالة الاسباب التي تولد الصراعات، وينتج عنها الارهاب مؤكدة على ان الاتحاد السوفييتي ودولة الكويت يريان في تصور واشنطن وتل ابيب ان النضال الفلسطيني من اجل نيل حقوقه المشروعة ارهاب، انه محاولة للخلط بين السبب والنتيجة، وقلب الامور رأسا على عقب. واعتبرت الوكالة انه من الاهمية بمكان، في ظل الظروف الدولية الصعبة بالنسبة للفلسطينيين، تبني الموقف الداعم الذي عبر عنه امير دولة الكويت باسم منظمة المؤتمر الاسلامي للانتفاضة الفلسطينية، ولاقامة دولة فلسطينية مستقلة. واشادت الوكالة في ختام تعليقها بمطالبة امير دولة الكويت للاطراف المعنية بالالتزام باتفاقيات جنيف حول التسوية الافغانية، وضمان حق الشعب الافغاني في تقرير طريقة حياته، وكيفية ترتيب علاقاته مع جيرانه. ¼ امتدحت مجموعة الـ 77 في الامم المتحدة مبادرة الشيخ جابر الاحمد لتخفيف عبء الديون على دول العالم الثالث من خلال التعاون بين الشمال والجنوب... جاء ذلك في اجتماع للمجموعة عقد في نيويورك على هامش دورة الجمعية العامة برئاسة وزير خارجية تونس عبد الحميد الشيخ، حيث عبرت عن التقدير والرضا العميقين لمبادرته، واشادت ـ على وجه الخصوص ـ بدعوته للمؤسسات الدولية الى اعادة النظر في شروطها القاسية على الدول التي تسعى للحصول على مساعدات لتحسين اوضاعها الاقتصادية، كما اشادت المجموعة باقتراحه الداعي الى تطوير الموارد البشرية من خلال التوسع في نقل العلوم والتكنولوجيا من الشمال الى الجنوب. ¼ ابلغ المندوب الامريكي الدائم لدى الامم المتحدة «فيرنون وولترز» ان الولايات المتحدة الامريكية ستدرس بعناية الخطة التي اقترحها سمو امير دولة الكويت على المجتمع الدولي من على منبر الامم المتحدة، وخاصة فيما يتعلق بالتعاون بين دول الشمال والجنوب. ¼ وقال: «... ان بلاده اهتمت دائما بهذه العلاقة، وانها تقدم مساهمة كبيرة للغاية للدول النامية تقدر بثلاثة بلايين دولار سنويا، وركز «وولتر» في تعليقه على الخطاب بان الشيخ جابر الاحمد رجل مهم، عميق التفكير، سنكون سعداء بالتأكيد ان ندرس اقتراحه بعناية».... ¼ اكد وزير خارجية المغرب عبد اللطيف الفيلالي على ما ورد في الخطاب في كلمة بلاده امام الجمعية العامة للامم المتحدة قائلا: ... اننا ندعم ما ورد في هذا الخطاب بكل قوة، ونشاطر سمو امير دولة الكويت فيماقدمه للأسرة الدولية من افكار انسانية عملية...». ¼ قال وزير خارجية النمسا نائب المستشار الاتحادي لوس موك:«... ان الخطاب المنهجي والتاريخي الذي القاه سمو امير دولة الكويت، بصفته رئيسا لمنظمة المؤتمر الاسلامي، امام الجمعية العامة للامم المتحدة، كان من ابرز الكلمات التي القيت خلال الدورة الثالثة والاربعين للجمعية العامة للامم المتحدة»... واضاف في حديث أدلى به لوكالة الانباء الكويتية: «... ان خطاب سمو الامير حظي باهتمام مختلف الدول والوفود في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة لكونه تطرق الى جميع القضايا الحاسمة والمهمة التي تواجه عالمنا اليوم، كالتعاون بين الشمال والجنوب، وازمة الديون للدول الفقيرة، ومشكلة الارهاب الدولي، والدعوة الى اقامة نظام اقتصادي عالمي جديد اكثر توازنا»... واوضح موك: «... ان ما لفت انتباه الوفود، التي حضرت جلسات الجمعية العامة للامم المتحدة ان سمو الامير منح مكانة لقضايا ما يسمى بالعالم الثالث في خطابه المهم، وابرز بذلك تضامن الدول العربية والاسلامية مع الدول الفقيرة، وتأييدها للبحث عن الحلول المطلوبة لمشكلاتها»... واكد في حديثه: «... ان للنمسا وجهة نظر مطابقة لما اقترحه سمو امير دولة الكويت لمعالجة ازمة الديون في الدول النامية ووصف الاقتراح بانه مثالي. لان كل دولة في العالم تعاني في الحقيقة من مشاكل انمائية، بغض النظر عن مستوى النمو الحالي الذي حققته حتى الآن، وعن دخلها القومي الاجمالي في الوقت الحاضر»... وقال موك: «... ان القضايا التي تطرق لها الامير في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة، والمقترحات العملية التي طرحها سموه للبحث عن حلول ايجابية لمختلف المشاكل المعلقة في الساحة الدولية، ستكون ايضا من القضايا التي ستتناولها مباحثاته مع كبار المسؤولين في الحكومة الكويتية، وذلك خلال الزيارة التي من المقرر ان يقوم بها الرئيس النمساوي كورت فالدهايم للكويت خلال الفترة من 31 اكتوبر حتى الثالث من نوفمبر عام 1998م»... واوضح موك: «... انه سيرافق رئيس الجمهورية في هذه الزيارة الرسمية الى الكويت، والتي ستكون مسبوقة بزيارة رسمية الى سورية ايضا، مؤكدا ان المباحثات سوف تتركز بالدرجة الاولى على العلاقات الثنائية بين النمسا والكويت، والسبل الكفيلة بتعزيزها في شتى المجالات، وبخاصة السياسية والاقتصادية والثقافية»... واضاف: «... ان حكومته تولي اهمية كبرى لموقف الكويت من التطورات الراهنة في منطقة الخليج العربي، وبخاصة بعد التوصل الى وقف اطلاق النار في الحرب العراقية ـ الايرانية، وامكانية تحويل وقف اطلاق النار الى «سلام حقيقي ودائم» في المنطقة»... وقال: «... ان موقف الكويت مهم جدا بالنسبة الى الموقف العربي ككل، ازاء مشروع عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الاوسط، نظرا للدور المهم الذي تضطلع به الكويت في منطقة الخليج العربي، والعالم العربي بشكل عام»... | |
|
| |
AL.5'9RY Admin
عدد الرسائل : 308 الوظيفه : مدير اعمال إبليس :p رقم العضويه : 6 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته الجمعة يوليو 04, 2008 12:25 am | |
| جمال عبدالناصر (في الستينات): الكويت الشمعة المضيئة في العالم العربي الأمير: مبادىء عدم الانحياز مثلت أماني الشعوب لتحقيق سلام المساواة ودعم الحق ومواجهة الطغيان الحلقة الثالثة والعشرون
وما زلنا مع ردود الفعل على مؤتمر القمة الاسلامي ومع خطاب سمو الامير الذي سطر فيه آماله وتطلعاته لغد العالم الاسلامي فيقول «ان الانتاج طريق الكرامة والسعي فيه عبادة وان جهد الزارع والعامل روافد تلتقي مع جهود العلماء في بناء الحياة الاسلامية ومن حولها حصون من عزمات الشباب تحفظ الاوطان من اي عدوان». وفي هذا السياق يسترسل قائلا:«.. اننا نأمل ان يتسع هذا الانتاج وتعمق قواعده، وتمتد افاقه الى المشاركة في البحث العلمي، وان يتم هذا كله بتنسيق بين الاجهزة على مستوى العالم الاسلامي، وبتعاون عالمي لا يمكن للبحث ان يسير دونه، وهذا هو طريق الاسلام وهو طريق السلام. وانني اتطلع الى اليوم الذي يلتقي فيه علماء الاسلام على دستور عمل يجمع المسلمين في ساحة اخاء تحررت من الصراعات المذهبية وتوجهت الى بناء مستقبل الاسلام..». في 19 اكتوبر عام 1989م وبصفته رئيسا لمنظمة المؤتمر الاسلامي اصدر الشيخ جابر الاحمد بيانا بشأن الاعتداء على المسجد الاقصى جاء فيه «تابعنا بقلق بالغ المحاولات الاستفزازية التي اقدم عليها النظام الصهيوني بوضع حجر الاساس لما يسميه بتجديد هيكل سليمان عند المسجد الاقصى في القدس الشريف وهذا الحدث الذي يهز مشاعر المسلمين انما هو تحد سافر للاسلام والعقيدة الاسلامية واننا باسم منظمة المؤتمر الاسلامي التي تمثل عالمنا الاسلامي اذ نهيب بشعوب العالم ودوله وجميع المؤسسات والمجموعات والمنظمات الدولية، وعلى رأسها هيئة الامم المتحدة، ان توقف هذا الاعتداء فاننا نتطلع الى ان تتخذ موقفا حازما ضده وتزاول الضغوط كافة لمنع النظام الصهيوني من تنفيذ جريمته النكراء كما قام من قبل باحراق المسجد الاقصى المبارك. واختتم بيانه مؤكدا «ان هذا الاعتداء الخطير على المسجد الاقصى الذي يحتل مكانته المقدسة السامية لدى المسلمين جميعا، ستكون له انعكاساته الخطيرة على مجمل الاوضاع في العالم العربي والاسلامي في وقت تتضافر فيه جميع الجهود على معالجة الوضع المتفجر في الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة وتهيئة الجو لتأمين الامن والسلام في هذه المنطقة على اسس المبادىء الدولية الداعية الى ضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بقيام دولته واستعادة مقدساته..». بتاريخ 29 اكتوبر عام 1989 م حذر الشيخ جابر الاحمد باسم الكويت وبصفته رئيسا لمنظمة المؤتمر الاسلامي اسرائيل من مغبة اعمال الطيش والتحدي الاجرامي للامة الاسلامية ومشاعرها، مؤكدا استنكاره وادانته لهذه التصرفات. وجاء ذلك في رسالة وجهها الى اللجنة الدولية المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. قائلا: «.. ان ابطال الانتفاضة الفلسطينية الصامدين في وجه الاحتلال الغاشم بحاجة ماسة لكم وللجهود كافة ومساندة امثالكم من المناصرين للحق والمدافعين عن قضايا الشعوب العادلة». داعيا الى تحويل مظاهرات التضامن البلاغية والنظرية في المحافل وعلى سطور الصفحات، الى تحرك عملي ملموس على ارض المعركة، او الى طاولة التفاوض اذا ما رضخ المحتل لخيار السلام، مؤكدا على ضرورة عقد المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الاوسط الذي اقرته الاسرة الدولية دربا للتسوية، وطريقا لحل القضية التي تشكل جوهر ولب النزاع في الشرق الاوسط. بمناسبة احتفال منظمة المؤتمر الاسلامي بمرور عشرين عاما على انشائها وجه الشيخ جابر الاحمد رئيس المنظمة كلمة الى المسلمين في جميع ارجاء العالم منوها:«بان المنظمة تحمل مسؤولية مستمرة في تجويد صورة الاسلام في العالم المعاصر ولهذه الصورة مستوى وطني ومستوى شمولي، فعلى المستوى الوطني نحن نتمسك بالاحترام الكامل لاستقلال كل دولة في المنظمة وحقها في اختيار النظام الذي تعيش به وعلى المستوى الشمولي فان التعددية باتت من ابرز سمات العصر الحاضر وعلينا مع التسليم بها ان نتابع السعي بين الدول الاعضاء حتى تكتمل عناصر السلام وحسن الجوار». ومن جانب اخر اكد الشيخ جابر الأحمد على ان من مسؤوليات المنظمة ان تقوي خطوط اتصالها بالاقليات والجاليات الاسلامية مشيرا الى ان تنمية الانسان المسلم مسؤولية متجددة يتعاون فيها المستويان الوطني والشمولي، وان حوار الحضارات جزء مهم في انشطة العصور ودور الاسلام به قائم وهو دور يعني ان يرتكز على حيوية الاسلام في نفوس اهله واضاءته مستقبلهم وتعاونه مع حقائق الحياة. كما نوه في نهاية كلمته بأن رسالة الرحمة الالهية تصل الى البشر من خلال بسمة السعادة على وجه الطفل او نظرة الرضا على وجه محتاج زالت كربته او مظلوم عاد الىه حقه، او غائب عاد الى وطنه هذا، وقد طلبت البعثة الدائمة لدولة الكويت لدى الامم المتحدة من السكرتير العام للامم المتحدة بتاريخ 7 فبراير عام 1990 م تعميم نص الكلمة على الدورة الخامسة والاربعين للجمعية العامة للامم المتحدة بوصفها وثيقة رسمية من وثائق الجمعية العامة في اطار البندين المعنونين «التعاون بين الامم المتحدة ومنظمة المؤتمر الاسلامي » و«قضية فلسطين». بتاريخ 5 يناير 1991م بعث الشيخ جابر الاحمد بصفته رئيسا للدورة الخامسة لمنظمة المؤتمر الاسلامي ميدالية ذهبية الى السكرتير العام للامم المتحدة خافيير بيريز دي كويلار، وذلك بمناسبة الذكرى السنوية العشرين لتأسيس المنظمة وقد قام بتسليم الميدالية الى دي كويلار مندوب الكويت الدائم لدى الامم المتحدة السفير محمد ابو الحسن مشفوعة برسالة جاء فيها «ان النظام العراقي قام بنهب 46 ميدالية ذهبية للدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي الامر الذي استدعى اعادة سكها كما ان احتفالات الذكري العشرين التي كان يترأسها قد تأجلت بسبب احتلال الكويت». وقد اثنى دي كويلار على هذه الجهود الطيبة التي اعطت دفعة قوية لنشاطات منظمة المؤتمر الاسلامي، وتحركاتها على الساحة الدولية، وجعلت قضايا العالم الاسلامي ودول العالم الثالث - بصفة عامة - تتصدر اهتمامات الامم المتحدة مؤكدا تفهمه الكامل لما اصاب الكويت من محنة العدوان والاحتلال العراقي. وفي مطلع فبراير عام 1991 م كان للشيخ جابر الاحمد كلمة امام الاجتماع المشترك للدول الاعضاء في هيئتي مكتبي مؤتمر القمة الاسلامي الخامس، والمؤتمر التاسع عشر لوزراء خارجية الدول الاسلامية الذي عقد في القاهرة جاء فيها «ان الكويت البلد العربي المسلم لا يزال يئن ويرزح منذ الثاني من اغسطس 1990 م تحت وطأة الاحتلال العراقي ويتعرض الشعب الكويتي البريء لابشع الممارسات اللاانسانية على يد سلطات الاحتلال العراقية وان ما تشهده منطقتنا بتواصل الحرب المشروعة لتحرير الكويت والتي جاءت تنفيذا لقرار مجلس الامن رقم 678 لاجبار النظام العراقي على الامتثال للشرعية الدولية انما تمثل - بحق - جهدا دوليا مشروعا في مواجهة التعنت والرفض العراقي المتواصل لكل النداءات الدولية». مما سبق كله نستطيع القول : ان الشيخ جابر الاحمد خلال فترة توليه مهام رئاسة منظمة المؤتمر الاسلامي لثلاث سنوات متتالية اعتبارا من يناير عام 1987 م قد بذل جهودا كبيرة - على جميع المستويات - من اجل اعلاء كلمة الاسلام وشأن المسلمين وايجاد موقع مميز للاسرة الاسلامية ضمن التحولات والمستجدات التي برزت على الساحة الدولية بانهيار المنظومة الاشتراكية والدعوة لاقامة نظام عالمي جديد. وفي هذا يقول عبداللطيف البحر «مع النجاح الباهر الذي حققه مؤتمر القمة الاسلامية الخامس فان قادة وزعماء المسلمين في كل مكان اعلنوا عن بالغ التقدير لجهود سمو الشيخ جابر الاحمد والجهد الكويتي والذي قاده سموه لبلوغ تلك النتائج الخيرة التي توصل اليها المؤتمر، فضلا عن قيادة مسيرة العمل الاسلامي التي آلت الى سموه على مدى ثلاث السنوات كي يتابع الانجازات المطلوبة، وينفذ القرارات الصادرة عن خمسة مؤتمرات من اجل تحقيق اهداف منظمة المؤتمر الاسلامي وفي سبيل خدمة المسلمين ورعاية مصالحهم والحفاظ على حقوقهم والاستمرار في حمل رسالتهم الانسانية وخيرها، وامن واستقرار وسلام البشرية والعالم. وفي القمة ا لسادسة لمنظمة المؤتمر الاسلامي التي عقدت في مدينة «دكار» عاصمة السنغال في الفترة من 9 - 11 ديسمبر عام 1991 كان للشيخ جابر الاحمد كلمة القاها في الجلسة الافتتاحية للقمة استعرض فيها باسهاب انجازات المنظمة خلال فترة رئاسته لها، موجها اعتذاره لقادة الدول الاسلامية حين اشار :«انني اسجل شعوري بالتقصير في تحقيق ما كنت اطمح اليه في المدة التي شرفت فيها برئاسة القمة الاسلامية الخامسة فقد كانت امالي - شخصيا - كبيرة واعلم ان آمال الامة كانت اكبر ولكن لا يعلم الغيب الا الله..». وتتواصل مسيرة منظمة المؤتمر الاسلامي وتعقد القمة السابعة في الدار البيضاء بالمملكة المغربية ويؤكد قادة العالم الاسلامي من جديد على القرارات السابقة للقمم الاسلامية التي تدعو العراق الى ضرورة الالتزام والتنفيذ الكامل لقرارات مجلس الامن الدولي كافة المتصلة بحرب تحرير الكويت وبخاصة ما يتعلق منها بالاسرى والمرتهنين الكويتيين وغيرهم من الدول الاخرى. | |
|
| |
| سيره الشيخ جابر رحمه الله واسكنه فسيح جناته | |
|